**محمد كوني : شذرات من سيرة الاُبن العائد **

**محمد كوني : شذرات من سيرة الاُبن العائد **

  • سعيد بو الشنب

شاعَ حينا من الدّهور أنّ الفلسفةَ أمّ العلوم.لكنّ الفيلسوف عبد الله العروي أهدى المكتبة العربيّة روايتيْ ” الغربة” و ” اليتيم” و أستاذ الرّياضيات الصّحبي الكرعاني أهدى قريته ” عين حمد” رائعته “دفاتر الجيلاني” و أستاذ الاُقتصاد محمد كوني يعودُ في عطلة الرّبيع هذه إلى” مدنين” حاملا لها روايته البِكرَ ” العزف على أوتار الثّلج” الّتي ظلّت حبيسة أرشيفه و أرشيف بيروقراطيّة دور النّشر عشرين سنة ثمّ كان لا بدَّ أن تنشر .

عرفتُ محمّد كوني منذ مطلع التّسعينات فتى ينحتُ في الصّخر كي يعيش و يتعلّم و كان ناشطا في دار الثّقافة زمنَ ” عمر خشيرة” و فاعلا في قافلة الشّعراء الّتي بعثها الشّاعر “ضو ضيف الله” فكانَ مِنْ حُدَاتِها مثل عبد الله أبي العبّاس و محمّد حسن و سمير فريفيطة و سعيد بوالشنب و آخرين يَرُودونَ المعاهد يقرؤون ما تيسَّرَ مِن شعرهم الحكيم و يعرضون أحلامهم على أصدقائهم القليلين.

ثمّ اُختفى محمّد كوني عن باصرتي حينا مِن الدّهر يبلُغُ ربع قرن رأيته فيه مرّات تُعدُّ على الأصابع و  كنتُ أسمع عنه بعض الأخبار غير المكتملة  تذروها ألسنة العابرين لكنّها سارّة حيث أصبح ذلك الطفلُ الفقير اليتيم الّذي يقطع مسافات طويلة في طرق مُترِبة خاليَ الوِفاض إلّا مِن ملاليم تَسُدُّ بعض الرّمق و مِن أحلام كبيرة تتحدّى العجز و الوِحدة و الخصاصة….نعم أصبح ذلك الطّفلُ الفقير الوحيد أستاذا محاضرا في الاُقتصاد السّياسيّ في الجامعة التونسيّة و خبيرا و مستشارا على فترات لدى الأمم المتّحدة و البنك الدّولي…و في الجامعة التونسيّة كان ولِعًا بالعلّامة اُبن خلدون فأدرجَ فتوحاته في الاُقتصاد و العمران و المعاش في دروسه الجامعيّة و هو مِن القلائل الّذين اُنتهجوا  ذلك خاصّة في تونس أمّا في أروبّا فقد نشر كتابين باللّغة الفرنسيّة و هما محاولتان لتأصيل البعد الأخلاقيّ في النّظام الرأسماليّ ردّا على جُنوح هذه الرّأسماليّة نحو البُعد المتوحّش الّذي لا يرى في الإنسان إلّا مستهلكا و في الأمم إلّا مجالا حيويّا و حدائق خلفيّة .

البارحة جلستُ مع هذا الصّديق و فاجأني بمتابعته و إكباره للحراك الثقافيّ في مدنين في الفترة الأخيرة معتبرا أنّه لا نظيرَ له خاصّة في المدن الداخليّة و قد أسعدتني هذه الملاحظة لأنّ جهود عبد العزيز الغزال و المختار الورغميّ و الهادي القاسمي و الفتحي الرّحماني و عبد الجليل حمودة و عبد الكريم الجماعي و سعيد السّاري  لطيف شنهي و إبراهيم العرف و الحبيب بوكوبةو جوهر أولادحمودة و فاطمة بلهوشات و سمير عتيق و غيرهم بدأت تسري و تنتشر .

محمّد الكوني هو رجل اُقتصاد و معرفة و أدب يعودُ إلى أمّه ” مدنين” في عطلة الرّبيع هذه فيقرعُ باب المدينة هاتفا”اِقرؤوا كتابيَهْ” .

محمّد كوني قصّة كفاح و كتاباته حكاية نجاح و فلاح.

محمّد كوني مرحبا بك في ربوع المدينة  و في حقول الأدب و مرحبا بروايتك” العزف على أوتار الثّلج ” الّتي سأقرؤها باحثا عنّي و عن شيء يُشبهني….محبّات لا تزول  و وردات لا تذبُل.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :