- صافيناز المحجوب :: درنة
منذ المرحلة الابتدائية كنا نقرأ ونسمع عن الخبرات التي تهاجر تاركة ليبيا أو الطلبة الذين يكملون دراستهم ويبقون في بلد أجنبي وكنا فيما بيننا نقول إنهم لا وطنية لديهم كيف يهجرون بلدا في أمس الحاجة لهم ويبقون عند الأجنبي وكبرنا وبدأت عقولنا تدرس معطيات الواقع ووضعتنا الحياة تحت ضغط بل ضغوطات عديدة ومع محاولاتنا المتكررة للحصول علي حياة تلائم طموحنا وترضي رغبتنا في العيش المثالي وطردنا لفكرة الهجرة أو اللجوء إلى بلد غير ليبيا إلا أن الواقع يسوقنا نحو الهروب نحو السفر نحو المغادرة نحو الترك كم من اللوم ألقيناه على من ركبوا زوارق الموت بحثا عن حياة كريمة ولمناهم لوما شديدا على هذه الخطوة الخطيرة ولكن هل منا من حاول أن يضع نفسه مكانهم ويعيش عيشتهم تلك هاربين نازحين من الفقر من الحرب من الدمار باحثين عن حياة تلائمهم كبشر على أقل تقدير ؟ مجرد مقارنة بسيطة بين ما يعيشة الليبي ويعيشه فرد آخر في دولة أخرى لا تختلف عن ليبيا كثيرا من حيث الإمكانيات سنجد أن الإنسان الليبي يعاني أشد المعاناة ضاعت أموال الليبيين هباءً هنا وهناك والمواطن كادح يشقى يتعب يعاني في اليوم ألف مرة بل في كل ثانية يتنفس فيها يشعر بأنه يعامل معاملة الشاة المحمولة للذبح يساق سوقا في حياة يجري فيها وراء سراب لا يشغله إلا توفير لقمة العيش لم نصل للدرجة التي نهتم أو تكون من أولوياتنا تثقيف أنفسنا أو تطوير قدراتنا لا لا كل ذلك ليس موجودا ولا يمكن لليبي أن يفكر فيها فهو أشبة بثور الساقية المغمض العينين لم يعد همه الأكبر إلا توفير ما يطعم به أطفاله ولكي يزيد الطين بلّة كان لابد من المسؤولين المحترمين أن يزيدوا الحصى في عملية طحنهم للمواطن وكل يوم قرار وكل يوم تجربة وكل يوم اختراع وأوامر فما ضر الوزير المحترم كثرة القرارات فالشعب حقل تجارب وطالما الفئران لا تتحدث ولا تحدث جلبة فكل يوم قرار لا بل ربما في كل ساعة يتفضل المسؤول المحترم ببث ما وصل إليه عقله من فكرة يريد تجربتها . طالما المسؤول لم يقف في طابور المصارف من الفجر حتى الثالثة ظهرا ولم تلهب الشمس قفاه ولم يئن حذاؤه من التعب ولم يرجع لعياله خاوي اليدين ولم يرَ العوز والبؤس في عيونهم فكيف سيشعر بك أيها المواطن المطحون ؟ أولئك الذين اعتادوا المكيف يلازمهم كظلهم من البيت للسيارة للعمل وجيوبهم لا تعرف الفراغ لن يبكوا عليكم أيها الشعب البسيط وطالما أنكم تمتهنون الصمت والسكوت بامتياز فأعتقد أن فئران التجارب أوفر حظا منكم على الأقل إنها تستجيب أو على الأقل تبادر بردة فعل مّا، أما المواطن الليبي فأعتقد أنه ميت سريريا إلا من رحم ربي لذا وصلنا إلى درجة أننا نحن الكتاب أصبحنا صما بكما عميا ولم تعد الكتابة تشفينا ولا الصراخ يستهوينا فنحن أيضا قاب قوسين أو أدنى من أن تتوقف أعضاؤنا الحيوية عن العمل فيختفي النبض وتفشل رئتنا في التنفس ويعلن القلب عن العصيان وتدمع العين لهذا الحال الذي وصلناه فلا حول ولا قوة إلا بالله وإلى الله المشتكى والله المستعان .