مرثية

مرثية

فيصل الأحمر

على حافةِ القبر؛

قبرِك؛… والحقُّ أنه قبري أنا،

الموازينُ مقلوبةٌ والمدى في أفولْ؛

السماءُ ترابٌ مضى هاربا

والترابُ سماءٌ هوتْ من علٍ

وأنا دافعٌ صخرة الحزنِ صوب الأعالي

 بلا أمل في وصولٍ ولا أمل في نزولْ

على حافة القبر

والحق أني ميْتٌ… وأنك كل الحياةِ

برغم هدير الجنازة،

رغم استواء الزمان… ورغم تساوي الفصولِ

على الجسر بين يمين الوجود

وبين الشمال

أرى وجهَ أمي…/ أفي جبةِ الحلمِ حلمٌ؟

أم الحلمُ ياااا أمُّ فصل جديدٌ على دقةِ القلبِ

يأتي… يخاتلُ

علَّ يبررُ للمنطقِ المستوي فلتةَ المستحيلْ

على حافةِ العمرِ/

والعمر قبرٌ تحرّكُه الريحُ والراحُ/

ريحُ المخاوفِ/ راحُ الترجّي

على حافة العمرِ

أرنو

 أرى وجهَ أمي يُسائل عن جهةِ السيرِ

هل من هنا؟ أم هنا؟…..

لكأني بها في حشا القبرِ مأخوذةٌ بالصدى والسدى

والمدى غارق في طقوسِ الذهولْ

على حافة القبرِ

ها تتساوى جميعُ الفصولْ

تتراكمُ أحزانُنا في سلاستِها السرمديةِ

لا هي تقدرُ تسكتُ/ لا هي تقوى تقولْ

على جُدُر القلبِ

قلب قديم يباغتُنا صمتُه

وتمزّقُنا في مراراتِه الذكرياتُ التي

لا يداوي جراحاتِها الصبرُ

لا… ولا الكلماتُ الـ

تذوبُ لكلِّ دموعٍ تسيلْ

تتعرّى عروقُكِ أمي

وأنت بلا شفةٍ

وحدها العينُ تنطقُ حين الحَواسُّ أُفولْ

ها العيونُ تقولُ بأن الجهاتِ هلاميةٌ

ووجوهُ المشاةِ بلا ملمحٍ

 الحروفُ مجافيةٌ

لطقوسِ الرحيلْ

على الكتفين تحطُّ طيورُه؛ صاحبيَ الوقتُ

أثقلُ من كل شيءٍ ثقيلْ

لستُ أفهمُ أُمي

لماذا تعذبُني ضحكةٌ طرزتْها حكاياتُنا

ذات غلغلةٍ في أعالي الفرحْ

لماذا الثواني تصيرُ سيوفًا

تُعرّش في كبدي

ومَن جارحي يا تُرى؟

ولماذا وكيف تُراه جَرَحْ؟

على حافة القبر

أبقى وحيدا برغم الزحامِ

أرقِّشُ هذا الكلامَ البليدَ

كما قطعٌ من سديم قديمٍ تجيءُ شهودا على حُبّنا

وأرتدّ حينا فحينا إلى ساحةِ الذكرياتِ

أرى امرأةً متصالحةً مع هذا الوجودِ العنيفِ

باعت الوقت/اشترت زمنا

      أراها كما قد عهدتُ؛

       تقشّرُ بندورةً وتفكّرُ في الوجوديه

ثم تطرح أسئلة سهلةً

لا تريد الكثير/ ولكنها تخمِشُ الأبديه:

لماذا نكررُ أيامَنا دون أدنى فرحْ؟

لماذا تضحّي النساءُ بأسمائِهن لأجلِ الزواج؟

و أين ترى يختفي طيلة العام  قوسُ قزحْ؟

 من يقرر حربا إذا كان كلُّ الرفاق يموتون قبل حلولِ السلامِ؟

ومن يتخيّر مَن سوف ينجو ليحملَ ميراثَ ذاك القرحْ؟

كيف يفعل الناسُ كي يُخرجوا الحبَّ والحقدَ من مكمنٍ واحدٍ؟

ثم كيف صرنا نرى الصدرَ في القافيه؟

ونرصد في شاشةٍ لا مباليةٍ مكمنَ الخافيه؟

ولماذا يظلُّ الطريقُ إلى النفسِ متّسمًا بالغموضِ؟

وما… أبدا ما اتضح؟

على حافةِ القهرِ

أقبعُ دوما أقطِّرُ حزني القديمَ/ فراقَ النعيمِ السماويِّ

لعله

يدرأُ عني حزني الجديدَ/ فراقَ التي في عيونِها ترقدُ كلُّ الفراديس

أرضيِّها وسماويِّها… ثم ما بينَ بينَ

وحتى الذي لم يكن خاطرا أبدا في العقولْ

وأقبع دوما

أقلّب زادَ الكلامِ

وزوّادتي بها ثقبٌ رهيبٌ

يرقّشه خنجرٌ حيثما مالت الروحُ مكلومةً

له ريحٌ تميلْ

على حافةِ النهرِ

أو حافةِ الجسرِ/ والجسرُ نافذتان على الحزنِ والهمِّ والغمِّ/

أبحثُ في كل حالٍ تراودُني

وأسألُ أحوالَ يوْمي ونوْمي

وقوْمي (يلومونني أنني حاضرٌ غائبٌ منذ حين)

وهوْمي (إذا نامت الناسُ …)

وشوْمي (إذا ضحك الفجرُ… )

ودَوْمي (ولا مطرٌ يتوارى بقلبِ الغيومِ…)

وروْمي (إذ الكائناتُ تشيّع فيّ الصدى

إثر كل هزيم لرعد المدى…)

وحوْمي (بأرض الإشاره…)

وعوْميَ في معجم لا يقول عن الأمّ شيئا

على حافة القبر / والقبر تورية مُرّةٌ لقصور العباره/

وأفرك أوراق عمري

لعلي ألقى الكلام

فألقي سلاما على جسدٍ نائمٍ

كلما زاره حلمٌ زادني ألمٌ

سلالاتُ كثرٌ من النائحين

تواروا لدى كبدي ينشدون العويلْ

على حافةِ القبرِ

أقبع منتظرا ساعةً ربما تتخلّفُ عن ركبها في الجنازةِ

أنثرُ الورد والماءَ 

والابتسامَ لشيءٍ يناور في الما وراء

على حافة القبر؛

قبرك هذا الـ… يفرِّق ما بيننا

أنثر الشعرَ بالعربية

فُصْحى تُذكر بالسالفين

      وتعجزُ حين تُواسي دموعًا على عيننا

سأنثرُ هذي القصائدَ

       مشبعةً بالمجازِ

ولا شيء فيها حقيقيُّ

الحقيقةُ يا حَبّةَ القلبِ

     أنك قد قلت يوما

أنا الأمُّ… والحقُّ أنك في رحمي كنتَ تنجبُني

وأنت ابنيَ اليومَ يا أبتي… 

الحقيقة أني أنتِ و أنتِ أنا

ثم… لا شيء في النص والصوت

واللون والمهرجان سيعلمُ يوما بما بيننا

رحمة الله عليّ!—

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :