فائقة قنفالي
لم أكتب لك منذ مدة. لا أكلمك. أتحاشى الحديث عنك وأهرب من كل فكرة تقود إليك. لماذا تقتحم أحلامي؟ لماذا تأتي إلى حلمي وتمسك يدي وتأخذني إليك؟
ألتقيك في الحلم وأهرب إلى حضن قلبك وأستريح بين أصابعك وهذه المرأة التي أكونها لا أعرفها. أقصد لم أعد أعرفها. فقد تخلصت منها منذ مدة طويلة. دفنتها في غابة قرب النهر وتركت الجبل يحرسها. أتذكر أني غرست النرجس مكان دفنها ومضيت دون التفات. أتعرف كم هو قاس أن تدفن أجمل جزء فيك وتمضى فارغا ؟ مضيت فارغة تماما من المعنى واخترت وجها باردا ومحايدا يشبهك. أتذكر أني مرة قلت لك إني أخاف أن تقع في منطقة الجليد وتنطفئ الشعلة التي تجعلك حيا في دمي…. لم تكن مخاوفي موجهة لمكانها الصحيح فقد كان يجب أن أخاف من الجليد على قلبي الذي تحول تدريجيا إلى جليد.. ومضيت للنسيان.
انشغلت بالتأقلم مع الجليد. أفقد كل انفعالاتي بما في ذلك الغضب. لقد كان الغضب ،غضبي الذي يشبه النار في شدته أو في خفوته، هو ما يجعل الأشياء متحركة. الحقيقة أن غضبي صفة أصيلة ورثتها منذ الأزل من أحد جداتي المحاربات. ولدت غاضبة من المكان الذي ولدت فيه ومن رقمي في العائلة…. غاضبة من أبي حيا لانه انجبني في كبره فلم اعرف كيف اناديه عندما يناديه أبناء اخوتي الذين يا جدي ، وغاضبة منه الآن لأنه رحل باكرا وترك ظهري عاريا ولأنه منحني حبا كبيرا جعل غيابه جرحا غائرا في القلب……
غاضبة من أمي التي تعتقد أنها أنجبت بنتا بقلب أسد يمكنها ان تحمل الجبال ولا تقول آه. وكم من آه تمزق قلبي ولا أستطيع الافصاح عنها…. غاضبة من الوطن الذي يقتل كل شيئ جميل فينا من أجل أن يحيا وليته يحيا…… غاضبة من كل شيئ حولي… غاضبة من جسدي الذي بدأ يرد الفعل من كل التعب الذي أعذب به نفسي وهاهي البثور تتفرقع مثل الألعاب النارية وينزل القيح حارا وحارقا مثل غضبي.
غاضبة منك لأنك اخترت أن تكون صادقا وباردا. هل يعني هذا أني أقيم مفاضلة بين الصدق والكذب؟ لا أدري حقا هل كنت سأتورط فيك لو كنت كاذبا؟ لم أعد أعرف ضمن هذه الحالة التي تشبه الجليد ماذا أريد حقا؟
الشيء الثابت الوحيد الآن هو أن تغادر أحلامي، لا تسمح لشمسك أن تشرق على أرض الجليد التي أعيش فيها. ابتعد عن جليدي فقد حولني برودك إلى جماد ولم تفلح شمسي في اذابة جليدك.
تقول دائما أن امرأة خضراء مثلي لا يمكن أن تصفر لكنك لا تعرف أبدا ان الأصفر ليس نقيض الأخضر بل منبته لقد صارت المرأة الخضراء التي أحبتك بتهور امرأة رمادية حتى اختلط الرماد بالثلج فلم يعد هناك إمكان للنفخ فيه…
من أين تأتي بهذا الجبروت حتى تسكن أحلامي، كلما قررت غلق دفتر الحساب بيننا ونسيانك تعود بأقصى سرعة إلى أحلامي تعاود احتلالي…. وأنا لا أستطيع بعدها مغادرة الحلم و الاحتفاظ برائحتك طويلا. تتعمد أن تجعل الحلم قصيرا والجرح غائرا. من أن تأتي القسوة وقلبي لم يفعل شيئا سوى انه تورط فيك.
دعني أغادر ثلجك أو تعال لناري لكن أرجوك لا تعد لأحلامي فالقلب الذي يحملني صار متعبا وحبك المتذبذب جبار وعنيد.
اترك لي الغضب والحساسية المفرطة والأصفر و غادر أحلامي للأبد فأنا أحب المطر وأنت تقول أن ما بيننا صيف…..