مشهد من مسرحية

مشهد من مسرحية

  • حسن المغربي/ليبيا

(مروة، سارة)

الوقت بعد العصر في ردهة المنزل

(الخالة مروة امرأة عجوز، سمينة البدن، تضع نظارة ذات الأذرع الطويلة فوق أنفها، تجلس على الكرسي بردهة المنزل وتظهر أمامها ماكينة خياطة، تحاول وضع السلك في الابرة، لكنها تفشل كما يحصل في كل مرة، تقول في نفسها: كم هذا مضنٍ، حتى النظارة اللعينة تساعد على البخت.. يجب الكشف عن بصري.. إنه يزداد سوءا كل يوم (فترة بسيطة) تدخل سارة، وهي صحافية عانس تناهز سن الأربعين، ليس لها أية مزية سوى جسدها النحيف، أما وجهها لا يمكن أن يقارن إلا بوجه ضبع)

سارة: مساء الخير يا خالتي

الخالة: صح النوم.. الوقت هذا كله، وأنت قَاعدَة مِدَّمدِرة كالبقرة المعلوفة

سارة: (متخابثةمن طول النوم) وماذا ورائي، اليوم عطلة رسمية أليس كذلك؟

الخالة: لا أظن، لقد رأيتُ الطلبة ذاهبين إلى المدارس في ساعات الصباح الباكر.. (لحظة تفكير) ربما تكون العطلة لديك وحدك!

سارة: (باستهتار) طبعا، ما يجوز لي لا يجوز لغيري (قبلتها في حنو على جبينها واستدارت نحو المطبخ لتحضر القهوة)

الخالة: انتظري.. أين أنت ذاهبة؟

سارة: دقائق قليلة وأكون بجانبك

الخالة: بالله عليك، اتركي كل شيء.. أحتاج للمساعدة

سارة: (تتظاهر ببعض الملل ولكنها في حقيقة الأمر غاضبة) ما تقوليشألضمي السلك باليبرة!

الخالة: (ترد عليها بلهجة متكلفة) أسرعي يا كسولة.. لقد تأخرتُ على صاحبة الفستان، ستكون ليلة الغد ليلة زفافها

سارة: حسنا، هأنا قادمة (وضعت السلك بالابرة، وقالت بتأفف) عليك الاهتمام بصحتك قليلا.. لسنا في حاجة إلى حفنة الدراهم التي تجنيها من عملك هذا. 

الخالة: (بنبرة توبيخ) أشكرك على هذه الصراحة الوقحة، حفنة الدراهم تلك هي التي جعلت منك إنسانة ذات قيمة (فترة صمت) ولولاها لكنا…

سارة: (مقاطعة) متى تغلقين هذه الأسطوانة؟ لقد حفظتها على ظهر قلب، لولا هذا العمل لكنا بالشارع، لولا هذه الماكينة الحقيرة ما أصبح لدي شهادة أو وظيفة محترمة.. يا الله متى تنتهين من ترديد هذه الأسطوانة يا خالتي؟

الخالة: (بابتسامة يشوبها شيء من الاحتقار) حينما تقدرين التضحية..

سارة: (بشيء من الندم) أقدّر مجهودك.. أقسم بالله إنني أقدر كل شيء فعلته من أجلي.

الخالة: وماذا ينفع إذ لم تتحدثي إلىّ باحترام وأدب

سارة: (وقد اخفضت رأسها في خجل)، أنا آسفة جدا، لقد أسأت التصرف معك، وهذا يدل بطبيعة الحال على غبائي وسذاجة طبعي (بابتسامة عريضة) والآن هل تريدين أي شيء؟

الخالة: شكرا… انصرفي لشؤونكِ

(بعد لحظات قليلة، يرن الهاتف الأرضي، لم تنتبه سارة، لقد كانت منشغلة بالاستماع للموسيقا وهي تشرب القهوة بالمطبخ، بينما الخالة تنادي)

الخالة: سارة..سارة.. أيتها الفتاة البليدة، ألم تسمعي رنين الهاتف

سارة: (بحقد وعدم الرضا) أسمعه يا خالة .. هأنا آتية

الخالة: اسمعي! لو كان المتصل صاحبة الفستان، يجب أن تخبريها بنبرة حازمة إن موعد الاستلام بعد صلاة المغرب.

سارة: حسنا، لا تقلقي يا خالتي (رفعت سماعة الهاتف)

صوت: آلو…

سارة: من المتصل؟

صوت: أنا من النيابة العامة

سارة: (بارتباك) قفلت الخط..

الخالة: (تنادي) هل أخبرتها بما قلته لك؟

سارة: لالا (وهي تبحث عن كلمة مناسبة)  أحدهم اتصل بالخطأ

الخالة: (وهي تبرطم) سبحان الله، لديها الجواب على كل شيء!! 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :