- يونس الفنادي
شكراً للفنان المسرحي القدير عبدالرزاق العبارة الذي وجه لي الدعوة لحضور الأمسية التي استضاف فيها الفنان الكوميدي يوسف الغرياني الشهير بشخصية (قزقيزة) التي انطلقت في بداية السبعينيات بإبداعات الفنان الكاتب الراحل أحمد الحريري والفنان الكوميدي اسماعيل العجيلي الشهير بشخصية (أم قطنبو) ثم لاحقاً (سمعة) أو (الخال سميعين) وظهور فكرة الفن الكوميدي المرئي من خلال برنامج (فكر وأكسب) الذي أخرجه الفنان الراحل عبدالباسط البدري مع ظهور نسوي ممثلاً في المذيعة القديرة (فكرية آدم) متعها الله بالصحة وطول العمر.(فكر واكسب) ربما هو أول برنامج رمضاني خفيف يتواصل لمواسم عديدة بشخصيتي فريقه الفني الثلاثي (قزقيزة) و(سمعة) متضمناً العديد من الفقرات النقدية اللاذعة للظواهر الاجتماعية والمسئولين الحكوميين، ليغامر بعد ذلك في مجال الدراما من خلال مسلسل (المنحرفون) و(السوس) لطرح ومعالجة الكثير من القضايا الاجتماعية وتعرية جوانب عديدة من الفساد بالمجتمع، وقد نالت تلك البرامج المنوعة والمسلسلات عدة جوائز تكريمية في مهرجانات عالمية مثل القاهرة وموسكو وغيرهما.
قبل الدراما كان الثنائي الكوميدي حاضراً في المسرح من خلال المسرحية الشهيرة (المارشال) و(اللعب على حجم الصدفة) وغيرها من الأعمال التي نالت قبولاً من الجمهور الليبي خلال عقدي السبعينيات والثمانينات من القرن العشرين الماضي.الفنان يوسف الغرياني تناول في أمسيته سيرة زميلة ورفيق مشواره الفني الفنان الراحل أحمد الحريري وعرض الكثير من القصص والقصصات التي تحمل منشوراته في الصحف الليبية وبعض نصوص أشعاره الغنائية وغيرها من الصور القديمة التي تجمعهما والمواقف والذكريات الماضوية.ما حمله معه الفنان يوسف الغرياني (قزقزة) في حقيبته الصغيرة من ملف يضم الكثير من الوثائق المهمة في مسيرة الفن الليبي وسيرة الفنان الراحل أحمد الحريري رحمه الله، وفي حديث جانبي معه سألته: ما مصير هذه الأوراق إن لم ترى النور لتعرف جانباً مضيئاً ومهماً من سيرة الكاتب الراحل ومشواره الفني ورفاقه وزملائه؟ للأسف لم أجد إجابة من الفنان يوسف الغرياني ولا تفسيراً لطي هذه المعلومات حتى تغيب في عالم النسيان.
المفارقة أنه طوال حديثه الشيق والممتع والمبكي بدموع صامتة وحسرة مؤلمة على ذاك الفنان والماضي الجميل أنه لم يذكر أبداً ولو لمرة واحدة رفيقه الذي عرفناه معه طوال البرامج الكوميدية والدرامية (اسماعيل العجيلي) ولم يتطرق إلى اللمسات الفنية للمخرج الراحل عبدالباسط البدري.الفنان يوسف الغرياني ظل وفياً لمدينته القديمة اطرابلس ومخلصاً لرفيق دربه الفنان الراحل أحمد الحريري وقدم عرضاً مشوقاً لتلك السيرة والرفقة الفنية مكللة بالكثير من أسماء الجيران بالمدينة القديمة التي شهد بها كذلك الأستاذ مختار دريرة وهو أحد جيران الفنانين الغرياني والحريري بالمدينة القديمة ..الأمسية كانت أكثر من رائعة .. وإن ظلت في نهايتها صادمة بالنسبة لي حين تعرفت كم أدت بعض المواقف الشخصية إلى إنهيار العلاقات الأخوية بين الزملاء والرفاق.شكراً للفنان الرائع يوسف الغرياني (قزقيزة) الذي لن تنساه ذاكرتنا كأيقونة لعالم من فيوض البهجة التي ظل يهديها إلينا لعقدين من العطاء في عالم المنوعات التلفزيونية الجميلة … شكراً للفنان المسرحي عبدالرزاق العبارة على استضافة هذه الأمسية .. شكراً للدكتور بشير الغريب الذي أمتعنا بمعزوفاته على آلة العود وأعادنا إلى كلمات أغاني الراحل أحمد الحريري (الديس وتعدينا) و(انشد يا سيد الحلوين) …شكراً لكل الزملاء الحضور الذين كانوا بمستوى اللقاء التاريخي التوثيقي الفني الرائع.