تَنّوَه ” مايشبه ترسب التجارب والمعرفة ”
سعاد سالم
الكلمات مثل الناس يساء فهمها، ربما لأن مجتمع س أو ص لم ينتجها وهذا إلى حد ما منطقي ولكن ماذا لو كانت مفردات بعينها صنفت خطرا على سلطة ما ؟ لعل أبسط طريقة هي إثارة الشائعات حولها، تماما كما تفعل مع أشخاص ينتقدونها ، وقد تحبسها كما تحبس الأشخاص المتمردين عليها ثم قد تغتالها أيضا كما تغتال الأشخاص الطامحين لتغييرها.
ما نبوش أحزاب
كانت هذه عبارة مواطن في بلاد كيف قالت بسم الله بعد عقود من تخوين التّحَزُب، هل كان ذاك المواطن اللاهث والغاضب لربما تلك مظاهرته الأولى يقصد ما قاله فعلا؟ أعني هل فكّر في بديل؟ كان يريد حاكم فرد ينقّز من مكان ما مثلا ؟ على الأرجح لا ،لعله كان يختبر صوته ،لأن المظاهرات أيضا كانت خيانة لسلطة الشعب ،أتصور ذاك الشاب كان يعتقد مثل أغلبنا أن الدنيا خير وشر ،وكأن الحزب يجب أن يكون مجموعة أشخاص ملائكة وليس مشروعا وبرنامجا ورأى على ما بدا في مجموعة ما، شياطين ستفسد حياته وليس مشروعا استبداديا مثلا أو برنامجا لا يتوافق مع تطلعاته ، ترى هل كان يعرف حلاً أخراً ،وهو في ذلك مثل أغلبنا تشكل وعيه ليس فقط بقراءة الحل النهائي للديمقراطية مع الاجتماعيات والرياضيات والأحياء والفيزياء والكيمياء في المدرسة وحتى الجامعة بل وكشرط للإيفاد في الدراسات العليا،وإنما كان أيضا تحت سلطة تامة على وعيه عبر التلفزيون الرسمي،الذي استمر في اتهام صناديق الانتخابات بتزييف إرادة الشعب،وكيف تفرق خيل الحكومة المتظاهرين،وأكد باستمرار على أنه لانيابة عن الشعب وأن المجالس النيابية تسرق كرسيه ولسانه وذلك في نشرات تتقدمها مقاطع مسموعة من الحل النهائي كتوكيدات ، في استثمار للحكمة الليبية المعروفة :كلمة الصبح وكلمة في لعشيّة إلخ ، لهذا مانبوش أحزاب قالت كل مافي رأسه من ملامح عن الحزب، ليس فقط كطريقة سياسية ممنوعة بل وعليه التعامل معها على أنها حرفيا خيانة للوطن ،مع أن الحزب يتكون من مواطنين قد يكون هو واحد منهم ،لديهم أفكار وبرنامج يطرحونه ليقنعوا الناخبين واللي حتى همّا مواطنين وقد يكون هذا الأخ منهم بالتصويت للحزب الذي يرأسه مواطن أيضا لربما كان هو شخصيا ، لكن سنوات الاقصاء والصوت الواحد يخلق أيضا حلا نهائيا لدى نفس المواطن باعادة القفل ويقول إدردّحوا عوضا عن أن يفكر في انشاء حزب يطرح برنامجه ورغبته في الوصول للسلطة لتنفيذه ،هذا حتى في وجود شخص زيي لايرغب في الانضمام لأي حزب لكنه سيصوت للبرنامج المناسب أوحتى يمتنع ، وفي وجود مواطن آخر في جلباب الشعب القايد والسيد أو في إزار إن الأحزاب حرام.
دعه يعمل دعه يمر
بسبب من استخداماته في الفصحى ومنها انتقل للغوة ، يأخذنا مفهوم الاقتصاد في المجمل إلى الحرص في صرف المال،وحتى الحرص في إدارة المطبخ والملابس والأثاث إن شئتم فيما عرف بالاقتصاد المنزلي، بيما هو وحسب رأيي فن إدارة الحياة الاجتماعية، ففي المجتمعات الحديثة مقاييس رفاهية المجتمعات تتضمن دخل الفرد مع أمور أخرى منها التعليم،السكن، الصحة،الخدمات الاجتماعية والخدمات الصحية والاتصالات والمواصلات العامة وبنية الترفيه، وكل متطلبات الرفاه التي تديرها الأموال لابد أن لاتستند على الحرية في العمل والكسب وحسب بل بضبطها أيضا لحماية الأفراد من الجشع، دعه يعمل دعه يمر ظلت تصور في هيئة طارطوري يعفس على الناس فيما يقوده البرجوازي الذي أعلنت الجماهير تصفيته في مكانِ ما،حتى أنها لم تترك أحدا يعمل فمابالك يمُّر ،لأن هذه العبارة في حقيقتها جوهر الحرية التي تشجع وحرفيا شخصا ما على اتخاذ خطوة نحو العمل والمضي قدما، فهى تشجع على المثابرة والمرونة وتقترح أن الشخص المعني يمكن أن ينجح في حال قام بالعمل، فالجرار المتخيل هو كل مايعيق عمل الأشخاص وليس حرية العفس عالناس،والاستيلاء على الأملاك الخاصة وقصر حركة الاقتصاد على رواتب الموظفين،
ديمومة الكراسي
مايو 2009 بيت درنة الثقافي، أتصور أن المواجة مع عصر الجماهير بالنسبة لي بدأت من تلك الندوة حول مؤسسات المجتمع المدني، التي أثارت خوف الحرس القديم وغيظه،وكان مهرجان الأسطى عمر جمع أغلب النخبة من المثقفين والفنانين ، كتّاب، أدباء، شعراء ومسرحيين ورسّامين، للتحدث عن الخروج من المعسكر وأنه آن لنا أن نخلع البوطيل،وعوضا عن أغنية سعاد علي ماعندي صوب غلا غير بلادي مافيش ،حضر الشوق اللي هز خاطر عادل عبدالمجيد وخواطرنا، غير أن مؤسسات المجتمع المدني حينها ولاتزال فكرة مشبوهة ومنظومة تم تفتيتها بالحل النهائي للمشكل الديمقراطي لأن الشعب مدني وفي السلطة، وعليه لم تنشأ بعد ثقافة المجتمع المدني،بتكوين الجمعيات والنقابات وخصوصا تلك التي هدفها الأساسي مراقبة أداء الحكومة ،والدفاع عن الحقوق والحريات ،فالعمل الأهلي المؤسس على العمل التطوعي أو المعتمد على التبرعات ومساهمات اعضاءه ليس بارزا،ومازال ينشأ بعقلية وضع المجتمع في قالب فكري أو عقائدي واحد، يحدث بعد كل ما تم من قمع ممنهج للمعارضين على أنواعهم، فتظهر بصمته بوضوح على أفكار المجتمع اليوم ،الذي يختار التنكيل بالمختلفين كنموذج واحد لإدارة الصراع، وتتنامي العداوة لمن يري الحياة السياسية والاجتماعية والعقائدية ملونة ومش صادا، فالحرية التي مُضغت وبُصقت خلال عقود لن يسمحوا لأحد بإلتقاطها، بسبب الصورة الذهنية التي رسختها ليدوم الكرسي لها، سلطة سياسية ظلت تبث مشاهد عراك البرلمانيين فيما أمام الجمعيات والأسواق الشعبية يتدافع الناس على كل شيء بما فيها الخبز والحليب ناهيك عن الثلاجات والغسالات والأحذية، وسلطة دينية تلعن وتعرّي راسها وتدعي على السيقان والصدور في دول الغرب وتزكّي مجتمع تطويل اللحية ومنع الاختلاط وفتاوى تطير هنا وهناك عن النساء والطاعة فيما المأمومين من خير أمه تهاجر أحلامهم إلى أمم أخرى مجتمعها المدني وضع مبدأ الديمقراطية التي تمنع من أن تؤخذ الدولة غصبا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو ارستقراطية أو نزعة أيدلوجية، كما جاء في تعريف الديمقراطية . فلا شيء مقدس/غير أن تهتف ضد الموت / في وجه المسدس*.
*الشاعر الكبير محمد الشلطامي