حسن عبد راضي
وتلك غَزيّةُ
تغزو فتَغنَمُ
تأكلُ لحمَ تميمٍ وقيسٍ
وتملأُ ذاكَ البوارَ سبايا
وتلكَ غَزيّةُ
تَغوي وتَرشُدُ
تَدنو وتَبعُدُ
تُحصي السهامَ التي في الكنانةِ
كي لا تَطيشَ بغير ضحايا
فلا تقصدْ الغارَ
إنّ الذين تُريد هُداهُم
أضاعوكَ في الشِّعبِ
وانصرفوا يُحرقونَ قُراهم
فتبّتْ يداهُم
وهذي غَزيّةُ
تمتدُّ جثّتُها البدويّةُ
مِن آخرِ البحرِ حتى الممالحِ
من آخر الرملِ حتى السرابِ
ومن آخر الأرضِ حتى المقابرْ
تعيشُ فقط كي تموتَ كثيرا
وكي لا يظلَّ الطعامُ وفيرا
وكي لا يعودَ السحابُ مطيرا
كذلكَ قد لقَّنَتها المنابرْ
فلا تبتئسْ أن مجدَكَ غابرْ
وأن وجودَكَ في الكونِ عابرْ
وأنكَ يا أيّها “الغَزَويُّ”
تَظلُّ ببابِ قُريظةَ تَندبُ
أن “بني العم” سدّوا المعابرْ
*******
وها نحنُ أولاءِ
عبسٌ وذبيانُ
بكرٌ وتَغلِبُ
هاتِ الرهانَ على مَنْ ستَغلبُ
قُلْ إن كلّ النبوءاتِ تكذبُ
قُل إن هذي السماءَ المُقالةْ
تَصيحُ بنا أنْ نردَّ “المَقالةْ”
وألّا نذوبَ بحُمّى الضلالةْ
وألّا نخوضَ حروبَ “الوكالةْ”
فكلُّ الحروبِ أنابيبُ غازٍ ودمعٍ ودمْ
تَدَفَّقُ حين الرياحُ رُخاءٌ
وحين الليالي نساءٌ
وحين المراعي ثُغاءٌ
وحين الطعامُ على وَشْكِ فمْ
*******
غَزيّةُ عادتْ لتُحيي البَسوس
توزعُها في الهواء شهيقا
وتحبسُها هاجساً في النفوس
وإذ يتلاشى الدخان قليلا
وإذ ينجلي بعد ذاك الغبارْ
وينكشفُ المشهدُ الدمويُّ الختاميُّ
قبل انسدالِ السِتارْ
تجيءُ غَزيّةُ في شكلِ طوطم
محفوفةً بالمُدى والفؤوسْ
فتَغوي وتَغنَمُ
وهْيَ تَرَنَّمُ: هذا أوانُ قطافِ الرؤوسْ
وتَعصرُ غيمَ البلادِ الشحيحَ
لأجْلِ الزروعِ التي للملوكْ
فتَسوَدُّ أسواقُنا بالحرائقِ
تَحمَرُّ ساحاتُنا بالدماء
لتَخضَرَّ أرصدةٌ في البنوكْ