- صالح حصن
هذا, أو ذلك, “صحيح نظرياً ولكن لا يصلح في الواقع”.
نسخر بها ويُسخَرُ بها عى عقولنا, فالشيء لا يمكن له أن يكون نفسه وضده في ذات الوقت.
متى ناقض الواقع انظرية تم دحضها وسقطت ولم تعد نظرية. النظرية هي ما يستخلصه الفلاسفة والعلماء (والعلماء فلاسفة) من الواقع ويصوغونها كأداة أو خطوات مٍُستخلصة من دراسة الواقع لإدراك النتائج وسبر غور القادم. و أغلب جهد الفلاسفة يتم في إثبات خطأ رؤى ونظريات غيره من الفلاسفة ودحضها متى ما لم توافق رؤاه وهذا الجهد يفوق بكثير جهده في سبيل تبيين صواب رؤاهم وإثبات سلامتها ومطابقتها للواقع. وهذه غربلة يقوم بها كل الباحثون والعلماء والفلاسفة, ما يعني أننا لن نجد نظرية ما دامت هي نظرية إلا وتوافقت مع الواقع وما عداها تكون قد سقطت وتلاشت.
الفلسفة و جوانب المعرفة الأخرى:
كثيراً ما نسمع بمسميات مثل؛ فلسفة الحياة, فلسفة العلم, فلسفة السياسة والإجتماعيات, فلسفة التدين, فلسفة الماوراء الكيمياء, فلسفة الأخلاق, فلسفة المنطق, فلسفة الفيزياء, … والقائمة لا تنتهي, فكيف للفلسفة أن تتصل بكل جوانب المعرفة ؟
بحسب ما فهمته من محاضرات استاذ الفلسفة “John T. Sanders
” الفلسفة هي دراسة الأسئلة التي لم تجد لها, إلى هذا الزمن الحاضر, حلولاً قــــاطــعـة “
” The study of questions that don`t presently lend themselves to clear-cut solutions “
بهذا التعريف يكون “الفيلسوف” هو الباحث عن الحلول عندما تكون الحقيقة غامضة وثمة حاجة لإيضاحها عن طريق حل أسئلته حولها. وشِقٍ من التعريف (إن أجزنا ذلك) يجوز القول بأن “الإنسان فيلسوف بطبعه”. ولكننا لغةً نحتاج إلى ما يميز المختضين بدراسة الأسئلة التي لا تزال غامضة إلى هذا الزمن الحاضر ولم يجد لها الإنسان حلولاً قاطعة و أولئك هم من نطلق عليهم فلاسفة ومفردها فيلسوف وعدم الإنتباه “مجازاً” لغير المختصين لعدم متابعتهم التامة لما تم إنجازه من معرفة حتى الوقت الراهن.
وكل المشغولين بكل المعارف لا يعملون سوى بدراسة الأسئلة التي لم تجد لها إلى هذا الزمن الحاضر حلولاً قاجعة. وقد تعلموا و تأهلوا في جامعات ومراكز متخصصة منحتهم شهادات تثبت مكنتهم وقدرتهم و تبين مجمل تحصيلهم من ما تم إنجازه من حلول في مجالهم. لذلك أطلق إسم “phd” على الشهادة وترجمتها “دكتوراة فلسفة” ثم يتم إلحاق الجانب المعرفي كجزئية من الفلسفة مثل PhD. in physics “دكتوراة فلسفة في الفيزياء” و مثل PhD. in roman history” ” “دكتوراة فلسفة في التاريخ الروماني” و مثل PhD. in agriculture” “دكتوراة فلسفة في الزراعة”.
مع ملاحظة أن مجالي القانون و الطِب لا تُمنح فيهما شهادة فلسفة ويستعاض عنها بصفات و رموز أخرى تختلف من بلد لآخر. وبعض البلدان تشتطرط من يود مزاولة الطب أن يجاوز شهادة تعلمه العالي في الطب بحصوله على دكتوراة فلسفة في الفيزياء ويسمونها (MD–PhD).
ما أسبغ شيئ من الخيال على كلمة “فلسفة” و “فيلسوف” هو انشغال الفلاسفة لوقت طويل بمحاولة فهم “ما وراء الطبيعة Meta-physics غير أن اتخاذ العلم نهجاً معرفياً خاصاً أواخر النصف الثاني من الألفية الثانية جعله يحقق نجاحات باهرة في وظيفتة الفلسفية بإجابة الإنسان عن كثير من أسئلته الغامضة, وخاصةً علم الطبيعة والكيمياء والأحياء و الحركة وغيرها. فما نعرفه في القرن 19 كان أكبر بكثير ما كنا نعرفه في القرن 18 و في القرن 19 كان أكبر و تضاعف في العشرين وما نعرفه منذ 50 سنة خلت أقل بكثير مم نعرفه بعدها ب30 سنة وما نعرفه هذه السنة أكثر من ما كنا نعرفه السنة الفائتة, لذلك أصبح النهج العلمي وفلسفته نموذجاً أثار الإنتباه للدراسة والمقارنة مع فلسفة بقية جوانب المعرفة مثل الإجتماع والسياسة و السلوك و اللغات و الأخلاق و وما إليه .
؛
الصورة للمصور :: طه كويري