ملحمة آزوف ستال

ملحمة آزوف ستال

أ – سالم أبوخزام

رغم اختلافي السياسي والجذري مع أوكرانيا وما تمثله من تبعية للغرب المعادي لكل القيم الإنسانية خاصة في عهد الممثل المتصهين رئيسها فلاديمير زلينسكي ، إلا أنني شديد الإعجاب بعقلية الجندي الأوكراني وهو يقاتل أعداءه في ميدان الشرف من الجيش الروسي المدجج بالسلاح المتفوق في كامل الأصعدة كقوة وتخطيط وقيادة وخبرة ودعم لوجستي متماسك ويعرف ما يريد.

حصن “ماريوبول” سقط أمام الضربات الروسية الدقيقة والموجهة ، ولم يتبق من مدينة “ماريوبول” غير مصنع “آزوف ستال” مصانع للحديد والصلب أعدت زمن الاتحاد السوڤيتي ، وباتت اليوم من أهم نقاط التحصين على مسافة اثنتي عشرة كيلو مترا تحت الأرض. (آزوف ستال) مجهز لاحتواء ضربات نووية ماجعل جنودا أوكرانيين يتمترسون به دفاعا عن أرضهم وكرامتهم وتأدية لواجب القتال الشريف والجندية والوطنية بكامل معانيها.

أيضا عكس (آزوف ستال) عقلية تأدية الواجب في حب بلاده والانتماء للأرض ، رغم قناعته بأنه سيخسر هذه الحرب غير المتكافئة. لقد شاهدنا استسلام جنود (آزوف ستال) بروح معنوية عالية بعد حصار دام لأكثر من شهرين ، رأينا الجندي الأوكراني جريحا غير أنه متمسك بسلاحه ، ورأينا نماذج لجنود أوكرانيين شجعان فوق نقالات للجرحى وبعضهم مبتور برجل واحدة !! إلا أن مايجمعهم هو التمسك بالبندقية والمقاومة حتى اللحظة الأخيرة .

خرج الجنود بعد أن ضرب عليهم حصار وصل لحافة الجوع والعطش ، ولولا تعليمات وأوامر (زيلنسكي) بالانصياع للتسليم كانوا قد ماتوا بشكل جماعي دون استسلام! شاهدنا الجانب الروسي يتعامل معهم بكل حضارة وهو يحترم هذا الموقف الوطني المهيب ، ليتسلم سلاحهم ويفتشهم ثم يرحلهم كأسرى حرب . أيما إعجاب أعجبت بهذه اللوحة المعاصرة وهذه الملحمة الفذة التي تجسد حب الوطن. لكنني من جهة أخرى لازلت أتذكر الجنود العراقيين وهم يلقون سلاحهم ويفرون من أرض المعركة ويتخلون عن زيهم وملابسهم العسكرية في استسلام مذل وإهانة لشرف الجندية العراقية مقابل حياتهم الرخيصة !! في مقابل لطم تمثال الرئيس صدام حسين بالشباشب وصب مزيد من اللعنات عليه ، لقاء حرية زائفة!

وفي بلادي ليبيا أيضا استمعنا إلى زغاريد النسوة تشق عنان السماء مرحبة بطائرات حلف الناتو وهي تدك المعاقل العسكرية وغيرها وتمزق الأطفال والنساء إلى أشلاء.

ضربات موجعة قاسية نالت كل المرافق وما يرمز للوطن وهدم غير مسبوق للبنى التحتية في أكثر من مكان.

ثم فرار بعض الضباط عبر المنافذ الحدودية طلبا لعيش يستند ويتكئ على الخيانة في أبشع صورها ، وما أكثرها. إن الأمر قد تعدى الاختلاف السياسي حينما يقف مواطن ويتبرع بالإحداثيات لمواقع في بلاده لتدك ويستشهد من فيها وهو يعيش نشوة أوهام النصر الزائف أيضا! رغم أن الرئيس فلاديمير بوتن يقود دولة عظمى ويكتسح أوكرانيا ويحقق أهدافه الواحد تلو الآخر ويتصاعد الروبل الروسي معلنا قوة اقتصاد بلاده وتفوقه مقابل الدولار في هذه الحرب الكبرى ، والتي أشعر بأن مكاسب مجانية ستتحقق لنا ، أولها سقوط النظام العالمي ذو القطب الواحد ، ليعاود مجددا نظام عالمي جديد ، بعد حرب أوكرانيا نحن في أمس الحاجة إليه لإنهاء الهيمنة والتسلط الأمريكي الظالم لأغلب دول العالم. برغم كل ذلك أقول هنئيا لرجال الجندية الأوكرانية ، هنئيا لأبطال (آزوف ستال ) وموقفهم المشرف في الوطنية الحقة في أبهى صورها ومعانيها ، رغم الاستسلام برأس مرفوع وبعز وكرامة وإن بدت كلحظة عابرة استحقت التسجيل والإشادة ، لأن الأبطال الشجعان لايموتون. أ. سالم أبوخزام . 1.6.2022

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :