ممارسات التثبيط ليست إصلاحاً ولا تغييراً

ممارسات التثبيط ليست إصلاحاً ولا تغييراً

محمد الأنصاري

إن بيان صدق مطالبنا الإصلاحية ودعاوى تغيير الحال ليست بتلاوة البيانات على الأقل أو النوح عبر المجتمع الافتراضي إنما إقامة صلاة جنازة على ممارسات التثبيط واليأس اللتان تعبران تماماً عن إرث اجتماعي مصاب يخلط بين أمراضه وإرثه ولم يستطع التفريق بينها استمد قوته من عرج المجتمع و معضلة الارتباط والأحقية والتي بدورها عطلت الاعتراف الذي يفضي للإجماع حتى صار الإجماع قرينه الخجل والضعف وعدم الاعتراف إقدام وجرأة فهو الذي لم يذهب بحق الإرث التليد والحق الأصيل تلك المعضلة هي سر صمت القبور اتجاه بعض الاختراقات التي تمارسها فئة ما في الحق العام في حين نقيم حساب يوم القيامة على فئة أخرى مارست ما هو أقل ضرراً من الأول كيف يمكننا إقناع هؤلاء أننا لا نتربص بهم وكيف نقنعهم أن التحشيد والتجييش لا فائدة منه في الوقت الذي عجزنا فيه عن الإدانة المشابهة لحوادث أشنع ارتكبتها خلفية اجتماعية بعينها . والحقيقة التي لا نريد الإعلان عنها أننا لا نعترف بهم كوجود فضلاَ عن المشاركة فضلاً عن التصدر فضلاً عن إحداث أي تغيير كان إيجابياً أو سلبياً ليس شرطاً أن يكون التنوع قوة عندما نتجاهل إمكانية استثماره فشرط الاستفادة من التنوع الاجتماعي يكمن في الاعتراف به وتوظيفه كل في موقع فعاليته غير ذلك هو مجرد تضخيم لهويات مهزوزة تتناحر ضد أخرى على ما لا مستقبل له. التغيير والإصلاح له شروطه وليس منها ممارسات التثبيط والثورة الحق ليست فرصة إنما ضرورة عند ذروة الضرر جبراً ومن أكثر مشاهد التثبيط تكرراً المشهد الذي نعجز فيه عن دعم المؤسسات أو الاعتراف بها ومن ثم نقف من منطلق تغيير الحال والدعوة للإصلاح لتحميلهم مسؤولية “ما كنا جزءاً من عرقلته بأيدينا على نحو يستجدي العطف والاستغراب معاً ” (عرقله ومن ثم إدانة) والتي ستخوض بدورها “المؤسسات” حرب إثبات لذاتها وانتفاع بلا ضوابط بعد أن أمسى طيفاً منا خصماً وحكماً .. قلة الإنصاف التي نمارس باهظة الثمن ففي حين نستمر بأداء دور الضحية المغلوب على أمرها تنتهج تلك المؤسسات عدم مبالاتها تحت ذريعة الجاحد لا يستحق. ليجد قادتها مبرراً لانتقالها من خدمة المجموع إلى خدمة الخواص الذين تخندقوا معه لحظة جحودنا فكما هناك رواد بيانات النكاية والتثبيط والطعن والتقليل هنالك طفيليات الاستفادة ما يفضي في نهاية الأمر للتشكيك في أي حركة اجتماعية أو شعبية تسعى أن تحقق تغييرا إذ و كأننا لا نريد النضال فعلا نحو واقع أفضل بقدر ما نرغب في دور الضحية المقهور أو الثائر المغوار وإن كان لدقائق على حساب المصلحة العامة يدفعنا بقوة نحوه توفر ظروف الإطراء والثناء الذي تكفلت به مساحات العالم الافتراضي يبدو ذلك يشبع حاجتنا أكثر من احتياجنا لمتطلبات الحياة .. إننا نفتقد إلى التقدير ونستعيض عن ذلك بالفوضى وغالباً ما يكون ذلك هرباً من الاصطدام الاجتماعي و الاكتفاء برصيد يضمن مركزاً تفاوضياً أفضل لكون أننا نحتكر المؤسسات اجتماعياً فالمصلح منا ليس مصلحاً بقدر ما هو سالب آخر يتخذ من أخطاء رائد مهنته مبرراً للسطو على حساب المصلحة العامة ولا نرى بأسا أن تكون دعوانا للإطاحة بهم مدثرة بالفضيلة . نحن هنا لا نحاول إنهاء حالة القهر كما نحاول استغلالها لتثوير المقهورين بأدواتنا ضد الخصوم لأتفه الأسباب مهما بلغت . ليس الإشكال في استثمار القهر لأجل حق عام عيباً سياسياً أو أخلاقياً – إنما العيب في استثمار ويلات المجتمع لأجل انتفاع عصبة يستبد بها خيالها الفاسد تحت ذريعة التنافس السياسي أو الاجتماعي يتمثل هذا المشهد عندما نقف في كل مقعد من أجل تحسين الأوضاع الخدمية والأمنية مثالاً ولكننا نواجه صعوبة في الإقرار بأننا لا نعترف إطلاقاً بتلك الأجهزة الرسمية أو حتى الرديفة منها إلا جبراً في حين نطالبها بما يحسن حالنا في الوقت الذي صرنا بموقفنا المعلن خصماً والتي لم تكن دعوه ذاتيةً فردية خالصةً بقدر ما تنطلق من ذاتية جماعية ترى بعدم الأحقية تتخذ من الارتباط التاريخي مرجعاً أسست لها هوية خاصة أو مربوعة ما في زمن ما – نعم قد تشحذ المربوعة بشكلها المعتاد الهمم و تنتج المربوعة مواقف لكنها لا تنتج إدارة فاعلة وإن كانت تنوي ذلك إننا لا نعطل كل شيء لكونه لا يتناسب معنا .إنما نعطله لأننا لا يمكننا الاستحواذ عليه كجماعة إطلاقاً . قد يؤسفني القول إن الحركة الاجتماعية لم تكن صادقة فيما تعلن كما هي مخبأة والعامل في حقل السياسة المجتهد في الوصول إلى السلطة لا ينشغل بالمطالب الظاهرة لفقدانها التأثير على الاجتماع الذي يستثمر فيه بقدر ما يعمل على المطالب التي نخجل من ذكرها علناً فهي الأعمق والأكثر تأثيرا وهي محل اهتمام لكل ساعٍ للوصول ومن سوء الحظ أن مطالباتنا الظاهرة لا تتوافق مع المخبأة والحقيقة أن تحقيق مطالبنا الظاهرة تعثرها مطالبنا الخفية. إننا بحاجة إلى دعوة إصلاحية لدعاوى الإصلاح ذاتها وخيالنا المعتل لانمارس فيها الخديعة والمكر على مستقبلنا فغداً لا مُدانَ وحيد يمكنه تحمل أعباء فشلنا جميعاً في إيجاد مخرج للأزمات التي تواجهنا فالكل مُدان إلى الرُكب .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :