- المهدي يوسف كاجيجي
كتب الصحفي والكاتب الأستاذ بشير زعبية على صفحته يقول [هناك من يحاول أقناعنا بان التقسيم قائم، ويجب أن نتعامل معه كأمر واقع، إذن ماذا تركنا للدستور. أعتقد أن المس بالكيان الليبي، هو امر محظور خارج إرادة الشعب، إي أن إي تغيير في تركيبة هذا الكيان، يجب أن يطرح للاستفتاء عليه من قبل الليبيين جميعهم، ويجب أن نفرق بين شكل الدولة، وبنية الكيان.]عاصمتاناقول للصديق العزيز: لا تقلق لأن الصراع على تقاسم النفوذ، ما بين اقليمي طرابلس وبرقة ليس بجديد ولقد وصفه أول سفير أمريكي في ليبيا بعد الاستقلال ” هنري سيرانو فولار ” في كتابه ” ليبيا المملكة الجديدة في شمال افريقيا ” بقوله :[وسط هذا الصراع الأساسي من أجل الهيمنة والنفوذ، كان يقع الخطر الذى يهدد بانحلال الاتحاد ، وبين دعاوى طرابلس إنها المركز التجاري ، والميناء الجيد الوحيد، أصر أهالي بنغازي على اعتراف مواز إلى درجة أنه. قد تم اللجوء إلى الحل الصعب غير العملي وهو إنشاء عاصمتين “. ترتب على ذلك قيام الحكومة وبشكل دوري في التنقل بين طرابلس وبنغازي كل عام.ميناء فزان على البحر المتوسط!طبعا يختلف الموقف في الجنوب. فعبر كل الحقب والعصور، ظل ولاء اهلنا في الجنوب مطلقا للدولة الليبية الموحدة، رغم التهميش والاهمال والجحود، بينما يستمر الصراع بين الشرق والغرب عَلى تقاسم الثروة والنفوذ، ويظل الرضا بما قسم، هو السمة السائدة لأهلنا في الجنوب، وهذا ليس من منطلق ضعف، ولكنه من منطلق حكمة. وأتذكر في نهاية الستينات عندما كانت الاستعدادات تجرى لانعقاد دورة الألعاب الرياضية العربية الخامسة، تقرر إقامة مدينة رياضية في كل من طرابلس وبنغازي، وفى اجتماعات مجلس الوزراء، تصاعد الخلاف المناطقى بين الوزراء من اقليمي برقة وطرابلس، حول مكان حفل الافتتاح، كل يطالب بمدينته، وبعد نقاش طويل تم الوصول إلى حل وسط. يقام حفل الافتتاح في طرابلس والختام في بنغازي. اذكر وقتها إنني كتبت تحقيقا صحفيا على صفحات “الحرية” منتقدا فيه التعصب والانحياز الجهوي الفاضح لأعضاء الحكومة من شرق وغرب ليبيا، وتهميش الجنوب وأهله كالعادة، وقلت متهكما: انني ارفض احتكار تقاسم الغنائم ما بين طرابلس وبنغازي، وبحكم اننا شركاء في الوطن، فإنني اطالب بإقامة مدينة رياضية في سبها، اسوة بمدينتي بنغازي وطرابلس وتقسيم مراسم الاحتفال على المدن الثلاث، حيث يرفع علم حفل الافتتاح في طرابلس ويخفض الى منتصف الساري في سبها ويتم الإنزال في بنغازي. وبمناسبة تزامن طرح مشاريع خطة التنمية الخماسية لتطوير ميناءي طرابلس وبنغازي، فطالبت متهكما .. بحق الفزازنة بحفر قناة مائية تمتد من ساحل البحر الابيض المتوسط إلى مدينة سبها، من أجل إقامة ميناء بحري، اسوة بميناءي طرابلس وبنغازي .ليبيا .. ليبيا ..ليبياأيها السادة، التقسيم هو الحلم الوحيد الباقي للضعفاء والمحنطين ، الذين انتهت صلاحيتهم منذ زمن بعيد، ولكنهم يصرون علي الاستمرار والبقاء على الكراسي، واصرارهم على إدارة الدولة فى العصر الرقمي بعقلية العصر الحجري. وعندما فاض الكيل وانفجر الموقف وخرج الشباب فى الجنوب الليبي المهمش، فى مظاهرات غير مسبوقة، أجيال شابة خرجت تطالب بحقها فى العيش الكريم، كانت ردود الفعل هو الصمت الكامل وكأن الجنوب يتبع لبلاد الواق الواق، وعندما امتدت المظاهرات إلى الغرب والشرق كانت ردود الفعل للسلطة الفاشلة مرتعشة ومترددة تدل على العجز الكامل تحاول فيه اعادة السيطرة على الموقف بطرح قرارات لا معني لها بمنطق انفصالي ومناطقي وايهامنا ان التقسيم امر واقع وأن ما تبقي هو ترسيم الحدود على الورق. ولكن المفاجأة التى لم يستوعبوها هو ان الجموع الشابة التي خرجت في كل انحاء الوطن بغربه وشرقه وجنوبه كانت تهتف وبعفوية مطلقة وبكلمة واحدة واسم واحد وهو: ليبيا .. ليبيا .. ليبيا.