مُخيِّمُ “عين الحُلْوةِ” يشْتاقُ “حنْظلةً”

مُخيِّمُ “عين الحُلْوةِ” يشْتاقُ “حنْظلةً”

  • عبدالناصر الجوهري

طفْلٌ

بدا للمُبْصرين ،

ما تخطَّى العاشرةْ

طفْلٌ

أَبَى التَّجْنيس مِنْ كلِّ العواصمِ،

يُشْبه الزَّيتون،

يشْمخُ في حقول “النَّاصرةْ”

طفْلٌ

يراهُ النَّاظرون أمامهمْ

معْقودةٌ يداهُ خلْف ظهْره

ويشْتهي أرضَ الجدودْ

طفْلٌ

بريشة الرَّسَّامِ والرسَّامُ مُغْتربًا به

بين الموانيء،

والحدودْ

طفْلٌ

تخافُ منْهُ البارجاتُ ،

ويهربُ المُحْتلُّ منه ،

يظلُّ يحْشدُ في البيادر ،

والطُّيور ،

وفي الورودْ

وتراهُ مُتْخذًا مِنَ المقْلاع ،

والحَجرِ المُدبَّبِ مدفعًا

مثل الجنودْ

طفْلٌ

 نما واعتاد أشكال القيودْ

طفْلٌ

مِنَ الفُولاذِ وقت الحربِ ،

يخرجُ لا يهابُ مِنَ الرَّصاصْ

طفْلٌ يمزِّقُ قيدهُ

بالعِتْق مُنْتفضًا وينتظرُ الخلاصْ

طِفْلٌ

يجيءُ مُصاحبًا بالهادلاتِ مِنَ النجومْ

طفْلٌ مدجَّج باليقين، وبالمعارف،

والعلومْ

طفْلٌ

تحدَّى كلَّ أشكال المنونْ

طفْلٌ

أَبِيٌّ ثائرٌ

طفْلٌ تقىٌّ لا يخونْ

طفْلٌ عنيدٌ يشبهُ المُخيَّماتْ

طفلٌ 

غدًا سيقتلوهُ مثلما قتلوا له أصابع الرَّسام..

في كبد الشَّتاتْ

طفلٌ

بألوان المحبَّةِ ،

مُقْتحم الحصونْ

طفلٌ

يعيش في هوى وجداننا

رمْزًا تعُانقه الملاحمُ،

والقصائدُ،

والعُصورْ

طفلٌ تعوَّد لعنة الدَّاناتِ،

والفسفور،

يحمل نعْشه

واعتاد رائحة القبورْ

رسَّامه قتلوهُ غدْرًا،

صوَّبوا تجاه عينيهِ اللَّتين يُبْصران المجدِ،

في وطنٍ يضيعْ

وشعْبهُ بمُخيَّمات اللاجئين ..

تراهُ ،

أو في أسفل الأنقاض

قد أضحى صريعْ

لشدَّ ماعرَّى قناعًا للإبادةِ ،

والجرائم،

والمذابح وارتضى معيشةً بدون كهرباء ،

أو مياهٍ ،

أو وقودْ

طفلٌ لجباري الصُّمودْ

قتلوهُ ،

والأدلةُ العمياءُ أخْفاها الصَّهاينةُ اليهودْ

قتلوهُ خوفًا من ضجيج خوفهمْ 

بكاتمٍ للصَّوتِ،

ما يدرونَ أنَّ الخوفَ أحيانًا مُسدَّسُ صوتْ

قتلوهُ خوفًا من مجيئه مِنَ الموتْ

طفْلٌ

فِداءٌ للحِمَى

ومراقبٌ يستجْوب اليوم الشُّهودْ

طفْلٌ

رأى كذبَ المواثيق،

التَّفاوضِ ،

والعُهودْ

طفلٌ يُعرِّي سادةَ التَّطبيع في الوُفودْ

طفلٌ تمرَّد حين تخْذلهُ الوعودْ

طفْلٌ

تشكِّله البداوةُ قد تصدَّى للحواجز،

والمنافي،

والسُّجونْ

طفلٌ يخبِّيء في ابْتسامتهِ الشجونْ

طفلٌ

وفي عينيه حُلْمٌ لامعٌ

سكن العيونْ

طفلٌ أطال دعاءه

يبكي ، تضرَّع في الركوع ،

وفي القيامِ،

وفي السُّجودْ

طفْلٌ

بكفَّيْه الصِّغار يظلّ

عنْ وطني يزودْ

طفْلٌ بلون اللاجئينْ

طفْلٌ يقبِّلُ أجْبُنَ المُهجَّرينْ

طفْلٌ  يعانقُ بسْمةَ الشُّهداءِ،

والمُناضلينْ

طفلٌ أدارَ ظهْره

للقاريءِ العربيِّ ، رافضًا هَوَانًا ،

وانكسارْ

ومُقْسِمًا

ألا يدير ظهْره تجاهنا؛

إلا إذا عادتْ له المُقدَّساتُ،

والدِّيارْ

طفلٌ يثورُ كما الأسودْ

طفلٌ تُحلِّقُ روحهُ ،

وسترتقي يومًا إلى مسْرى الوجودْ.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :