- محمد عثمونة
كان الصراع الفلسطينى الاسرائيلى مند تأسيسه صراع مُركب . يتخطى بنتائجه وارتداداته المباشرة الوعاء الجغرافى الفلسطينى . الى كامل جغرافية شرق وجنوب المتوسط الناطقة بالعربية ومن ثم الفضاء الافليمى القريب والدولى البعيد . ولكى تَتّرك كل مقاربة تسعى نحو حلحلته اثر إيجابي وخطوة تدفع نحو تفكيكه . يجب فى تقديرى ان تتعاطى معه كحالة استثنائية .
فهذا الذى تعانيه جغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية . من ضنك وبؤس وتخلف يعصف بحياة مواطنيها على جميع مستوياتها . فى غياب الخدمى التنموى الانمائى الحقوقى , استطيع القول بان هذا الواقع المزرى . لم يكن وليد لحظتنا هذه التى نعيش . بل هو حصاد ما اُسس له مند قرابة قرن ونيف من الزمان . مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرون . مع اولى خطوات التأسيس لترّحيل المسألة اليهودية من على جغرافية الغرب الاوروبى . الى جغرافية شرق وجنوب المتوسط الناطقة بالعربية . على يد الغرب الاطلسى فى صيغته الانجليزية . فى حين ذهبت الاخرى فى صيغتها الامريكية نحواعمار جغرافية الغرب الاوروبى .
كنت احاول القول . بان جل المقاربات التى تحاول فتح مَخّرج لاختناقات بؤس الحياة فوق هذا الفضاء الناطق بالعربية . كانت تتولّى معالجتها وتقولها. وكأن هذا التأزم وليد هذه اللحظة الراهنة . فى اغفال كامل لمراحل التأسيس والترحيل والتوّطين . الذى تُرِك مفتوح دونما ضوابط ومحددات . قد تحّكم النشاط الحيوى لهذه المسألة اليهودية فوق هذه الجغرافية . وبهذا صارت المسألة واقعا مفتوح على كل الاحتمالات . حتى انتهت الى ما تعيشه الحياة فى وقتنا الحاضر على جميع وجوهها فوق جغرافية شرق وجنوب حوض المتوسط الناطق بالعربية . وهو – فى تقديرى- كان علّة كل ما يحدث وحدث على امتداد قرابة قرن ونيف من الزمان فوق جغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية .
وكى تكون المقاربات اقرب الى واقع هذا التأزم الغارق فى اوحاله هذا الفضاء الحيوى . يجب – فى تقديرى – ان يظهر ترّحيل وتوطين المسألة اليهودية ودائما كصورة خلّفِية لكل الفعاليات الاعلامية المتلفزة والمقروءة والمسموعة . التى تُحاول مُشاغلت تخطى الاستعصاء الذى يربك مسيرة الحياة . ويشد ويعرقل ويمنع عجلتها من الحركة الى خارج اوحال البؤس ومُعاناته .
لا شك ولأسباب بعضها ثقافية . سيقابل بل قُوبل ترحيل وتوطين المسألة اليهودية فى داخل جغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية . برفض وغضب عارم فى داخل هذه الجغرافية . ولا اعتقد بان هذا الاحتمال كان غائب عن ارباب وكهنة مشروع الترحيل والتوطين داخل الوعاء الجغرافى الفلسطينى . خاصتا بغياب الضوابط والمحددات الصارمة والمقبولة التى قد تحكم وتضبط النشاط الحيوى للمستوطن الجديد داخل الوعاء الجغرافى الفلسطينى .
وبدلا عن الذهاب حينها . نحو التأسيس لضوابط ومحددات صارمة ومقبولة . بغرض نزع فتيل الغضب العارم . الذى قد يعصف بإيقاع الحياة الطبيعى داخل الوعاء الجغرافى الفلسطينى . اتجه واندفع ارباب وكهنة المشروع الاستيطانى . نحو تخّليق وخلق سَدَنَه من نُظم وتنّظيمات وظيفيّة . لتتوالى وتتولى تصّريف وادارة النشاط الحيوى لجغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية . ادارة امّنية تتكى على قبضة بوليسية لا هامش ولا موازى لها للخدمى التنموى الانمائى الحقوقى . بل للجم وخنق الغضب مهما كانت بواعثه عند بوادر ارهاصات حدوثه . فهذه جاءت وعُمِدت واُعْتمدت ونٌصبت . لتحكم او سوف تقتل ولا غير ذلك .
وبذلك صارت وكانت صيغة النظم والتنظيمات الوظيفية أحد الدعامات الساندة لتوطين المسألة اليهودية . وباتكاء إدارة وتصريف هذه الجغرافية على مفاعيل امّنية ذات قبضة بوليسية . غرق هذا الفضاء فى اوحال بؤس وتخلف . ارهق جميع مستويات الحياة فوق هذا الفضاء الناطق بالعربية .
****
كنت احاول الوصل بالقول . ان ربط ما يدور على الجغرافية الناطقة بالعربية فى وقتنا الحاضر . بالمسألة اليهودية تأسيسا وترّحيلا وتوّطيننا كواقع مفتوح على كل الاحتمالات . بغياب ترسيم الضوابط والمحدِدات المقبولة . التى قد تحّكم وتضبط النشاط الحيوى لهذه المسألة على الجغرافية الفلسطينية . كان دائما – فى تقديرى – من ضروريات كل مقاربة جادة تتوخى تفكيك مفاعيل التأزم المدمر السائد على جغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية و بارتداداته المأساوية على محيطها الاقليمى القريب والدولى البعيد .
وستذهب – فى تقديرى – كل مُقاربة لا تتغافل عن مفاعيل هذا المرّتكز بسرديته وأربابه وكهنته وسدنته . اثناء مُشاغلتها تأزم هذه الجغرافية الناطقة بالعربية . نحو إرجاع و رَدْ هذا التأزم الى اعتماد وفرض وترسيخ سردية امنية . تنهض على ادرع لنظم وتنظيمات وظيفيّة . تتوالى وتتولى تصّريف وادارة الشئون الحيوية لهذا الفضاء الجغرافى الناطق بالعربية . مستندة ومتكئة فى ذلك على تفويض ودعم الترتيبات الدولية فى صيغتها الانجليزية . التى جاءت مع نهاية الحربين العالميتين تحت مسميات ومصطلح وضع اليد . بدأ من الوصاية ثم الانتداب . واخر اشتقاقات هذه المُصطلحات . جاء تحت مسمى الشرعية الدولية المتكئة على مفاعيل البند السابع لميثاق الهيئة الاممية .
وكل هذا جاء مع تجاهل تام لواقع جغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية . فى تكوّنها وتشكّلها من مجموعة اقاليم ناطقة بالعربية . نستطيع حصرها . فى الاقليم الخليجى . الاقليم المغاربى . الاقليم المشارقى . اقليم حوض النيل . يجمعها ويشدّها الى بعض البُعد الجغرافى الديمغرافى الثقافى فى خطوطه العريضة . وفى الحين نفسه تذهب به الطبوغرافيات . الديمغرافية . الثقافية . الجغرافية . الى الاقاليم الاربعة السلفة الذكر . وكُلا له خصوصيته وبالتالى له اولوياته .
كنت احاول القول . ان كل ما تُعايشه الحياة من اضطرابات وبؤس يُربك مسارها على نحو سلس فوق جغرافية حوض المتوسط الناطقة بالعربية . لم تكن – فى تقديرى – غير اعراض لعجز السردية الامنية السائدة المُتحكمة بجميع مفاصل الحياة على جغرافية هذا الفضاء الناطق بالعربية . مند قرابة قرن من الزمان وبضع عقود . ولا فكاك من ذلك – وبمختصر القول – بغير الذهاب نحو استنبات وتأسيس لسلوك مسئول فوق هذه الجغرافية اتجاه نفسها . عبر فصل التداخل فى الاولويات فى ما بين الخاص والعام . بالذهاب نحو تقديم اولويات الاقليم . ومن ثم ياتى الالتفات للفضاء العام لجغرافية شرق وجنوب المتوسط الناطقة بالعربية . وبغير ذلك ستنتهى هذه المتاهة بهذه الجغرافية – دون ريب – الى ما هو اسوأ من حالة الاسّتِباحة التى يعيشها حاضرها فى الأنى . والتى وَلَجتها عبر بوابة الهيئة الاممية من خلال تدرّجات وضع اليد . الانتداب . الوصاية . واخيرا مضلة الشرعية الدولية المُتكئة على مفاعل البند السابع للهيئة الاممية .
ولا مناص لهذه الجغرافية الناطقة بالعربية ايضا . ولتخطى حالة البؤس التى تعشعش فى تنياها . من التحرك والعمل بجد على تجّميد ووقف حالة الاستنساخ المتتالية لمضامين وضع اليد . والتى جاءت عبر مصطلح الوصاية . مرورا بالانتداب . حتى انتهت الى الشرعية الدولية . التى تستمد مفاعيلها من الطاقات الغير مقيّدة للبند السابع للميثاق الاممى .
وقد ياتى هذا العمل والاجتهاد لوقف حالة الاستنساخ لمضامين مصطلح وضع اليد . بالتوجّه نحو تقّيد مفاعيل الشرعية الدولية والزامها بالميثاق الحقوقى للهيئة . واعتماده مرّجع وضابط ومحدد يحّكم تعاطيها مع مفردات الحياة على هذا الفضاء الناطق بالعربية . مما يجعلها اداة دعم جِدّى . لكل ما يدفع بهذه الجغرافية ومن عليها . الى خارج حياة البؤس التى تعانيها . وبدون ضوابط ومحددات تحّكم الشرعية الدولية المتكئة على البند السابع من الميثاق الاممى . ستكون مفاعلها فى غير ما نُدبت من اجله . وستنتهى الى دعم السائد الى دعم حالة الاستنساخ لمضامين وضع اليد . الى دعم الافعى فى خلع ثوبها لتُبْعث مرّة اخرى فى ثوب جديد .














