كتبت :: صافيناز المحجوب
اليوم أشعر بمرارة أو ربما شيء من الغصّة تعتصر قلبي ينتابني شعور ما لست أدريه ولكن حاسّتي السادسة التي قلّ ما تخطئ تنبؤني بحادث ما، وصلت للمدرسة وما إن وضعت حقيبتي على مكتبي حتى تحولق حولي أربعة من النساء كقطيع نمور يحاول شلّ فريسة أوقعها الحظ العاثر في أرضهم في حين وقفت أنظر بعينين يملؤهما الأسى والحزن قالت أولاهم ( تحبي معمر القذافي ) ضحكت الثانية فقالت الثالثة ( لا لا هي مستفيدة من النظام ) كانت الرابعة تتفحص صحيفة تعود لأسابيع مضت تتصدر الصفحة الأولى صورة لرؤساء العالم يتوسطهم العقيد نادت بصوت عالٍ كمن وجد كنزا انظروا بماذا تحتفظ على مكتبها توجهت النظرات إليّ باستغراب كمن وجد في مكتبها قطعة من الحشيش لم تطق أوسطهم انتظارا فرمقتني متسائلة لماذا لا تريدين قيام ثورة ضد النظام ؟ بعد صمتي العميق وبعد مسرحية (شاهد ما شافش حاجة ) المسألة باختصار أنا لست مع أو ضد معمر القذافي أنا مع ليبيا أنا في صفّ الخير لهذه البلاد أنا ضد الخراب ضد ضياع خيراتها أنا ضد طمع الأوغاد بها أنا ضد أن تفترسنا الدول المعادية وأن يتحول لوننا الأخضر إلى سواد غراب كئيب ، ضحكت إحداهن فبشرتها ببومة نكدة ستحوم حولنا جميعا فقالت الأخيرة يكفيه 40 عاما يجلس على الكرسي ضحكت ضحكة طويلة قلت لها ما يهمك الكرسي فقط يا سيدتي الأمر أخطر من مجرد منصب سنتشتت وسنأكل بعضنا بعضا وسنذبح بعضنا كالنعاج ستسفك الدماء قاطعتني الأخرى ومجزرة بوسليم هل الثورة للانتقام لمجزرة بوسليم ؟ أجابت نعم أحد الأسباب والسبب الآخر نريد رئيسا آخر وهل بالثورات نطالب برئيس جديد أجبنَ في وقت واحد نعم وهل بالخراب نطالب بأخذ الحق ممن تسبب في مجزرة بوسليم ؟ قلن بصوت واحد نعم لم أكن لأكمل حديثا تتخبط فيه عقول أصحابها بهذا الكم الهائل من التعنت والتعصب للرأي وبعد أن رفعت يديّ الاثنتين في علامة لانتهاء جلسة الاستماع قلت لهن الثورة التي يتم الحشد لها على صفحات التواصل الاجتماعي لن تصيب ليبيا إلا دمارا. نحن شعب لم نعرف ثقافة التظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق لا نعرف سوى الدمار رفعت إحداهن يديها لتقول شيئا ما عندما قلت لها أعرف ما تريدين قوله معمر هو من زرع فينا ثقافة الخراب والجهل لن أتناقش في هذا الأمر المضحك انسلت إحداهن إلى الخارج وجاءت نسوة من المدرسة وهن يحملن الصحيفة قائلات وماذا تفعل صورة معمر على مكتبك توقفت عن إكمال حديثي قائلة كنت أحاكمة هل لديكن مانع . خرجت تاركة القوم من خلفي كلٌّ يقول ما في جعبته لم يكن الأمر ليخفى على كل ذي عقل ففي ذلك اليوم تحديدا أحرقت المقرات باسم الثورة كنت أرى أعمدة الدخان تتصاعد من أماكن متفرقة سمعت هتافات اقتل اقتل احرق احرق وسرقت المحال باسم الثورة وقتل أشخاص باسم الثورة وضاعت البلاد باسم الثورة وترك لكم معمر الكرسي وليبيا لَكَمْ تمنيت أن ألتقي بتلك النسوة لأخبرهن بما صنعته الثورات بنا . ومرت الأيام والتقيت إحداهن صدفة قالت كلمة واحدة وغادرت قالت لي ( آسفة ) كلمة بحجم الكون لو كانت تفيد، فليت الكلمات تجدي نفعا أو تعيد ميتا فاتت أيام كثيرة وتحولت لسنوات وما تزال المرارة في الحلق والغصّة في القلب .