كتبت / صافيناز المحجوب
بوصلتي البيولوجية لم تعد تصلح للعمل وباتت تخطئ في اكتشاف معادن البشر أكثر مما تصيب وتخدعني أكثر ما تدلني أوقعتني في مواقف لطالما كنت حذرة أشد الحذر من الوقوع فيها . بالرغم من قدرتي على قراءة العيون والغوص في أعماق الشخصية ولكن حتى تلك الموهبة ضعفت كما يبدو وتقادم تأثيرها . ربطتني بها علاقة صداقة بحكم العمل معا، وقوي أواصلها اتصالاتها المتكررة لطالما جعلتني بحرها الذي تلقي فيه بحمول كدرتها ومشاكل أبكتها وصراعها المستمر مع أخيها الأصغر العاطل عن العمل هموم أنثى تواجه أعباء تثقل كاهلها تكاد تلتهمها القروش البشرية ولكنها تأبي إلا الصمود قالت لي أمي يوما ستصيبك هذه الصديقة بالاكتئاب ألم تجدي غيرها؟ – ما أنا إلا مستمعة جيدة لصديقة تبث شكواها – تابعت أمي مستغربة لم أسمعها يوما تتصل لتخبرك خبرا سارا -إنها أقدارنا تأتينا فمالنا إلا الرضا لم تعجب كلماتي أمي ولم تدخل صديقتي قلبها فما قالته صحيح لم أسمع من صديقتي إلا أخبارا حزينة مؤسفة تهز أركان حياتها وفجأة اختفت صديقتي كذوبان الملح في كأس ماء اختفت كما ظهرت وأغلقت صفحاتها على موقع التواصل الاجتماعي وتمر الأسابيع كقطار سريع يلتهم الأسابيع لتصبح شهورا وسنوات وألتقِي بزميلتي أيام الدراسة ومن بين الحكايات تخبرني أن أخاها تزوج صديقتي التي اختفت كم أنت صغيرة أيتها الحياة صديقتي أخبرتني بمئات القصص الكئيبة وآلاف المواقف الصعبة والعديد العديد من الأخبار غير السعيدة حتى أني كنت أعيش معها بكل جوارحي فأنام باكية لبكائها وكم سهرت معها الأيام نحاول وضع حلول لمشاكلها حتى نسيت نفسي ,في تلك اللحظة التي علمت بخبر زواجها سمعت كلمة أمي تتردد مرة أخرى في عقلي, صديقتي عند أول فرحة تغمر قلبها رمت بيومياتها الحزينة لتبدأ بيوميات سعيدة كنت سأقبل برسالة تخبرني أنها ودعت أيام النحس والحياة ابتسمت لها ولكن وجدت في اتهامي لبوصلتي المعطوبة عزاء لصدمتي وتبرير انخداعي بالصديقات . ولم تكن الحادثة الأولي لمشوار الصدمات واكتشفت تلك التي تحاول تخريب عملي تبتسم ضحكة الصدق ومن خلفي تطعنني بأنياب الخبث والحقد وتلك التي تلاقيني بوجه ضاحك ومن خلفي تقول ما يشيب له الرأس وشاب رأسي وتحجر قلبي فلم يعد يقبل دخول الغرباء . فلم يعد يقبل دخول الغرباء حتى من حاول التسلل والدخول عنوة لم يجد إلا بقايا حجارة وحطام سفينة كانت يوما ما تبحر عبر بحور الحياة وأصبحت الصداقة كتمثال فرعوني أصم بلا حياة وبلا روح قد تسألونني ولماذا لا أجرب أن أثق مرة أخرى أقول لكم نعم كنت بلا عقل لمرات عديدة والنتيجة واحدة أتحطم على خيبات تصيبني ولا أتعلم الدرس ربما تغير مفهوم الصداقة فلم يعد هناك وجود لصديق صدوق. تصادفني من كانت تدعي صدق الوصال وبمجرد تحقيق طلبها تذوب وتختفي ولا تظهر الا٦ عند مصلحة أخرى أدخلت قلبي للحجر الصحي إلى الأبد فلم يعد يقوى على الاحتمال فاطمة رحاب إيمان وغيرها اصبحت وحيدة نعم بلا صديقات المكسب الوحيد هو الحفاظ على ما تبق من حطام القلب ليمكنني العيش بسلام وها أنا أعيش بسلام فلم يعد يصل لقلبي من يؤذيه مملكة خالية ولكن يسكنها الأمان أمان من أي طعنة قد تصيبه وبوصلتي البيولوجية لم أعد في حاجة لتوجيهاتها بعد اليوم .