د مسعود فرج الغرشة.
ويقصد بالجنسية الرابطة القانونية التي تربط الفرد بالدولة فتضفي عليه صفة المواطنة ويتبع ذلك من تمتعه بالحقوق، وتحمله الواجبات المقصورة عادة على من يحمل صفة المواطنة، كحق تولي الوظائف الإدارية، وحق الترشح لشغل المناصب السياسية، وحقه في عدم جواز إبعاده بمقتضى القانون أو تسليمه لدولة أجنبية إذا ارتكب أحد الجرائم التي تستوجب ذلك وواجبه في الدفاع عنها وعدم المساس بأمنها الداخلي والخارجي، وهي نوعان:
النوع الأول الجنسية الأصلية يكتسبها الفرد بمجرد الميلاد وبقوة القانون، ولا دخل لإرادة الفرد فيها، والنوع الثاني الجنسية المكتسبة وهي التي يكتسبها الفرد بإرادته كأصل عام وفي تاريخ لاحق على الميلاد، وبقرار من السلطات المختصة في الدولة.
ومن الجدير بالذكر أنه يُعقد لكل سلطة من السلطات الثلاث دور فيما يتعلق بالجنسية، ولذلك تعتبر علاقة الجنسية من روابط القانون العام وفقاً للاتجاه الذي أخذ به المشرِّع والقاضي الإداري الليبي الذي اعتبر ما يتعلق بها من منازعات هي من اختصاص دوائر القضاء الإداري دون غيرها كما نصّت على ذلك الفقرة السادسة من المادة الثانية من القانون رقم 88 لسنة 1971.
وأكّدت على ذلك القول المحكمة العليا الليبية بقولها إن: “المادة الثانية من القانون رقم 88 لسنة 1971م، بشأن القضاء الإداري، وهي الفيصل في هذا النزاع، وقد نصّت في فقرتها الأولى على أنْ (تختص دائرة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في المسائل التالية منها 6 دعاوى الجنسية ونصّت في فقرتها الثانية على أنّ: “ويشترط لقبول الطلبات المنصوص عليها في البنود، 2، 3، 4، 5، 6 ومن الفقرة السابقة أنْ يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل، أو مخالفة القوانين، أو الخطأ في تطبيقها، أو إساءة استعمال السلطة. والظاهر من هاتين الفقرتين أنّ عبارة دعاوى الجنسية في ضوء الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية لا تتصرف إلّا لطلبات إلغاء القرارات الإدارية الصادرة في شأن الجنسية، ولا تشتمل الدعوى الأصلية المبتدأة بالجنسية، ومؤدى ذلك أنّ القضاء الإداري لا يختصّ بالفصل في دعوى الجنسية، إلّا إذا كان موضوعها المطالبة بإلغاء قرار إداري مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية التي حددها المشرِّع في تلك الفقرة”.
بناء على هذا فإن المنازعات الإدارية المتعلقة بالجنسية تثار في صورة طعن بالإلغاء في قرار إداري سلبي أو إيجابي، صادر في شأن الجنسية يكون هذا القرار مشوباً بعيب أو أكثر من عيوب المشروعية التي تلحق بالقرارات الإدارية القابلة للإلغاء، فينعقد الاختصاص المانع والحصري للقاضي الإداري بنظرها باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل بذلك على النحو المنصوص عليه بالقانون رقم 88 لسنة 1971م، بشأن القضاء الإداري ، وبذلك قضت المحكمة العليا الليبية بقولها: “…كما أن القضاء الإداري يختصّ بالفصل في دعاوى الجنسية إذا كان موضوعها المطالبة بإلغاء قرار إداري مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية، التي حددتها المادة الثانية من القانون رقم 88/1971م، بشأن القضاء الإداري ،وفي حكم آخر قضت بأنّ: ” القضاء الإداري لا يختصّ بالفصل في دعوى من دعاوى الجنسية إلّا إذا كان موضوعها هو المطالبة بإلغاء قرار إداري إيجابي أو سلبي مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية التي نصّت عليها المادة الثانية الفقرة الثانية من القانون رقم 88/1971م، بشأن القضاء الإداري وهي عدم الاختصاص، أو عيب في الشكل، أو مخالفة القانون أو اللوائح، أو القضاء في تطبيقها، أو إساءة استعمال السلطة…”.
يُفهَم من كل ما تقدّم أنّ نطاق اختصاص القاضي الإداري الليبي بالمنازعات الإدارية المتعلقة بالجنسية يقتصر فقط على طلبات إلغاء القرارات الإدارية الصادر في مسائل الجنسية وفقاً لما حدد له القانون دون التوسع في ذلك.