- سالم أبوخزام
غريان تمثل موقعا استراتيجيا من الناحية العسكرية فهي في قمة الجبل الغربي أو جبل نفوسة كما أريد لها أخيرا . غريان بلا شك هي المسيطر على طرابلس والمشرف عليها وتمثل قيمة هامة يعرفها ضباط القوات المسلحة ، لذلك تم اختيارها لتتمركز بها غرفة العمليات ، وأيضا موقعا للذخيرة ومخازنها وكافة مايلزم من معدات ودعم لوجستي عند اجتياح طرابلس . وهي تمثل خطا للتموين ومستشفى للعمليات العسكرية بسحب الجنود المصابين للعلاج فيه من على تخوم طرابلس . بالإضافة إلى الوقود وإجراء عمليات التبديل والدعم اللازم من الاتصالات ، فغريان تمثل كل ذلك ويزيد . ..إن اختيار كبار الضباط لهذا الموقع جاء بناء على دراسات مستفيضة وأكثر . كل هذه الأسباب جعلت من غريان موقعا عسكريا ممتازا يمكن الانطلاق منه والسيطرة من خلاله بأريحية كاملة على العمليات وهي تدور وتخنق طرابلس وتقطع أنفاسها ببطء شديد توطئة لدخولها بعد إنهاكها واستدراج الميليشيات على مشارفها . يتبقى أهمية وجود الحاضنة الشعبية الجماهيرية التي تشكل الحماية الحقيقية للجيش وتمنحه الدعم المعنوي الكبير ، وتمنحه حائطا صلبا يمكن الاتكاء عليه في لحظات حاسمة خاصة الحالة النفسية ، ويمكن للحاضنة الشعبية هذه أن تمد القوات المسلحة بدعم متجدد هم في أمس الحاجة إليه . .. في غريان يتكفل الشارع بتشكيل سياج كبير آمن لكل الضباط والجنود إذ يخوضون حربا من أجل كل الوطن ولاستعادته . وبالتالي فإن خسارة هذا الموقع الاستراتيجي الهام يعد ضربة موجعة للقوات المسلحة ، لكنها ليست خسارة كلية للحرب والعمليات العسكرية فمن غير المعقول من يخطط لدخول طرابلس ويحكم السيطرة على مؤخرته أن يتلقى ضربة مثل غريان ولابد أن ثمة قصورا في العمل العسكري الاحترافي . عندما دخل الجيش إلى غريان سلما ، دخلها وهو مؤمن لوجوده بها ، وقد كتبت عهود ومواثيق من قيادات غريان ومنحوا الأمان والترحيب بدخول الجيش إلى غريان ، وعادت الأوضاع إلى طبيعتها واختفت الميليشيات من مدينة غريان . ..حال بداية الحرب والصراع حول مطار طرابلس واشتدت الهجمات والخسائر ، لم يتوقع قادة الجيش ضربهم من الخلف ، وهذا من الأخطاء الكبرى التي يتحمل مسؤولياتها الجيش ، وقد جرى ما جرى ، لكنه يُعزى في الأساس إلى خيانة جرت بغريان !!!! وبخطة اعتمدت في الأساس على هذه الخيانة أو هذا التعاون . المؤسف مانتج عن قتل عمدا أكثر من أربعين عسكريا بمستشفى غريان ، الأمر الذي يعد مخالفة لقواعد الاشتباك وتعد تلك جريمة حرب يعاقب عليها القانون . يمكن القول إنها أعمال خطيرة ومن حق الجميع اللجوء إلى لجنة للتحقيق في كل خلفيات هذا الملف الخطير وتحديد مسؤولياته فللحرب قواعد وأصول وقوانين . لابد من اللجوء إلى لجنة دولية للتحقيق ستكشف الوقائع أمام الليبيين والرأي العام وتزيل الحقد والكراهية من صدور من فقدوا ذويهم وعلى البعثة الأممية أن تقوم بدورها هنا وعلى أكمل وجه ، ومن يثبت تورطهم يصبحون أسماء معلنة كمجرمي حرب . أما بالنسبة للقوات المسلحة العربية الليبية فإنني أعتقد وكثيرون آخرون بأن ذلك لايزيدهم إلا تصميما على الكفاح والعمل من أجل وضع خاتمة مناسبة لهذه العمليات الإجرامية ، أولها تحرير العاصمة طرابلس وبسط السيطرة على كامل التراب الوطني ، والعودة لاستتباب الأمن الكامل وطرد الميليشيات والإرهاب ونزع أسلحتهم لقيام الدولة المدنية ، الرغبة والأمل المنشود لدى كل الليبيين . أ. سالم أبوخزام .