بقلم ::طه كريوي
في عصرنا هذا الذي أصبحت فيه الصورة بمفهومها البصري (الثابت والفيديو) لغة مشتركة بين البشر رغم تعدد لغاتهم ولهجاتهم وأعراقهم وألوانهم، هذه اللغة التي يفهمها الجميع دون الحاجة لمترجم وسيط بين من يلتقطها ومن يشاهدها.
الصورة هي اللغة التي نتداولها لإستحظار لحظة جامدة من الزمن نتبادلها مع الآخرين، أو لحظة متحركة نعيشها معاً ونتأثر بإشعاعاتها، فمن خلال الصورة يمكننا إستدعاء لحظة من طفولتنا وكذلك لحظات الفرح والحزن في حياتنا وتقاسمها، ولأن الصورة تحتل جوهر لحظة ما وتجعلها دائمة فإننا نقوم بمشاهدتها مرة بعد أخرى.
وعبر الصورة يمكننا توثيق كلما حولنا، ليس فقط في ما مضى وإنما الحاضر أيضاً، صارت الصورة الشاهد الملك والمدون لحوادث العالم بل والحياة التي تكسو هذا العالم، فالمصورون يسجلون من خلال الصورة الحروب والمظالم والفقر والمأساة الإنسانية والفرح الإنساني، كما يسجلون بعدساتهم التاريخ والتراث الإنساني.
لكننا سنجد من بين أبناء البشر من يحملون أفكاراً مشوشة أو مشوهة عن الصورة وثقافة الصورة التي تكونت عبر عقود من الزمن، فالصورة لا زالت لدى البعض في ثقافتهم هي الشي الذي يمكننا من خلاله الإحتفاظ بالذكريات الجميلة أو المواقف المفرحة فقط، كما يراها البعض أنها العدو الأول للكتابة والقراءة، بينما هناك من لا زالت لدىهم الصورة محل نقاش (حلال أم حرام) وفق ما تنتجه عقولهم فهي من صنع الشياطين أو إتباع أهوائها، أو أنها لا زالت تقبع حبيسة ما يسمى بالفكر المحافظ الذي قد يرى في الصورة إنتهاكاً لطبيعتهم المحفاظة، وكذلك لدى البعض فإن الصورة هي نوعاً من فضح ما لا يرغب في فضحه كما هو الحال لدى الكثير من الآنظمة السياسية الشمولية والدكتاتورية.
ورغم أن الصورة في حد ذاتها ثقافة، إلا أننا نجد للأسف البعض لا يزالون غير قادرين على إستيعاب هذه الثقافة ،، وفقط من باب التبسيط لهؤلاء علينا أن نعلم بأن الصورة قد تكون الخبر، كما أنها قد تكون الحكايات التي تروى، كما قد تكون الشاهد والدليل، أوالحقيقة، كما أنها قد تكون الحلم، قد تكون هي الفرح، والبسمة، كما هي الحزن، والشجن، الصورة ثقافة وأخلاق وقيم، الصورة فن وإبداع وحياة.