البانوسى بن عثمان
ان غياب او تغيب الجنوب الليبي (فزان) عن داخل المشهد كواحدة من مفرداته , على مدى العشر سنوات الماضية . كان احد الاسباب الاساسية – فى تقديرى – التى كانت من وراء تغّيب مفردة الوطن . كأداة فاعلة وضابطة للنقاش والحوار , اثناء التعاطى مع التأزم , العاصف وحتى اللحظة بالبلاد . وكان ايضا . تغّيب فزان المتكأ الرئيس لانقسام الجغرافية الليبية . الى خندقين اثنين . شرق البلاد . يقول بالثورة , ويسعى من خلالها نحو استعادت الوطن , بانتزاعه من بين أيادي المليشيات . قبل انحداره بها الى التشرذم والتشظي . وغرب البلاد الذى تتنازعه توجهات (ما فوق وطنية) . انتهت بزعامتها , التى تتخذ من مالطا . تركيا . لندن . قطر . حواضن لها ولملتقياتها . الى تسليم البلاد للجيش والاستخبارات التركية . وفى تقديرى . كل قراءة تبتعد وتذهب فى اتجاه مخالف لهذا القول . هى ليس غير وجه من وجوه التدليس للواقع . من طرف القائلين بها .
كنت احاول الوصول بالقول . بان تغّيب فزان وغيابها عن المشهد الليبيى , خلال العشرة سنوات الماضية , كان عامل أساسي وجوهري فى الذى حدث ويحدث بالبلاد . فممثلي ونواب فزان بالبرلمان والاعلى , لم يكونوا او يٌكّونوا اداة ضاغطة فعّلة . داخل البرلمان ودهاليز الاعلى , تُلزم وتدفع الجهات التنفيذية , نحو النظر لفزان كمفردة اساسية , للمثلث الجغرافى المحلى الليبيى . وان يتعاطى الجهاز الرسمى للبلاد مع شئون فزان , ليس اقل من هذا المستوى . فغابت بذلك متطلبات الحياة الضرورية لساكني الجنوب . فى المياه والكهرباء والوقود وكل الخدمات المصّرفية الخ . فجعل هذا الواقع البائس , الذى عصف ويعصف بالجنوب من هؤلاء الممثلون والنواب . وامام الاشهاد , ليس غير متواطئون مع ما يحدث للجنوب ولليبيا .
فمثلا . فى ما لو سعي واجتهاد هؤلاء على ان يكونوا و يُكوّنوا اداة ضغط . فى داخل قاعة البرلمان ودهاليز الاعلى . والاشتغال على الزامهما على التعاطي مع فزان , فى مستوى لا يقل عن تعاطيهما مع شقيقتيها برقة وطرابلس . فسيكون فى دخول فزان الى المشهد الليبيى من هذا الباب . خروج والغاء ثنائية شرق غرب . التى سعى واتكأ عليها التأزم مند لحظة ولادته وحتى يومنا هذا . وفي هذا ايضا . نزع لفتيل الحرب بإلغاء ثنائية ديمومتها ثنائية شرق غرب .
كنت احاول القول . ان دخول فزان كرقم ومعادل داخل المشهد . سيرّتفع به الحوار والنقاش والتفاعل داخل المشهد الليبيى , ويتخطى ثنائية شرق غرب الى الوطن برمته , ليشمل التناول بالنقاش والحوار كل شئون الوعاء الجغرافى الليبيى . وبهذا ينّحى التفاعل ويتخذ صبّغة وطنية ليبية . وبه سيكون الوطن – ليبيا – حاضرا بالمشهد و بكل تفاصيله .
كنت احاول من خلال هذا التدرج , الوصول بالقول . بان تواطؤ فزان . او جرّها لفعّل ذلك . كان مُدخله – فى تقديرى – يرجع الى القاعدة الانتخابية . التى جاءت بهؤلاء النواب والممثلون . واعنى بذلك , قانون الانتخاب مسنود بالدوائر الانتخابية . فهما من يضع الشروط , التى يجب توفرها فى المُترشح للمنصب . ومن خلالها يحاول قانون الانتخاب مسنود بالدوائر الانتخابية . الوصول الى وضع مُترشحين امام الناخب . تتوفر فيهم حد ادنى من السلوك المسئول والاهلية لتسلّم العضوية فى البرلمان . فمثلا من الاشتراطات التى يجب توفرها فى المُترشح . شرط الاستواء . فى ان يكون عمر المتقدم لا يقل عن الاربعين سنة , وهى سنين كافية لتُعّركه , وتجعل منه اقرب الى النضج والاستواء . وان يكون حفيظ . يتحلى بسلوك مسئول . وعليم , بما يحمله من مؤهل تعليمى , يمكّنه من التفاعل مع مهام العضوية على نحو منتج و مثمر .
امّا عن الدوائر الانتخابية . ولكى نتخطى معضلة فزان وغيابها او تغيبها عن المشهد الليبيى ثانيتا . يجب الاتجاه – فى تقديرى- الى مفردات الجغرافية المحلية لفزان . الشاطى . مرزق . البوانيس . اوبارى . سبها . ونجعل منها دوائر انتخابية للجنوب . على ان تُوزع عدد المقاعد المخصصة لفزان فى المجلسين . بالتساوي على الدوائر الانتخابية . التى عددناها سابقا . فالقصد هنا والمطلوب , حضور جغرافية فزان داخل المجلسين . بمعنى حضور الشاطئ كي تتكلم ومرزق لتقول الخ . لا حضور توجّه (احويلى) السياسى او الاخر القبَلي او غيره من اليساري او اليمينى .
ولكن يجب القول فى الختام . بان البيئة الاجتماعية التى انتجت هذه القاعدة الانتخابية – قانون انتخابات ودوائر انتخابية – كان يكّتنفها ضرف زماني و مكاني غير مناسب , لإنتاج قاعدة انتخابية مُلائمة . ولكن هذه , قد يُصار الى تعديلها , فى الفترة الانتخابية التى تليها . ولكن ان تنتج تلك البيئة الاجتماعية , وفى ذات الضرف الاستثنائي الصعب دستور دائم للبلاد . هذا الذى – فى تقديرى – يجب اعادة النظر فيه .