هون في مهرجان خريفها : زنبقة تفوح عطرًا ، وتشع ألوانًا
متابعة / محمود السالمي
مدينة هون هي إحدى المدن الليبيّة التابعة إداريّاً إلى بلدية الجفرة، وتقعُ جغرافيّاً وسط دولة ليبيا، وترتفعُ عن مستوى سطحِ البحر ثمانمائة وخمسين قدماً، أي مئتيْن وتسعة وخمسين متراً، ويبلغ عدد سكانها 30,715 ألف نسمة وذلك حسب إحصائيّات عام 2010م ، لها إرث كبير من الموروث الثقافي والفني ممتد إلى قرون خلت كما توضح المباني التاريخية خلال حِقَب مختلفة عراقة هذه المدينة التاريخية. فكان هذا الكمّ الهائل من الموروث الثقافي، والأدبي، والعلمي، والفني، بمختلف أنواعه، وكذلك المباني التاريخية والأحداث، فرصة أن تكون مدينة هون مدينة جذب سياحي، وهذا ما عمل عليه المهتمون بشأن التراث والمهتمون بالتاريخ، وجُلّ أبناء المدينة وجاءت فكرة مهرجان الخريف السياحي الدولي بهون باعتبار أن المهرجانات من أهم وسائل الجذب السياحي لما لها من قدرة على تنوع مفردات الجذب السياحي لإبراز المنتج السياحي.
و مهرجان الخريف السياحي الدولي بهون أقيمت أولى دوراته عام 1996م. يقام كل عام في فصل الخريف فصل الثمار و العطاء في واحاتنا الحبيبة. تقام مناشطه عادةً لمدة أربعة أيام متواصلة يجسد و يرسخ فيها الموروث الحضاري و الثقافي و تلتقي فيها لوحات فنية منوعة من كافة ربوع الوطن وذلك حسب الجدول الزمني المعد لكل دورة.
متابعة.
وفي إطار متابعتنا للدورة 28 لمهرجان الخريف السياحي الدولي بهون الذي أقيم تحت شعار:( تعدد الموروث في الهوية الواحدة) التقينا بالمهندس : معرّف معرّف العكشي ، أحد أعضاء اللجنة الأهلية للمهرجان خلال الدورات السابقة ، وسألناه عن مستهدفات المهرجان ، فأجاب : تسعى اللجنة الأهلية للمهرجان لتحقيق الأهداف التي قام من أجلها المهرجان و التي من أبرزها الآتي:
1- دعم التنمية السياحية المعتمدة على التنوع الثقافي والطبيعي الذي تزخر به بلادنا الحبيبة.
2-تحديد المنطقة كوجهة سياحية من خلال العمل والاهتمام بالمنشآت السياحية بالمدينة.
3-المساهمة في تعزيز النشاط الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعاتنا المحلية.
4- تعزيز الوطنية والتنمية الاجتماعية.
5-الحفاظ على الموروث الشعبي.
6- تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار السياحي.
7-إدراج المنطقة ضمن الخارطة السياحية.
8- المحافظة على الهوية وعلى ما تبقى من المدينة القديمة والمناطق الأثرية والمساهمة في صيانتها وجعلها أماكن جذب سياحي.
مفردات المهرجان :
سألنا العكشي عن أهم مفردات المهرجان لهذا العام في دورته 28 ، فقال : مع موعد جديد متجدد في الفعاليات ومتدثر بالجمال والتنوع، أسدل مهرجان الخريف السياحي الدولي بمدينة هون 2024 الستار عن فعالياته، تاركاً بصماته في الأنفس والقلوب والذاكرة لكل من زار وحل أهلاً ونزل سهلاً لزنبقة الصحراء هون الجميلة واستمتع بجمال طبيعتها الأخاذ والفريد في هذا الوقت، واستمتع كذلك بفعاليات مهرجانها وبمشاركة فرق الفنون الشعبية والمعارض والعروض وعروض الفروسية التي شكلت اللحمة الوطنية بأكثر من ألف فارس من جميع أنحاء الوطن، و بما تزخر به هذه المدينة من موروث شعبي تقليدي في الفنون والألعاب الشعبية والحرف والصناعات التقليدية الليبية بأصالتها ومفرداتها.
إن الفعاليات الفنية والثقافية والرياضية والتراثية التي يزخر بها مهرجان الخريف حرص منظموه على أن تضفي على هذه المناسبة مذاقًا تنويعياً خاصاً ، بحيث تحولت هذه المناسبة إلى احتفالية وطنية وعربية وعالمية واسعة النطاق.
آملين في هذا السياق من الجهات المسؤولة القيام بواجبها ودعمها ممثلة في الجهات المعنية وهي: وزارة السياحة والثقافة والإعلام في سبيل التعريف بالميزات السياحية لبلادنا، كما تعمل على وضع خطط عديدة لإقامة منشآت سياحية تتوافق وتطلعات السائح، وذلك لتتناغم النهضة السياحية في وطننا الحبيب مع خصوصيات المكان في المناطق السياحية لتشكل هذا العنصر الجاذب لحركة السياحة بما يتضمنه ذلك من ميزات تعود بالنفع العميم على اقتصادنا الوطني، وتوفر فرصًا للعمل من أجل الشباب الليبي المتطلع إلى إثبات ذاته في سوق السياحة الواعد، وبالنظر إلى أن السياحة من القطاعات التي توفر أكبر فرص عمل بين مختلف قطاعات الإنتاج.
ثم إن هناك كنوزا سياحية في وطننا نائمة بانتظار من يوقظها ويزينها ويجعلها في حلة تسر الناظرين، وهي كنوز التشكيلات الجيولوجية والكثبان الرملية والبحيرات وعيون المياه. وبالإضافة إلى مكونات الطبيعة ، هناك الأفكار المتجددة التي تصاحب مهرجان هون السنوي السياحي وتطوير العروض الفنية به والمسرحيات وتطعيمها بأشهر الفنانين الصاعدين المبدعين امتداداً لأكثر من سبعين عاماً من تأسيس فرقة هون للمسرح وفرقة هون للموسيقا وكل مؤسساتنا العريقة الأخرى، التي تضفي على المهرجان الكثير.
إن السياحة الناجحة هي نتيجة طبيعية لحسن المزاوجة بين ما حبَا الله به الوطن من محاسن طبيعية، وبين حسن التخطيط لتسويق تلك المحاسن، أي التعاون بين ما هو طبيعي وما هو صناعي باعتبار أن السياحة العالمية صناعة كبرى تدور على ساحتها منافسات حامية الوطيس تكون الغلبة فيها دومًا لمن يحسن عرض ما لديه من واقع ومن أفكار للجذب السياحي.
وإذا كان السائح الغربي على سبيل المثال يسافر عشرات الساعات في رحلة إلى أستراليا أو جنوب شرق آسيا، وكذلك السُياح العرب إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا، فإن من حسن الحيلة أن تنجح الجهات ذات الاختصاص في وطننا في تنظيم حملات وبرامج إعلامية تستند إلى الترويج والدعاية المصحوبة بمشاهد عن بنية سياحية حقيقية في بلادنا من جنوبه جبال أكاكوس وبحيرات قبرعون وغابات النخيل في هون .
وما جاورها في الوسط والجبل الأخضر الجميل في الشرق والمدن الأثرية في غرب البلاد صبراتة ولبدة وإطلاعهم على ما كان خافيًا عنهم من قبل، وشيئًا فشيئًا يصبح السائح نفسه أداة تسويق تلقائية بما اختزن في ذاكرته عن بلادنا الجميلة ليبيا من حسن المعاملة وجمال الطبيعة، وانتظام عمليات الضيافة والتنقل والاطلاع على دخائر الوطن الليبي ومناطقه السياحية.
وهنا لا ننسى ما تقوم به مدينة هون ومهرجانها العريق الذي وضع على السكة قبل ربع قرن ونيّف، والعمل مستمر بجهد كبير وبإمكانيات و إرادة أهلية لإبراز تلك المجوهرات الثمنية المتمثلة في عادات وتقاليد هذه البلدة الفريدة في أبهى حلة وأحسن زينة انطلاقًا من شعور وطني راسخ ومسؤولية عميقة يضطلعون بها بكل حب وتفانٍ من أجل نهضة هذا الوطن العزيز في كافة المجالات وبخاصة حسن استثمار خريف هون ودعمه.
وحتى موعد مع مهرجان الحب والعطاء والنماء خريف هون 2025 ، فإنه من الحكمة وبإحساس وطني من على سدة الحكومة أن تبدأ رحلة التخطيط و التفكير والعمل لتطوير المرافق، وإعادة النظر فيما كان ينقص الزوار و السياح ويشكون منه، ليس في ساحة المهرجان وحدها وضيق مدرجها وعدم الرؤية الواضحه للضيوف وإنما في عموم المرافق الخاصة بإقامة فعاليات المهرجان ، خاصة وأن الإحصائيات تشير إلى ارتفاع ملحوظ في أعداد السائحين والزوار سنويًّا، وبالتالي لابد أن تتواكب حركة التطوير مع هذا الارتفاع.