عادل الجريدي
بين الكلام و المعنى حركة هجرة و إيواء ، لغة إيحائية تتجاوز المنطق بحالات سكرها
الفصيح . المنبعث من تخوم المعابد القديمة حيث كان الشاعر يغني للآلهة أفروديت ربة الحب و الجمال لذلك كان ” حديث الإدراك الأعمق يجعل إيقاعات الشعر يتغلغل بعيدا إلى ما
وراء مستويات الفكر” حسب إليوت .
ومن داخل المعنى أعلن توفيق الحيوني عن ولادته الجديدة كشاعر يجدّف خارج المتعارف عليه من الضابطة الشعرية. فما فعله بالكتابة الشعرية على هذه الأوراق يشبه أولئك البحارة المجانين و المغامرين الذي اكتشفوا جزرا أوخلجانا من حيث لا يدرون ولا يتقصدون وكل ما في الأمر إنهم كانوا أطفالا يرفضون اللعب في أحيائهم وأمام عيون أهلهم كما وردت في مقدمة العمل.
فبين اللفظ المنطوق و المعنى الممشوق محمولات رمزية تتكرّر و تنكشف من مقطع إلى
آخر في نصوص توفيق الحيوني بشكل إنها تجنبت الغموض و الإبهام و التستر و التأويل،
مما ساعد القارئ على السير في منحدرات النص و مرتفعاته بكل يسر و انسيابية و جنبته التعقيد و فك الطلاسم والألغاز.
نص خاتل المعيار الطبيعي لكتابة الشعر ليلوح بمنديله الأبيض إلى السرد الشعري
عاريا من أي ادعاء أو حذلقة ليودعه عواطفه التي فاضت عن حدود امتلائها بكل تلقائية.
نصوص حافية غير آبهة بأذى الطريق دليها تشابك مشاعر الحب و الألم مما ساعد
الشاعر على صياغة النداء إلى من خطفت روحه فكتبها على الشاكلة التي ارتضاه
وجعلتني شاعرا مجموعة شعرية بكر للشاعر توفيق الحيوني اتخذت من تراجيديا القول
أقوس نصر ونافذة تطل على رحابة الأمل كشمعة تضيء الأقبية التي احتجزها الظلام
لتقدم ذات الشاعر بطريقة سلسة يحدوها الصدق وإشراقة طفل يتهجى فرحه الأول
بخطى مبعثرة لكنها تحدت زنازين الصمت ونطقت بما يهزم العطالة الحسية
وترجمت ما في دواخله من رهافة شعور فيّاض يصل ما تنافر من رسائل القول
و يطوعها في ضرب من ضروب التآلف موظفا في نفس الوقت خياله المجنح الذي طوع
الواقع لصالح احتياجات نصه في مختلف وتمثلاته محافظا على دلالة القول لاهثا خلف أحلام خاتلت حقيقتها.