- عمر عبدالدائم
أولا من الناحية الأكاديمية
لست ضد أي بحث علمي أو دراسة تتناول أي موضوع من مواضيع الحياة أو المجتمع ، بل إن المؤسسات العلمية – حسب رأيي – لم تخلق إلا لإثراء هذه المواضيع من خلال تلك الأبحاث والدراسات القائمة على طرق علمية ومنهجية صحيحة، وبذلك تختلف الدراسة الأكاديمية عن المقال الصحفي أو أي نتاج إبداعي أدبي، الذي عادة مايحمل وجهة نظر انطباعية غير مستندة على مراجع وأسانيد من شأنها أن تجعل منها بدورها مرجعية لأي بحث يجرى بعدها في نفس الموضوع.لكن مع ذلك ، وربما لأجل ذلك ، يكون البحث العلمي عرضة للنقد (بل وحتى للمحاكمة) إذا ما كانت هناك ثغرات تتخلله وتجعله هدفا لذلك.
وفي هذه الدراسة الأكاديمية الموسومة ب(الدولة الفاشلة بين المفهوم والمعيار ، ليبيا نموذجا) والتي تمثل رسالة ماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية للباحث حسين علي مظلوم ، من الجامعة اللبنانية.
استوقفني في عنوان الدراسة وصم ليبيا بالدولة الفاشلة، بل واتخاذها نموذجا من قبل الباحث في دراسته، ما يعني ضمنا أنه توصل في نهاية دراسته لنتيجة مفادها ان ليبيا تنطبق عليها المعايير الدولية لتصنيف الدولة الفاشلة.
لا أريد أن أخوض هنا في مسألة فرعية قد يتكفل بطرحها أحد المناقشين وهي قفز الباحث للنتائج من عنوان البحث وقبل أن يبدأ فيه.
ولكن السؤال الذي يثار هو:كيف توصل الباحث لحقيقة أن ليبيا دولة فاشلة في حين أنه هو نفسه يقول إن القانون الدولي لم يحدد حتى الآن معايير الدولة الفاشلة وقد اخذ ليبيا نموذجا “فقط بسبب كثرة تداول النموذج الليبي من قبل سياسيين و إعلاميين ومحللين ومفكرين وغيرهم” فهل تصنف الدول بالفاشلة أثناء الإضطرابات فقط أم حتى وهي في حالة استقرار كما يقول نعوم تشومسكي؟
ثانيا ..من الناحية القانونيةهل يمكن مقاضاة المؤسسة التي سمحت و وافقت على أن يكون البحث تحت هذا العنوان، وسيكون الأمر أكثر وجوبا إذا عرفنا أن الرسالة محل البحث لها علاقة مباشرة بالقانون ، في حين لا وجود لتعريف قانوني ولا لمعايير منضبطة لمفهوم الدولة الفاشلة.لعله من نافلة القول التذكير بأن مسألة “ضبط المصطلح” في اللغة القانونية من أهم المسائل التي يتوجب على القانوني عموما الأخذ بها، فهل ثمة معايير وتعريف منضبط في القانون الدولي لمفهوم الدولة الفاشلة؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فهل توافرت تلك المعايير والضوابط في ليبيا حتى يصح تسميتها بالدولة الفاشلة؟ولكن من جهة أخرى ماهو وجه الضرر الذي ستبنى عليه الدعوى في حالة رفعها؟وما هي الأسانيد التي سيدعم بها المدعي دعواه؟وهل هناك سوابق قضائية لدعاوى مماثلة؟
ثالثا.. من الناحية العاطفية ليس لي إلا أن أقول اللعنة عليكم يا من أوصلتم ليبيا بتصرفاتكم لأن تكون محل دراسة كهذه وبهذا العنوان، يا ساسة الغفلة ويا من أفسدتم البلاد وأضعتم العباد.فهل يا ترى تنامون نوما هنيئا وأنتم تقرأون عنوانا كهذا؟****وتبقى ليبيا بلادنا التي نحب مهما قست علينا
وما الأوطان إن لم نعتنقها وتسكنُ في القلوبِ كما سكنتِ
أنا يا ليبيا من فرط حبّي سُئلتُ عن الجمال فقلت .. أنتِ