- فسانيا :: زهرة موسى
منذ أعوام و يستخدم الشباب وقودا للحرب في ليبيا من مختلف الأطراف المتنازعة ، وزُجّ بهم في ساحة قتال خاسرة، وحان الوقت الآن ليكونوا هم وقوداً لإحلال السلام بالوطن ، و أن يشاركوا في رسم معالم الدولة الحقيقية ، و من هذا المنطلق فسح نادي الحوار و المناظرة بسبها المجال لهم لإبداء آرائهم حول قضايا تهم مجتمعهم الفزاني ، و أتاح لهم فرصة عرض ورقات بحثية و سرد توصيات لحلحلة الإشكاليات التي تعانيها المنطقة ، من خلال ملتقى حواري شبابي هو الأول من نوعه في فزان ( منتدى السياسات الاجتماعية لتحقيق الاستقرار بالمنطقة الجنوبية) الذي نظمه النادي بدعم من معهد الولايات المتحدة للسلام .
“طرح ورقات بحثية في عدة جوانب
” قالت ” أميرة نوري عبدالله ” رئيسة نادي المناظرة سبها ” نحن اليوم هنا لإقامة منتدى السياسات الاجتماعية ، وذلك بدعم من منظمة ( معهد الولايات المتحدة للسلام) بتنظيم نادي الحوار و المناظرة سبها ، هذا المنتدى الذي يهدف إلى طرح ورقات بحثية في عدة محاور ( المحور التاريخي، و كذلك محور يتحدث عن السلطات، و أيضا محور بناء الهوية ، و المحور القانوني و يتحدث عن كيف يمكن حل بعض المشكلات التي نعايشها في الجنوب بشكل قانوني ).
أضافت ” الهدف الأساسي هو وضع الشباب من أجل تقديم ورقات تقييمية لهذه الإشكاليات و من ثم الخروج بمبادرات حلول أو أفكار حلول لهذه المشكلات التي يعاني منها الجنوب بشكل عام. ( الشباب وقود لبناء السلام ) أوضحت ” هذا المنتدى يهدف إلى تمكين الشباب بشكل سياسي أكثر ، ووضعهم في صورة صياغة السياسات ، وهو الأمر الذي نهدف إلى إدخال شبابنا فيه ، ونعمل على أن يكونوا جزءا من الحل و ليس فقط كما يوضع دائما وقود للحروب ، إنما يجب أن يكون الشباب وقودا لبناء السلام و صناعته .
ترى ” بأن مثل هذه المنتديات تفتح المجال للشباب للتحدث و التعبير عن آرائهم ، بأن يقولوا نحن هنا ، نحن موجودون لدينا أفكارنا ، لدينا مانقول ، دائما ما يتم استهداف الشباب بورش عمل بشكل سطحي ، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها استهدافهم لطرح ورقة تقييم و أن تعطي توصية و رأيا بهذا المجال ، فهذا هو الأمر الذي تميز به هذا المنتدى الشبابي الأول في فزان ، نتمنى أن تكون هناك مخرجات جيدة خلال المراحل القادمة من هذا المشروع حيث ستكون هناك ورش عمل ، وستكون هناك جلسات وستقام مبادرات ستنفذ على أرض الواقع من خلال هؤلاء الشباب المختارين بإذن الله ،نشكر صحيفة فسانيا على التواجد وعلى الدعم الدائم .
ذكر ” شعيب موسى ” مهتم بمجال السلام و السلم المجتمعي ” شاركت في هذا المنتدى الذي تم من خلاله طرح عدة ورقات بحثية تناقش الوضع بالمنطقة الجنوبية بعدة ورقات ، و كانت مشاركتي بورقة بحثية حول (الرؤية الإيجابية للجنوب و المشكلات التي تواجه الجنوب ) و تضمنت عدة ملفات ( الملف الاجتماعي ، الملف الاقتصادي ،الملف الأمني، الملف السياسي )، ناقشنا فيها عدة نقاط مهمة .
اعتبر ” أعتقد بأن الملف الأكثر إلحاحاً ، و الأكثر أهمية هو الملف الأمني لأن حل الإشكالية المتعلقة بهذا الملف سيفتح المجال لحل عدة أمور متعلقة بباقي الملفات . أشار إلى أنه ” كانت المشاركات قيمة جدا و كان الحضور متفاعلاً جدا بخصوص الورقة و ما تم طرحه ، و أتمنى أن يتم الأخذ بالاعتبار جل التوصيات التي ذكرتها في نهاية الورقة لأهميتها ، و أتمنى أن يتم تحديد لجان لمتابعة مخرجات هذا المنتدى ، و ذلك لنرى نتائجها بأقرب وقت ممكن . أفاد ” المجتمع الفزاني بطبيعته متنوع و متعدد الثقافات ، و قابل للأنشطة و لكن تكمن الإشكالية في قلة المبادرين و أيضا قلة الداعمين لهذه المبادرات ، و أتوقع بأننا سنرى مبادرات عدة خلال الفترة القادمة و هذا لأن البلدية الحالية داعمة و تسعى لإبراز هذه الأنشطة ، أتمنى التوفيق للجميع و أيضا أتمنى لكم ( لفسانيا ) كل التوفيق.
للمبادرات الفردية أثر كبير في إحلال السلام
قال ” محمد إقليقيل ” ناشط مدني ” مشاركته بورقة حول” أهمية المبادرات الفردية “، يرى بأن للمبادرات الفردية أثر كبير في حل النزاعات و السعي لإحلال السلم ، ففي العام (2015) في أوباري أطلق شباب من الطوارق و التبو و العرب بالمدينة مبادرة لزرع شجرة بأماكن عامة وذلك بعد الحرب التي شهدتها المدينة بين (مكوني التبو و الطوارق )، وكانت تلك الفترة بعد الصلح مباشرة أي لم تكن هناك أي تعاملات من الأطراف مع بعضهم البعض و كان ينظر لأي شخص من أحد المكونات في التعامل مع الطرف الآخر على أنه “خائن” فكل طرف كان يخشى الآخر معتقدا بأنه سيعمل على خرق معاهدة السلام ، و لكن كانت لتلك المبادرات أثر على المجتمع بالمدينة و ساهمت في كسر الجمود رغم “التسلط القبلي” و إرجاع الحياة و إحلال التعايش السلمي .
قالت ” خدبجة عنديدي ” ناشطة مدنية” تناولت الورقة التي طرحت اليوم موضوع (الهوية و تأثيرها على الصعيد الاجتماعي )، و تكلمت عن أهمية التنوع الموجود في الجنوب و كيف يمكن المحافظة على هذه الثقافات ، و احترام هذا التنوع و البعد عن العنصرية ،و كذلك الحث على مشاركة مع بعضنا البعض لإبراز هذه الثقافات في المنطقة الجنوبية، لأن ذلك له دور كبير في تعزيز الاستقرار ، و تعزيز السلم الاجتماعي.
ذكرت ” كان النقاش واعيا جدا ، و نوه البعض خلال النقاش على موضوع الدستور و ترسيم اللغة ( الأمازيغية أو الطوارقية ، والتباوية)، هذا الشيء تم للضغط على الدولة لضمان حقوقهم ، لأنها أقصتهم في السابق ، فلهذا لم يعد هناك ثقة بين هذه المكونات الاجتماعية و الدولة و هم يبحثون عن طرق لضمان حقوقهم. اعتبرت ” اللغة شيء مقدس لكل مكون أو قبيلة ، و نحن لا نطالب بتعليمه بشكل إجباري و لكن هي اختيارية ، و أعتقد بأنه من المهم أن يتعلم العربي الطوارقية و التباوية لأن نظيره يتقن العربية و يتحدث بها، و أنا (كطارقية) أتحدث العربية أكثر من لغتي و أعتز بها ، و بينما العربي لم يتعلم هذه اللغات ولم يتعرف عليها .
أعربت ” مالفت نظري خلال النقاش أن البعض يقول بأن مشكلاتنا لا تحل إلا بقيام دولة ، و لكن في الحقيقة أن الدولة قائمة و تصدر قرارات بتعيين و إقالة و تنصيب الوزراء و المسؤولين ، و لكنها غير قادرة على إصدار بعض القرارت التي ينتج عنها استقرارنا و عدم تمييزنا . أظهرت ” هناك خلط في المفاهيم حول موضوع الهوية فالبعض يرى أن الهوية هي المواطنة وهذا غير صحيح ، ويلزمنا أن نفهم معنى الهوية بشكل أدق وهذا يحتاج إلى إقامة ورش عمل و جلسات و أنشطة .
أوضح ” حامد الحضيري ” أستاذ العلوم السياسية بكلية التجارة و العلوم السياسية بجامعة سبها ” تحدثت اليوم خلال ورقتي عن إشكاليات الأمن و السلطة في فزان ، حاولت أن أقسم الورقة إلى ثلاثة أجزاء ، الجزء الأول تحدث عن مفهوم السلطة والأمن ، وماهي السلطة وكيف يكون أساسها الشرعية ؟ و عرجت على مفهوم الأمن وأصنافه . و أكد ” ركزت في الورقة على الأمن الحقيقي ليس الشرطة و ما نعرف الآن و إنما الأمن هو المفاهيم الأخرى المتعددة ، مثل : (الأمن الصحي ، و الأمن البيئي ، و الأمن الاجتماعي، و الأمن العسكري ).
(المواطنة هي الحل ) و لفت إلى أنه ” تناولت التركيبة السكانية ، و موضوع انقسام السلطة و كيف انعكس سلبا على فزان ، و حاولت أن أبين ماهو العوار و ما تعانيه الدولة الليبية من هشاشة السلطة ، و هشاشة السيادة و كيف انعكس على استقرار فزان ، حاولت إيضاح بأن المواطنة هي الحل ، و المصالحات المحلية الصغيرة تسعى إلى توحيد الدولة . وشدد على أنه” يجب أن تعمل فزان على التعايش السلمي ما بين أعراقها ، و أن يكون المعيار الأول هو المواطنة . “لا تعايش بلا تعارف
” نوه ” لا شك أن للمنتديات و الملتقيات دورا رئيسيا و كبيرا في التعريف بالشباب و يقال “لا تعايش بلا تعارف ” و نحن بحاجة للتعارف فالمنطقة زاخرة بالتنوع و هذه الفسيفساء ظاهرة صحية و هي تظهر جمال فزان ، وهي عوامل قوة ، ولهذا لابد من التركيز على الشباب لأنهم هم من سيقودنا في المستقبل و يقع على عاتقهم إظهار هذه الثقافات .
البعد عن تسييس القبيلة
أكد ” أبوبكر الشامي ناشط مدني بمدينة سبها ، عضو بمنظمة زلاء للحوار و المناظرة ” تحدثت خلال طرحي عن دور الهوية الثقافية في إرساء السلام ورسم السياسات في المجتمع الجنوبي ، ومن أبرز النقاط التي تم التركيز عليها هي (الهوية الثقافية لم تكن يوما عائقاً أمام ترسيم السياسات أو بناء السلام بل هي داعم لبناء سياسات جيدة ) و كذلك تطرقنا إلى آليات بناء حوكمة عادلة في الجنوب و التي بدورها قادرة على إنتاج مصالح اقتصادية ، و مصالح سياسية ، نبتعد عن تسييس القبيلة ، و نتجه إلى العمل المدني ، ووضع سياسة ذات معايير تنموية .
أعتقد” أنه يجمعنا فكر أفضل بكثير من أن يجمعنا عرق ، لأن الفكر قادر على البناء و الإنتاج ، بينما العرق ينتج الخلافات.
أشار إلى أنه “كانت هناك عقول نيرة أثرت الحوار ، و استفدت جدا من المشاركات و النقاشات ، و الحضور كان نخبا من مختلف مناطق الجنوب من كُتّاب و مؤرخين و سفراء سابقين و مؤلفين و ناشطين مدنين .
أوضح ” عقيلة محجوب محمد ” رئيس تكتل لقاء من أجل الوطن ، مشرف الصفحة القانونية بصحيفة فسانيا سابقاً” تحدثت عن كيفية أخذ الحق بالقانون ، و شرحنا أهمية المقاربة الإيجابية ، و هل القانون مهم أو لا ؟ استشهدنا بواقعة المجلس البلدي و الإشكالية الواقعة له و كيف استطاع المجلس استيفاء حقه بالقانون ، في سابقة فريدة بالمجتمع الفزاني ، و كذلك رفعت قضية ضد وزير الحكم المحلي لإلغاء قرار إداري ، وكتبت سابقاً مقالا بصحيفة فسانيا بخصوص دعوة إلغاء قرار إداري ، في العدد (199) .
ذكر “كانت المشاركات جدا رائعة ، لدرجة أني شعرت بأنني اعتديت على زملائي بأخذ زمن أكثر من المخصص للنقاش ، و لهذه الملتقيات جدوى و أثر كبير ، فمن خلال الوسط الذي أعمل به أرى بأنه أصبحت على قناعة تامة بأخذ الحق بالقانون و تم ترسيخ هذه المفاهيم فيهم من خلال الورش و الجلسات .