“الجمرة ما دارت دخان .. إلا من تلقيط العيدان”
هذه الشِتَّاوة² في غاية العمق.
الجمرة هنا هي تعبير عن الجرح، وتعبير عن الوجع والألم، لكن الجمرة لا يفضحها إلا دخانها، ولولا الدخان لما رآها أحد، ولما اطلع عليها غيره!.
إن أسوأ ما في الألم هو شماتة الشامتين، وشفقة المشفقين، وسخرية الساخرين، وعذل العاذلين.
ولهذا اكتم ألمك عن الناس، وداري وجعك عن أعينهم، ولا تشكو مما تعاني، ولا تتذمر مما تكابد، لأن نصف المُعزِّين شامتين، ولأن الناس لن يُخففوا من وجعك، وإنما سيجمعون المزيد من (العيدان) لا ليزيدوا من وجعك فحسب، وإنما – أيضاً – لينزعوا الضمائد عن جرحك، وليكشفوه ويظهروه للجميع!.
ولهذا يقول المثل: “خليها بالقلب تجرح .. ولا تطلع لبرا وتفضح”!.
——————————–
* الشتاوة في أول تعليق.
1- الشتاي المبدع: مفتاح احواس.
2- الشتاوة هي قصيدة البيت الواحد في الشعر الشعبي الليبي، يلقيها الشتاي ثم ترددها المجموعة مع التصفيق.