•البحوث عندنا شبه ميته والجامعات تحولت إلى مدرسة تقليدية

•البحوث عندنا شبه ميته والجامعات تحولت إلى مدرسة تقليدية

الباحث في مجال تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بُعد صلاح بوعوينة لــ”فسانيا”

  • البحوث عندنا شبه ميته والجامعات تحولت إلى مدرسة تقليدية
  • الجانب الأمني قيد تقنيات توظيف علم الاستشعار
  • ألجبل الأخضر أتساع جغرافي ومأساة وطن

البحث العلمي مهم جداً وأن نطور من الأبحاث في مختلف المجالات وندعمهم ماديا ومعنويا ونذلل لهم الصعوبات ذلك يعني أننا نطور من بلادنا على مختلف الأصعدة، لكن للأسف واقع الحال عكس التوقعات أم أن سقف أحلامنا كلنا مرتفع جداً ليصدمه الواقع.

صلاح مفتاح بوعوينة، عضو هيئة التدريس بجامعة المختار خريج كلّية العلوم، قسم الجيولوجيا، باحث في مجال تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بُعد في مجال الموارد الطبيعية خصوصا الموارد المائية وهو من سكان مدينة شحات توجهت إليه بعد أن قرأت إحدى الصحف العربية تنشر مشاركته الشخصية في مؤتمر علمي على حسابه الشخصي فكان لابد أن أعرف عنه وعن مشاركته خصوصاً أن تنشر عنه صحيفة عربية دون أن تهتم به الصحف المحلية، قال، هذه ليست أولى مشاركاتي خارج ليبيا فقد شاركت في مؤتمرات عديدة وأكثر من دورة تدريبية خارج ليييا معظمها على حسابي الشخصي بما في ذلك دراستي للماجستير والتي كانت على نفقتي الشخصية بجامعة سالزبورج بالنمسا

. هل التعليم في ليبيا والتطوير ليس من أولويات الدولة ؟

الدولة الليبية مقصرة فيما يخص البحث العلمي بشكل كبير،ومقصرة في الدورات التدريبية، عضو هيئة التدريس يحق له أن يشارك مرة واحدة في السنة بمؤتمر واحد على حساب الدولة ،كذلك مركزية القرار وعدم رعاية البُحّاث العلميّين بقدر الرعاية للعلاقات الشخصية بغض النظر ماذا ستقدم للوطن في ظل هذه الظروف، الباحث الحقيقي مضطر لأن يتحرك بشكل شخصي وعلى حساب نفسه وقوت عائلته ومتطلباته الشخصية ليواكب العصر وليتعلم ويتطور .

كما أن هناك الكثير من قرارات الإيفاد للخارج لا تستفيد منها الدولة بشكل علمي وعملي ,وفى ليبيا العملية مقيدة بالكم وليس الكيف ,في المجال العلمي و البحثي الدولة تتعاقد مع مكاتب أجنبية بمبالغ طائلة أو تفضل العنصر الأجنبي عن الوطني ,رغم أن هذه الاستشارات يمكن للبُحّاث الليبيين القيام بها وبجودة عالية وبشكل علمي بربع تكاليفها الحالية، ولنسلم أنها عقود صحيحة ولا توجد خبرات ليبية لماذا لا تفرض على هذه المكاتب عناصر ليبية لتتعلم وتراقب وتشرف؟ .

ما هو عنوان الورقة البحثية التي شاركت بها في تونس ؟

عنوانها “دور تقنيات الاستشعار عن بعد فى إدارة الموارد المائية” وشاركت قبلها في نهاية عام 2012م في دولة الكويت. على حسابي الشخصي والسبب فى المشاركة افتقار مكتباتنا في كل المؤسسات سواء الجامعات أو المعاهد أو المراكز البحثية إلى الكتب والمجلاّت العلمية المواكبة للتطور العلمي وكذلك الدوريات وآخر الأبحاث وجديد البرمجيات وهذا عائق يقف أمام أي باحث ومثلًا في الدول الأوروبية كذلك بعض الدول العربية المتقدمة يحق للطالب باستخدام الإنترنت وتحميل جميع البحوث العلمية في مجال تخصصه مجانا من المجلات العلمية العالمية مع العلم أن هذه المواقع مكلفة جدا لو استعملها الباحث لحساب نفسه.

الجانب البحثي عندنا شبه ميت والجامعات تحولت إلى مدرسة تقليدية تلقي المعلومات فقط.

. من كان يمثل ليبيا في آخر مؤتمر شاركت به ؟ وماهي الفائدة التي عدت بها ؟ المؤتمر كان عن أفريقيا بمشاريع كبيرة بخصوص الاهتمام والحفاظ على المياه في أفريقيا باسم ( تايقر ) أو النمر وكانت مشاركات من جميع دول أفريقيا، وكان هناك حضورٌ لليبيا، لكن هو زميل يمثل في منظمة يعمل بها في تونس وليس ليبيا كدولة، وبعد المؤتمر كانت هناك دورة تدريبية أقامتها الوكالة الأوروبية للفضاء للتعريف ببرمجيات الاستشعار عن بعد وتطبيقها على حالات دراسية في أفريقيا وكان بها مدخل للحصول على برمجيات جديدة كان صعباً أن أقيم على حسابي وأدفع رسوم الدورة التدريبية، وللعلم بمجرد علمهم أنني قادم على حسابي الشخصي قدموا لي الدورة مجانا وأنا الوحيد ” المتسول ” ولا أنكر أن نفسيتي لم تكن مرتاحة لكن فرحتي بقبولهم لي وحصولي على البرمجيات أزالت عنّي عدم الارتياح ,وأذكر أن هناك دولاً فقيرة دعمت مواطنيها للحضور والمشاركة ولديها مشاريع رائعة ومميزة.

العمل يحتاج إلى فريق، ومهما حاولت أن تطور من نفسك بشكل شخصي سيظل هذا النقص موجوداً . ماذا تقول؟

ولا أختلف معك فيما تفضلت به في أن العالم الخارجي مجال الاستشعار عن بعد يعمل فيه فريق متكامل تُوفّر لهم كل الإمكانيات نحاول مع بعض الزملاء تكوين جمعية تهتم بهذا الجانب لمعالجة النقص .

لماذا لم تخاطب المسؤولين؟ قد يرد علينا مسؤول ويقول أنا لا أعلم بمشاركتك . من واقع تجربة شخصية مع الدولة الليبية واللوائح البيروقراطية لا مجال للمحاولة .

هل تقصد أن الدولة بكلّ خبراتها ووزاراتها وفلاسفتها لم تستشعر أهمية تخصصك واستشعرتها أنت المواطن ؟

سابقاً الجانب الأمني لعب دوراً كبيراً في تقييد تقنيات وتوظيف علم الاستشعار عن بعد لأسباب أمنية، كما أن هناك العديد من البُحّاث والخبراء والفنيين في مجال تخصصي ولست الوحيد ,لكن الكُلّ يعمل بشكل منفرد على الصعيد الشخصي والمؤسسي ولايوجد تكامل بين المؤسسات,عندما تتحدث مع المسؤول يقول لك الأولوية للأمن والأمان والصحة ثم البيئة ثم الغابات ثم المياه، وكُلّها لم تتوفر وليبيا تضيع تدريجياً.

. ماذا ستستفيد ليبيا من مثل هذا التخصص؟

يعتبر الاستشعار عن بعد من العلوم الحديثة التي شقت طريقها بسرعة فائقة، و قد ساعد على هذا التقدم الدقة المتناهية في الحصول على المعلومات المستقبلة من الأقمار الصناعية وأجهزة الرصد المختلفة بالرغم من حداثة هذا العلم إلا أنه أصبح من العلوم الأساسية المستخدمة في حلّ كثيرٍ من القضايا المتعلقة بالأرض والظروف الطبيعية، وذلك من خلال الكمّ المعلوماتي الهائل الذي يقدمه ويعالجه معالجة رقمية بواسطة تكنولوجيا عالية>

. ما تفسيرك الحرائق التي طالت الغابات خلال الفترة الماضية ؟

كارثة بكلّ ماتعني الكلمة، حاولت أن أقيمها عن طريق أي صورة فضائية حيث تتوفر هذه الصور من الوكالات الفضائية أو مراكز البحوث بمبالغ طائلة, ووفقت لبعض الصور للقمر الصناعي(لاند سات) والتي تحصلت عليها من الخارج عن طريق صديق أجنبيّ يعمل في مركز أبحاث لديه تعامل واشتراك مع وكالات الفضاء،كانت الصورة مُفزعة لتدمير طبيعتنا الجميلة والتي ستقضي على بيئة فريدة ومميزة.

ألا يوجد لدى ليبيا مثل هذه المراكز أو الوكالات الفضائية ؟

نحن لدينا في ليبيا المركز الليبي للاستشعار عن بعد ومركز الباروني للاستشعار عن بعد، ومقراتهم الرئيسية في طرابلس، ولايوجد مركز أو فرع خاص بالجبل الأخضر،لما لأهميته البيئية والسياحية باعتباره المنطقة الوحيدة التي بها غطاء نباتي كثيف بالنسبة للدولة الليبية،كذلك عدم التكامل بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية، بالإضافة إلى أن البرمجيات أغلى من الصور الفضائية، هذه البرمجيات متوفرة كنسخ مسروقة من الإنترنت لايجوز استخدامها فى كلّ الظروف حيث يصل ثمن بعض النسخ الأصلية إلى خمسين ألف دينار هذا المبلغ لا أستطيع توفيره بمفردي، ولا أعتقد أن الجامعة لديها بند لشراء هذه البرمجيات, لذلك أشارك في المؤتمرات الأوروبية التي توفر هذه البرامج للباحثين مجاناً (كمُتسوّل) وهذا يَحزّ في النفس، إن العالم الخارجيّ يُقدّر نشاطك البحثي ولا تقدره دولتك، ضفْ إلى ذلك شبكة الإنترنت فى ليبيا ومشاكلها.

نرجع للصورة التي تحصلت عليها من القمر الصناعي ومشكور أنك أعطيتها لنا بشكل حصري كم مساحة الغابات المحروقة ؟ ومن كان معك؟

أوّلاً، كُنت مع أساتذة من كلية الموارد جامعة عمر المختار حيث قدموا نتائج فى وقائع حرائق سنة 2013 لغابات الجبل الأخضر، والتي حملوها للمؤتمر الوطني ووزارة الزراعة، وقدّمنا لهم توصيات بالحلول وإلى الآن ننتظر ردّهم العملي والغابة هي مرعى للحيوانات والنّحل وهي غطاء نباتي هام لا يخفى على أحد ويبدو أنّ الغطاء النباتي ليس من الأولويات وإجمالي الغابات المحروقة تقدر بأكثر من خمسة آلاف (5000) هكتار وقريباً سأقوم بنشر ورقة علمية عن موضوع الحرائق. وإذا ما استمرت هذه الانتهاكات بدون تفعيل دور المؤسسات ذات العلاقة كالشرطة الزراعية والمؤسسات التنفيذية والبحثية ودعمها لن يكون هناك جبلٌ أخضرٌ والسبب هو مركزية القرار.

ما هي المخاطر التي توشك أن تحدث للمياة في ليبيا؟

بحكم أنني عملت أكثر من عشرة أعوام في مؤسسة الهيئة العامة للمياه، والتي تدار بشكل مركزي فإن مشكلة المياه فى ليبيا تعتبر مشكلة إدارة ,على سبيل المثال، بالرغم من الامتداد المساحي للجبل الأخضر واتساعه الجغرافي لايوجد معمل لتحليل المياه الجوفية أو المياه السطحية، كذلك عدم وجود برامج مراقبة للمياه، بالإضافة إلى ذلك أن المياه السطحية المتمثلة فى الأودية والتي تصب شمالا في البحر، أو تصب جنوبا في البلط، وتحمل معها كميات هائلة من التربة، لايتم حصادها بالشكل الكافي ولا الاستفادة منها وذلك لعدة أسباب أهمها، عدم وجود إدارة أو قسم خاص بالسدود أو المياه السطحية بالجبل الأخضر رغم أن أكثر هطول للأمطار فى ليبيا على الجبل الأخضر، وأُلخّص أهم المعوقات والتحديات التي تؤثر على ديمومة وتطوير واستثمار الموارد المائية بالجبل الأخضر في النقاط التالية : المركزية في التخطيط والتمويل. عدم توفر الميزانيات والموارد المالية اللازمة للبحوث والدراسات. التداخل بين المؤسسات المائية وعدم وجود التنسيق والتكامل بين مؤسسات المياه. عدم استقرار الهيكل التنظيمي للمؤسسات المائية. عدم كفاية القدرات المؤسسية على المستوييْن الإقليمي والمحلي. عدم إشراك أصحاب المصلحة بشكل فعال. الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لم يتم أخذها في الاعتبار عند التخطيط والتنفيذ. لاوجود لبرامج تنمية القدرات في مجال إدارة الموارد المائية. عدم وجود نهج طويل لأنشطة التوعية. عدم وجود برامج مراقبة ورصد لموارد المياه.

بماذا تختم ؟

إن التنمية لاتتحقق بالمركزية قراراً أو تخطيطاً ومن أهم ماقيل في الإدارة المتكاملة للموارد أنها تبدأ من الأسفل لا من الأعلى.

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :