سالم أبوظهير
كتاب “الحقيقة حول حربنا في ليبيا” من تأليف جان كريستوف نوتان، ترجمه الى العربية خالد جهيمة ونشرته دار الفرجاني للنشر والتوزيع والاعلان في عام 2014م بغلاف مجلد من 758 صفحة
الكتاب قدم نظرة متعمقة على التدخل الفرنسي في الأزمة الليبية. الكتاب أستند إلى مقابلات مع مختلف الأطراف الفرنسية المتدخلة في الصراع،والتي عاصرت حرب فرنسا على ليبيا في مطلع عام 2011م . من رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية إلى القوات الخاصة والغواصات النووية، ومن هيئة أركان الجيوش الفرنسية إلى مقر حلف شمال الأطلسي في إيطاليا.
بدأ مؤلف الكتاب كتابه بمقدمة تاريخية عن ليبيا قبل الحرب، وضح من خلال هذه المقدمة السياق السياسي والاجتماعي الذي كانت تعيشه ليبيا قبل فبراير 2011م. ثم إنتقل بشكل تدريجي إلى وصف الأحداث التي أدت إلى اندلاع الحرب بين ليبيا والغرب ، مركزا على الانتفاضات الشعبية والتدخلات الدولية السياسية التي حدثث قبل اندلاع الحرب بشكل فعلي والتي لم تتوقف الا بعد وقاة القذافي في 20 اكتوبر 2011م.
من بين النقاط الرئيسية التي ناقشها الكتاب: طرحه بشكل مفصل لللأسباب الكامنة وراء التدخل الغربي في ليبيا ، وناقش باستفاضة الأسباب المختلفة التي دفعت الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول العربية للتدخل في ليبيا، بما في ذلك مصالح الدول المتدخلة الاقتصادية والسياسية. وتطرق الى النتائج السياسية لحرب الناتو على ليبيا ، بما في ذلك التغيرات في النظام السياسي الليبي وتأثيرها على المنطقة. كما شرح الكتاب التدخل العسكري بالتفصيل ، واصفاً بشكلل دققيق العمليات العسكرية التي جرت في ليبيا، بما في ذلك الاستراتيجيات والتكتيكات المستخدمة.ثم ناقش التداعيات والآثار الإنسانية التي خلفتها الحرب، بما في ذلك الخسائر المادية البشرية والنزوح الجماعي من المدن التي وقعت فيها الحرب.
الكتاب كشف ايضا عن العمليات الاستطلاعية التي قامت بها القوات الفرنسية قبل تفجر الحرب بشكل فعلي بين ليبيا وقوات حلف الناتو ، ووضح كيف تم تنفيذ الضربات الجوية والبحرية والبرية. ووضح الدور الجديد الذي لعبته فرنسا على المسرح الدولي تحت قيادة نيكولا ساركوزي، وسلط الضوء على التخطيط الدقيق والعمليات الاستخباراتية التي سبقت التدخل العسكري. كما تناول الكتاب تحليلاً معمقاً لكيفية تنفيذ الضربات الجوية، بما في ذلك اختيار الأهداف والتنسيق بين الطائرات المقاتلة والمراقبة الجوية، بالإضافة إلى الضربات البحرية التي شملت استخدام السفن الحربية والغواصات النووية التي نفذت مهام القصف والدعم. كما غطي الكتاب العمليات البرية التي تضمنت تحركات القوات الخاصة والفرق التكتيكية على الأرض.
لم يكتف نوتان في كتابه على وصف وتحليل الجوانب العسكرية فقط، بل تعمق في استكشاف الدور السياسي والاستراتيجي الجديد الذي تبنته فرنسا على الساحة الدولية تحت قيادة الرئيس نيكولا ساركوزي. وأستعرض كيف سعت فرنسا، من خلال هذا التدخل العسكري، إلى تعزيز نفوذها ومكانتها على الصعيد الدولي، مشيراً إلى الأهداف السياسية والاستراتيجية التي كانت تسعى لتحقيقها في ليبيا.
مؤلف الكتاب قال :” أن حلف الناتو خلال هجومه على ليبيا بحجة حماية المدنيين من بطش القذافي نفذ 26 الف طلعة جوية ، بمعدل 122 طلعة جوية في كل يوم منذ بداية الحرب وحتى نهايتها ، وشن خلال هذه الحرب 9500 غارة جوية وبحرية ، دمر خلالها 6000 هدف حيوي ..!!!” أما القوات الفرنسية فقد نفذت لوحدها 5316 طلعة جوية ، وشنت 1210 غارة جوية ، والقت اكثر من 1000 قنبلة، و600 صاروخ مؤكدا أن هذا الحجم الهائل لم تستخدمه فرنسا في اي حرب منذ اكثر من نصف قرن.!!!!!
المؤلف إستعرض في كتابه الجهود الدبلوماسية والسياسية المبذولة لإنهاء الصراع الليبي، مشيراً إلى المحادثات التي جرت تحت رعاية الأمم المتحدة والاتفاقات التي أبرمت بين الأطراف المتصارعة. وأختتم جان كريستوف نوتان كتابه بخاتمة لخص فيها النتائج المستخلصة، وقدم فيها توصيات حول كيفية تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.