نحن مهزومون أم أدبنا هو المهزوم؟

نحن مهزومون أم أدبنا هو المهزوم؟

هند الزيادي

قلّبت صفحات الفيسبوك كالعادة  لأقرأ آراء الأصدقاء حول جائزة نوبل للأدب، وأتفاعل مع أفكارهم المتنوعة وتجاذباتهم التي تخلق حالة من الجدل والنقاشات.وهو أمر صحّي جدا،لا أدري لماذا يضيق به بعض “المتثيقفين” . بوست واحد استوقفني لأحد سكان فيسبوك يسخر من كلام العرب عن الأدب الكوري وآرائهم  ومواقفهم من الجائزة والفائزة بها هذا الموسم، ووصل الحماس بصاحبه إلى استخدام عبارة”خرائيات السرد العربي” مقارنة بإبداع الغير من الأمم الأخرى طبعا ثم قرر غياب المبدعين والإبداع. الرجل أراد أن ينأى بنفسه عن المجموعة ويتبرّأ من سياقه الحضاري، وهي في نظري أولى تمظهرات الهزيمة.  مسح بجرة قلم تاريخا كاملا من الكتابة ، من المعاناة، من الإبداع لمجرد أنه مسكون بالهزيمة أو،ربما،  هولم يقرأ رواية عربية واحدة في حياته.نظرت إلى كتابي المرافق” كرّاساتي الباريسية”، كتاب أتأنّى في قراءته وأترشفه بلذة لا أريده أن ينتهي. الكتاب للعزيزة الأستاذة لطفية الدليمي ، المبدعة العراقية العظيمة التي جادت علينا في مسيرتها الإبداعية الثرية العميقة بكل أنواع الخبرات المعرفية والحياتية بما يقارب الثلاثين عملا روائيا وقصصيا، و أكثر من خمسة وعشرين ترجمة لعيون الكتب والأدب  وما يقارب العشرة مسرحيات و عشرة دراسات في مواضيع معرفية متنوعة. منذ انشغلت بالقراءة لها وأنا أتساءل مالذي يمنع المبدعين العرب من ترشيحها لجائزة نوبل؟ أعرف موقفها العميق من الجوائز والمؤسسات الثقافية المقيدة للمبدع واحترمه جدا.ولكن كيف لفرد أن ينعت الإبداع العربي ب”خرائيات” وفيهم لطفية الدليمي وفيهم مظفر النواب ، وفيهم أمل دنڨل وفيهم محمود درويش وفيهم عبد الفتاح كيليطو وفيهم أبو القاسم الشابي وفيهم الطيب صالح ونجيب محفوظ و غيرهم ممن قرأت لهم ومن لم أقرأ بعد، وهذا تقصير مني. أعتقد أننا قوم مهزومون حتى النخاع، والمصيبة أننا وصلنا إلى تلك الهزيمة ولم نحارب، لا عسكريا ولا سياسيا ولا اقتصاديا ولا أدبيا. نجحوا في اقناعنا بدونيتنا دون أن يتركوا لنا مجالا لنخوض حروبنا، ونكتشف مكامن قوتنا وضعفنا ونتعامل معها.  نجاحهم مركب لأنهم حتى بعد أن انشغلوا بمصائبهم تركوا فينا  قوما منّا يتكلمون لغتنا ويعيشون بيننا ويروجون لتلك الهزيمة عن قصد أو عن تواطؤ.

ثقُل إرث الهزيمة ولن نستطيع التعامل مع تٍركته بمثل هذه الأرواح المنهكة المثبطة. نحن نحتاج لتفكيكه جهودا مضاعفة  وعصورا على عصرنا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :