تقرير : بية فتحي
يواجه سكان المدن في ليبيا تحديات على صعيد الإيجار العقاري فمع ارتفاع التكاليف المعيشية وضغوط السوق العقاري، تتزايد أزمة توفير مساكن ميسورة التكلفة.
ففي مدينة سبها تحديداً، تتفاقم هذه الأزمة بسبب ارتفاع الأسعار وشح العرض ، هذا الوضع يضع العائلات والشباب المقبلين على الزواج على وجه الخصوص في مأزق حقيقي ، ففي الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف المعيشة بشكل عام، يجد الكثيرون صعوبة في تأمين مسكن مناسب مع مستويات الدخل ضمن إمكانياتهم المالية المحدودة ،الأمر الذي يعيق قدرة الشباب على الاستقلال والبناء الأسري، ويشكل عبئاً ثقيلاً على عاتق العائلات ، في ظل الأزمات المالية المتزايدة.
يشتكي “محمد علي” من مدينة سبها من شح العروض من وحدات الإيجار السكنية في المدينة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ. كما أشار إلى أنه ظل أكثر من 8 أشهر دون سكن مستقل، بسبب عدم توفر خيارات مناسبة وبالتالي عانت عائلته من التشتت طيلة هذه الفترة الطويلة.
“البحث عن بدائل أكثر ملاءمة في المناطق الأبعد“
أما المواطن “منصور الشريف” اشتكى من أعباء الإيجار المرتفع في وسط المدينة، مما اضطره إلى الانتقال إلى إحدى قرى الجنوب بحثا عن سكن أكثر تيسيراً .
وأضاف الشريف أنه يعاني من مشاكل المواصلات نتيجة لبعد موقع سكنه الجديد عن مكان عمله وأماكن دراسة أبنائه، إضافة إلى احتياجات زوجته الصحية التي تتطلب زياراته المتكررة للمدينة.
يواجه الشاب صالح المحمودي، وهو مقبل على الزواج، صعوبات في توفير منزل له في مدينة سبها.
وأشار المحمودي إلى أنه اضطر إلى تأجيل موعد زواجه بسبب عدم تمكنه من إيجاد مسكن مناسب حتى الآن.
يقول صالح ، على الرغم من محدودية دخله، إلا أنه مستعد لدفع تكلفة إيجار عالية إذا توفرت شقة مناسبة.
وأضاف أنه قد بحث عن بدائل كثيرة، لكن دون جدوى.
وناشد أصحاب الأموال والتجار بإقامة مشاريع سكنية خاصة بالإيجار ميسورة التكلفة تساعد الشباب .عبرت ريم الورفلي عن قلقها من تفاقم أزمة الإيجار في الآونة الأخيرة، قائلةً “حتى بالفلوس ما تلاقي تسكن”. فقد أصبح المستأجرون يعانون بشكل كبير، مثلهم مثل المؤجرين، ولا يمكن إلقاء اللوم على أحد في هذه الأزمة.
وأضافت الورفلي أن لديها تجربة سيئة جداً في مجال الإيجار. فالأسعار الباهظة وندرة الخيارات المتاحة أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على كاهل المواطنين الراغبين في إيجاد مسكن مناسب.
أرجعت فدوى المزوغي أزمة نقص الوحدات السكنية المتاحة للإيجار في مدينة سبها إلى قدوم النازحين من مناطق أخرى وسيطرتهم على المساكن، و رفضهم العودة إلى مدنهم الأصلية. وهو ما خلق حالة من التخبط لدى المواطنين السبهاويين الراغبين في إيجاد مسكن ، بحسب قولها.
من جانبه، أعرب المواطن “ع م” عن تفاجئه من قرار صاحب العقار الذي يقطنه بطلب إخلاء المنزل في أقرب وقت ممكن، وذلك لتأجيره لإحدى الشركات بسعر مرتفع. وقال إنه في حال عدم توفر مسكن بديل له ولعائلته المكونة من 4 أفراد، فإنهم سيكونون مشتتين لفترة غير محددة.
وطالب المواطن محمد سعد الحكومات بضرورة فتح القروض السكنية للشباب ودعم العائلات عن طريق قروض إسلامية لحل أزمة السكن .
كما شدد على ضرورة إخلاء الوحدات السكنية المغتصبة من قبل الأفراد والتي كانت مخصصة لعدد من المواطنين.
أشارت آية محمد إلى أنها منذ هطول الأمطار وهي تبحث عن بيت للإيجار يأويها هي وأسرتها المكونة من ثلاثة أطفال، بعد سقوط منزلها. وتابعت بقولها إنها لم تجد حتى سكنًا يوميًا مما جعلها تشعر بالتعب والإحباط. وأوضحت أنها تعاني من تشتت نفسي، على الرغم من تفضيل بعض الناس بفتح بيوتهم لمساعدتها، إلا أنها تشعر بعدم الاستقرار. وأضافت أن المدرسة على الأبواب، وأنها تأمل في عدم إفساد تجربة تعليم بناتها في هذا العام الدراسي، خاصة أنهن في مرحلة التمهيدي.
أعربت المواطنة أماني الحضيري عن ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحل أزمة السوق العقاري، حيث اقترحت توزيع قطع أراضٍ وفتح باب السلف أو القروض لأرباب الأسر ، مؤكدة أن هذه الخطوات قد تساهم في تخفيف جمود السوق الذي يعاني منه المواطنون منذ فترة طويلة.
وأشارت الحضيري إلى أهمية وضع حد لاستغلال أصحاب العقارات، مشددة على ضرورة تدخل الدولة لتحديد أسعار الإيجارات بما يراعي إمكانية المواطن البسيط، الذي أصبح غير قادر على تغطية مصاريفه الشهرية في ظل ارتفاع تكاليف الحياة الأساسية.
الرأي القانوني :
تقول القانونية “نسرين فتحي” إن القوانين المحلية في ليبيا المتعلقة بالإيجارات السكنية تتضمن عددًا من التشريعات التي تهدف إلى تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، وغالبًا ما يتم تنظيم الإيجارات بموجب قوانين خاصة قد تتغير حسب الظروف السياسية والاقتصادية.
وأوضحت “فتحي” أنه يجب أن يكون هناك عقد مكتوب يحدد شروط الإيجار، مثل مدة الإيجار، قيمة الإيجار، وواجبات كل من المؤجر والمستأجر. وأشارت إلى أن قانون رقم 28 لسنة 1976 م يحظر على المؤجر طلب إخلاء المكان إلا في حالات محددة، مثل عدم دفع الإيجار خلال 30 يومًا بعد التنبيه، أو التأجير من الباطن دون إذن.
وأضافت أن القانون يشترط إخطار المستأجر بالإخلاء مع منح مهلة تصل إلى ستة أشهر، ويحق للمستأجر المطالبة بالتعويض إذا لم يشغل المؤجر المكان خلال 90 يومًا من الإخلاء ، كما تحدد الأجرة السنوية وفقًا لنسب معينة من قيمة الأرض وتكاليف البناء، ولا تسري هذه الأحكام على الأماكن غير المعدة للسكن أو التي حُددت أجرتها مسبقًا بموجب قوانين أخرى.
وأكدت أن القانون ينص أيضًا على أن مشتري المكان لا يستطيع الاستفادة من أحكام الإخلاء إلا بعد مرور سنة من تسجيل عقد البيع.