تجليات في الحب

تجليات في الحب

  •  أحمد والي

كيفَ اسْتَطَاعَتْ هذِهِ البِنْتُ النَّقِيَّةُ أَنْ تَرَى

طِفْلَ الدَّوَاخِلِ فِي حَشَايَ مُعَذَّبًا

وَهْوَ الْمُسَافِرُ فِي الْفَرَاغِ مُدَلَّلًا

يَغْفُو بِقَارِعَةِ الْغِيَابِ لِيَسْتَرِيحَ

مَا بَالُهَا؟

رَاحَتْ تُفَكِّ ضَفَائِرَ اللَّيْلِ النَّدِيمِ لِكَيْ أَرَى

ٱلضَّوءَ… ٱرْتِعَاشَةَ يَاسَمِينٍ فِي الْمَدَى

وَدَنَتْ عَلَى كَتِفِي، فَأَوْرَقَ خَدُّهَا

ٱلْعِنَّابُ غُصْنًا هَائِلًا

وَشَذًى سَمَاوِيًّا يُلَطِّفُ شُرْفَتِي

وَسِوَايَ مُنْفَتِحٌ عَلَى الْأَكْوَانِ أَجْمَعَ

ذَلكَ السِحْرِ المُغَطًّى لِلْأَرَائِكِ

حَيْثُ يَنْسَابُ الْحَنِينُ قَصَائِدًا

فِي لَيْلَةِ التَّغْرِيبِ

وَاصْطَكَّتْ أُنُوثَتُهَا بِآهَةِ لَوْعَتِي

يَا هذِهِ الْبِنْتُ الشَّقِيَّةُ فِي ٱنْعِكَاسَاتِ الرُّؤَى

فِي اللَّا مَكَانِ

تَبَغْدَدِي

يَا مِلْءَ عَيْنِي أَنْتِ

يَا شَرَفَ الأُنُوثَةِ حِينََ قُلْتُ سَلْوَتَهَا

لِتُرَتِّلِي الأَوْرَادَ حَوْلَ وِسَادَتِي

وَلِتَسْقِنِي ٱلْخَمْرَ ٱلْحَلَالَ إِذَا أَتَيْتِ

هُنَا بِسِدْرَةِ مُنْتَهَايَ

إنَا عَرَجْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْهَوَى

فَلْتُخْمِدِي النَّارَ الَّتِي مَرَّتْ عَلَى

جَسَدِي بِمَاءِ بَرَاءَتِي

هَذِهِ الْعَوَالِمُ صُغْتُهَا مِنْ دَهْشَتِي

هَيَّا ٱنْزِفِينِي سَرْمَدِيًّا يَسْتَقِي

مِنْ مَاءِ زَمْزَمِكِ الْجَلَالَةَ

صَلْصَلَاتِ الرُّوحِ إِذْ صَعِدَتْ تُنَادِي قَلْبِيَ ٱلْهَيْمَانَ

حِينََ جَلَوْتِ فِيَّ

وَأَنْتِ قَائِمَةٌ تُنَادِي

فَافْتَحُوا بَابَ الرِّضَا

وَالدَّمْعُ مُحْتَبِسٌ يُخَاصِرُ عَتْمَتِي

أُصْغِي إِلَى عَيْنَيْكِ

أَدْخُلُ فِي الْبَهَا

وَيَشُدُّنِي بَعْضِي لِأَكْتُبَ مَا تُحَاكِيهِ الْخَفِيَّةُ

إِذْ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ

وَرَاوَدَتْنِي فِي الرُّؤَى عَنْ نَفْسِهَا

خُذْنِي لِجَذْوَةِ مُشْتَهَاك ِ

وَشَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا

فَتَكَشَّفَتْ لُجَجٌ

وَبَانَ النُّورُ وَالْفِرْدَوْسُ تَحْتَ قَمِيصِهَا

فَشَهِقْتُ مَغْشِيًّا، أُحَرِّرُ صَهْوَتِي

لِتَقُولَ: يَا مِسْكِينُ، طُهْرُكَ مَقْصَدِي

يَا هَذِهِ الْبِنْتُ الَّتِي كَشَفَتْ إِلَيَّ عَوَالِمًا

وَطَوَتْ بِيَ الأَسْرَارَ حِينََ هَمَمْتُ بِي

أَفَتَحْتِ شُبَّاكَ الْحَيَاةِ لِكَيْ أَرَى

صَفْوَ الْعُيُونِ السَّارِحَاتِ

ٱلصَّافِيَاتِ بِهَائِهَا

وَالْمُلْهَمَاتِ لِأَيِّ أَمْرٍ قَدْ بَدَا؟

شَغَفٌ يُرَاوِدُنِي

أَرَانِي سَارِيًا نَهْجَ الطُّغَاةِ

وَمَا خَلَعْتُ عَبَاءَتِي

مِنْ حُسْنِ مَنْظَرِكِ الْبَهِيِّ تَبَايَنَتْ لِي سِيرَتِي

هِيَ مَنْ تَشَاءُ وَلَا أَشَا

وَالنَّاسُ قَدْ مَرُّوا خِفَافًا إِنْ أَتَوْا

وَيُرَدِّدُونَ بِبَابِهَا سُبُلَ السَّلَامِ

يُخَرْبِشُونَ بِمَائِهَا الْقُدْسِيِّ

لَوْ نَفِدَتْ مَرَافِئُ صَبْرِهِمْ

حَسْبِي مِنَ الْحُسْنِ الْمُوَارِبِ أَنْ أُمَرِّغَ جَبْهَتِي

فِي كَفِّ مَنْ أَعْطَى الْمَسِيحَ مَكَانَهُ

مَنْ صَيَّرَ الْكُهَّانَ أَنْ يَسْتَبْرِئُوا

مِنْ مُعْجِزَاتِ سُمُوِّهِ

هَيْهَاتَ إِنِّي مُغْرَمٌ

يَنْمُو بِقَلْبِي ذَا الْبَعِيدُ إِذَا رَنَا

وَيُزَلْزِلُ الطَّاغُوتَ

كَيْ تَغْدُوَ لِي الْجَنَّاتُ مَهْدًا لِلْخُلُودِ وَمَوْئِلًا

وَأَنَا الْمُسَافِرُ فِي الْمَدَارِ بِنَفْسِهِ

حَسْبِي بِفَرْطِ جَمَالِهَا أَنْ أَهْتَدِي

وَأُرَتِّلَ الْأَشْوَاقَ حَتَّى أَغْتَنِي

إِنِّي الْحَدَاثِيُّ الَّذِي

عَشِقَ الْحَيَاةَ برغمِ بُعدِ خَلَّودهَا

مِنْ بَعْدِ جَهْلٍ

هَلْ سَأُعْلِنُ سَطْوَتِي؟

هَلْ حَقٌّ لِي أَنْ تَنْجَلِي عَتَمَاتُ عُمْرِي

بَعْدَمَا رَقَّتْ إِلَيَّ

وَدَنْدَنَتْ عَبْرَ الْمَدَى مُوَّالَهَا؟

وَرَأَيْتُ سِرْبَكِ يَا حَمَامُ مُعَرْبِدًا

مَا فَوْقَ جُدْرَانِ الْمَآذِنِ

فِي الْكَنَائِسِ

فِي الْمَعَابِدِ

فِي حُقُولِ زُمُرُّدٍ

وَكَأَنَّ مَلْمَسَهَا صَعِيدٌ طَيِّبٌ

مَا يَجْعَلُ الرَّاءُونَ أَنْ يَتَهَلَّلُوا

مِنْ رَوْعَةِ الرَّوْضِ الَّذِي فَرِحَ الصَّبَاحُ وُلُوجَهُ

وَغَدَا رَوَاءَ النَّفْسِ نَشْوَةَ رَاهِبٍ

أَنْ يَسْتَلِذَّ حَيَاتَهُ

يُلْقِي بِسُنْبُلَةِ الْحَيَاةِ

لَرُبَّمَا يَقْضِي بِهَا رَبُّ الْعِبَادِ حَوَائِجًا

يَا هَذِهِ البِنْتُ التِّي فِي لَوْحَةِ الأُفْقِ الْكَبِيرِ تَشَكَّلَتْ

وَتَنَزَّلَتْ نُورًا يُعَانِقُ ظِلُّهَا كَفِّي فَطَارَالنَّوْمُ مِنْ جَفْنِي

وَصَارَتْ مَلْجَأَ الْحَيْرَانِ فِي صَحْرَائِهِ.

حَسْبِي بِأَنَّ الْقَلْبَ مُنْشَرِحٌ وَمُنْفَتِحٌ عَلَى شُبَّاكِ عَالَمِنَا

وَوَجْهُ الصُّبْحِ مُسْتَلْقٍ يُطَالِعُ وَجْهَ يُوسُفِنَا وَيَشْتَمُّ الْقَمِيصَ هُنَا

عَلَى مَرْأَى مِنَ اللَّهْفَاتِ فِي صَدْرِي

وَبَيْنَ الصَّحْوِ بَيْنَ الْغَفْوِ يَرْتَجُّ الْفُؤَادُ لَهَا

تَفُكُّ رُمُوزَ طَلْسَمِنَا وَيَضْحَكُ دَمْعَ مِنْدِيلِي

عَلَى مَا كَانَ فِي عَيْنَيَّ مِنْ رُؤْيَا.

يَا هَذِهِ الْبِنْتُ الَّتِي مُسَّ الْفُؤَادُ بِسِحْرِهَا

وَإِذَا انْجَلَتْ فِي خِدْرِهَا كَشَفَ الْخَيَالُ لَنَا مَتَاهَاتٍ مِنَ الرُّؤْيَا

إِذَا مَدَّ الْمَدَى كَفًّا يُعَبّؤُ خَمْرَ كَاسَاتِي

فَأَقْرَأُ مَا وَرَاءَ الْغَيْبِ حَتَّى يُفْهَمَ الْمَعْنَى

من ديوان قيد الكتابة  خَمْرُ الفِردوسِ فِي شَفتيْها نَقِيْ

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :