المرأة ضحية الحروب / استغلال يتجاوز الإنسانية

المرأة ضحية الحروب / استغلال يتجاوز الإنسانية

  • جهاد النفاتي

  من المؤلم أن نرى المرأة تتحول أثناء النزاعات إلى مجرد أداة تُستخدم في حملات التشهير أو التحريض أو إثارة الرأي العام.

شاهدنا مؤخرًا  عدة مشاهد صادمة و مروعة  تُظهر كيف يمكن أن تتحول المرأة إلى أداة في حرب دعائية لا ترحم و لتستغل لخدمة مصالح سياسية لتحقيق أهداف مخفية.

فيديو المرأة أمام مقر جهاز دعم الاستقرار بعد سقوط رئيسه وقد استُغل  بشكل عنيف لتصفية حسابات سياسية.

بيان ( فتحي الكابوس )  المليء بالاتهامات الباطلة  و الطعن في  أمهات خصومه ووصفهم بأبناء الحرام .

فيديو أم رؤيا الذي وظف بطريقة دعائية.

أقل ما يقال عنها إنها لا إنسانية  دون احترام لا للأم  ولا لكرامة الضحية ولا للجمهور المتلقي.

هذه الأمثلة ليست حالات منفصلة بل تعبّر عن ظاهرة ( تحويل المرأة إلى وسيلة صامتة في حرب إعلامية ناطقة ) تُستخدم فيها المشاعر الإنسانية والاستمالات العاطفية  كسلاح وتُنتزع منها الخصوصية والكرامة لصالح رسائل مشفّرة أو أهداف سياسية بحتة.

في القانون الدولي الإنساني، تُعد حماية المدنيين، وخاصة النساء، أولوية في مناطق النزاع ، حيث وصفت من ضمن ( الفئات  التي تحتاج إلى حماية ) لكن ما يحدث من تصوير وترويج لمقاطع مؤذية نفسياً، و اجتماعياً، وأخلاقياً، برضا أو بدون رضا الضحايا هو خرق مباشر لمبدأ الكرامة الإنسانية، ومخالفة واضحة لأبسط قواعد العمل الإعلامي المهني.

لا يمكن القبول بأن تُستخدم النساء كرموز عاطفية أو ذخيرة معنوية في معارك سياسية. كما لا يمكننا التغاضي عن أن هذا النوع من الاستغلال هو عنف رمزي وإعلامي بامتياز يترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا كبيرًا لدى النساء المستهدفات، و علينا نحن كشعب.

 و في ظل كل هذه الانتهاكات، يبرز السؤال المهم أين المنظمات التي تختص بالمرأة ؟ أين إدارة المرأة بالمجلس الوطني للحريات العامة و حقوق الإنسان ؟ أين المجلس القومي للمرأة؟ و أين المجلس الأعلى للإعلام؟ و أين وزير الدولة لشؤون المرأة؟ أين وزيرة المرأة بالحكومة الليبية شرقاً ؟

هل يُعقل أن يكون حضور هذه الأجسام  مرتبط فقط بالمؤتمرات والندوات والسفريات  والبوفيهات ؟

هل تحولت قضايا المرأة إلى شعارات تُرفع في المناسبات، وتُغض عنها الأبصار حين تصبح مكلفة أو محرجة سياسياً ؟

إن الصمت عن هذا النوع من الاستغلال هو شكل من أشكال المشاركة غير المباشرة في الجريمة، كما أن التواطؤ بالصمت لا يقل خطورة عن ذلك،

على الجميع أن يدرك أن المرأة ليست صورة تُقطع وتُستخدم وفق الحاجة، ولا عاطفة تُستدعى حين نحتاج التأثير.

المرأة إنسان، ولها الحق في الكرامة، والخصوصية، والاحترام، سواء في الحياة أو الموت، في الظهور أو الغياب.

ومن يُوظف معاناتها في معركة إعلامية أو سياسية قذرة ، فقد خسر إنسانيته قبل أن يخسر حجته.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :