فسانيا : منى توكاشها
في ظل التحديات الاقتصادية التي تعاني منها مناطق الجنوي الليبي ومحدودية الفرص، باتت المشاريع الصغرى وسيلة حقيقية لبناء الأمل وتحقيق الاستقلالية. وسط هذا الواقع، أطلقت الإعلامية منية بن أحمد مبادرة “أيادي ماهرة”، لتكون منصة إعلامية مجانية تروّج لإبداعات الحرفيين وتسلط الضوء على الجهود الفردية التي تنبض بالإصرار من مختلف أنحاء ليبيا.
المبادرة لا تكتفي بالتعريف بالمشاريع، بل تحوّلت إلى مساحة إنسانية تمنح الصوت والصورة لمن لا يمتلكون أدوات التسويق أو إمكانات الدعاية. بكاميرا بسيطة وقلم مهني، تنقل “أيادي ماهرة” قصصاً واقعية لصناع التغيير على الأرض، من ربات البيوت إلى الشباب الذين حوّلوا أفكارهم إلى مصادر دخل واستقرار.
تهدف المبادرة إلى دعم المشاريع الصغيرة التي ينفذها الأفراد بجهودهم الخاصة، سواء انطلقت من المنزل أو ضمن ورش ومحال تجارية بسيطة. وتعتمد “أيادي ماهرة” على تغطية إعلامية مصورة وكتابية تقدم مجاناً دون مقابل مالي، بهدف كسر حواجز التسويق والدعاية التي غالباً ما تقف عائقاً أمام أصحاب المشاريع محدودة الموارد.

وتقول الإعلامية منية بن أحمد إن فكرة المبادرة انطلقت من شعورها بحاجة أصحاب الحرف إلى نافذة إعلامية تسلط الضوء على إبداعاتهم دون أن تُرهقهم التكاليف أو يستغلهم الوسطاء. وتوضح: “أردت أن أوفر مساحة نظيفة وآمنة يستطيع من خلالها كل شخص يمتلك مهارة أو فكرة أن يقدّم مشروعه للجمهور، سواء كان في الجنوب أو الشمال أو أي منطقة في ليبيا“.
*تحديات التسويق والدعم.
تشير بن أحمد إلى أن عدداً كبيراً من أصحاب المشاريع الصغيرة يواجهون صعوبات متعددة، منها نقص الدعم، وغياب التدريب، وأحياناً التعرض للابتزاز المالي من جهات تدّعي تقديم التسويق. وتؤكد أن “أيادي ماهرة” جاءت كبديل مهني وإنساني لتلك الممارسات، وكسند حقيقي لكل من يسعى لتحويل فكرته إلى مشروع منتج.
وترى بن أحمد أن المشاريع الصغرى لا تقتصر على توفير مصدر دخل، بل تمثل شكلاً من أشكال الاستقلالية والتنمية الذاتية، قائلة: “مشروع صغير قد يكون بداية لحياة جديدة لصاحبه أو صاحبته، سواء كان في الطهو، الخياطة، الحرف اليدوية، التصميم، أو حتى الزراعة المنزلية“.
* قصص ملهمة من مختلف المدن.
من خلال المبادرة، وثّقت الإعلامية قصصاً لعدد من المشاريع الملهمة، منها سيدة بدأت مشروعها ببسطة بسيطة تبيع من خلالها الوجبات التقليدية، قبل أن يتحوّل مشروعها إلى نشاط تجاري مستقر. كما روت تجربة شاب في بنغازي طوّر مشروعاً في النجارة من منزله، قبل أن يفتتح ورشته الخاصة.
تقول بن أحمد: “قصص مثل هذه تذكّرنا بأن الإرادة تصنع الفارق، وأن الأحلام الكبيرة تبدأ غالباً بخطوة صغيرة وإمكانات بسيطة“.
* مساحة لكل المشاريع بليبيا.
رغم انطلاق المبادرة من الجنوب الليبي، إلا أن صداها وصل إلى مدن أخرى، حيث باتت “أيادي ماهرة” تستقبل طلبات تغطية من طرابلس، مصراتة، بنغازي، وسبها وغيرها. وتضيف بن أحمد: “نحن لا نستهدف منطقة بعينها، بل كل ليبيا. المهم هو الفكرة، الجهد، والإصرار على النجاح“.

*رؤية تتجاوز الإعلام.
تؤكد بن أحمد أن ما تقوم به ليس مجرد عمل إعلامي، بل مشاركة في تنمية حقيقية ترتكز على دعم الاقتصاد المحلي وتشجيع الإنتاج الفردي. وتختتم بالقول: “ما أسعدني فعلاً هو أن أرى مشروعاً صغيراً يبدأ من غرفة في بيت، ثم يتحوّل إلى محل، ثم إلى مؤسسة. هذه التحوّلات تُحدث فرقاً في حياة الناس، وأنا مؤمنة أن كل يد ماهرة تستحق أن تُرى، وتُحترم، وتُدعم“.
من خلال “أيادي ماهرة”، تتحول الكاميرا والكلمة إلى أدوات تمكين حقيقية، تعكس قصص النجاح والإبداع المحلي، وتمنح المشاريع الصغرى فرصة الوصول إلى جمهور أوسع، دون الحاجة إلى ميزانيات تسويقية، في مشهد ليبي يحتاج بشدة إلى هذه المبادرات التي تعزز الإنتاج الذاتي وتعيد الثقة إلى قدرات الأفراد.














