- محمود السوكني
هناك فرق بلا شك ، لكنني لا اعلم مصدره ! هل هو فرق حضاري ونحن من صنع الحضارة وأغناها بعلوم شتى تأسست على مخرجاتها أمم الأرض وبنيت على خطاها معالم الدنيا ومظاهر إبهارها .
أم أنها فروق إخلاقية وتربوية ونحن من أسس أحكام الفضيلة وجعل الأخلاق منهاجاً في التعامل يميزنا عن بقية الخلق ونحن من بعثت على أرضنا رسائل السماء !
نحن مهد الحضارة ومبعث الرسائل السماوية ، فكيف يكون هذا حالنا مقارنة بسوانا ؟!
وإليكم هذا المثال :
في العالم الغربي لا يتأخر المسؤول عن تقديم استقالته حال توجيه أصابع الاتهام إليه في قضية و لو كانت في عرفنا تافهة . اذكر ان مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان -على سبيل المثال- تقدم بإستقالته و لم يمر شهر على توليه مهامه لانه ببساطة لم يودّع للخزانة الأمريكية هدية استلمها لا تتجاوز قيمتها الألف دولار !
في العالم العربي الوضع يختلف كثيرا فالمسؤول عندنا يسرق ليزداد تشبتاً بوظيفته ، يخالف القانون الذي يلزم به الآخرين ، و يصدر قانونا على مقاسه ليس فيه ثغرة تدينه .
المسؤول عندنا لا يؤمن بالتراتبية و لا تهمه الاقدمية و ليس في قاموسه السياسي شيئا مقترب و لو قليلا من قاعدة التداول السلمي للسلطة فهو يحتكم إلى منطق القوة سلاحاً كان أو عشيرة أو قبيلة أو حتى أسرة.
المسؤول في العالم العربي دائما على حق فهو يفهم كل شيء ، و يملك قدرة تحليل اي حدث الذي عادة ما يدعي انه سبق أن تنبأ بوقوعه لكنكم – اي عامة الشعب – لا تقرأون ولا تسمعون و حتى ان سمعتم فإنكم اصلا لا تفهمون!
دائما ما يرى المسؤول انه هبة من السماء جاء لإنقاذ هؤلاء الرعاع رغم انه ولد بينهم و عاش في كنفهم اي انه لم يتم استيراده من بلاد الواق واق و لا جيء به من كوكب اخر أو حط علينا من السماء بل و لم يكن يوما أعجوبة زمانه ولا أظهر واردة تفوق تميزه عن اقرانه ، بل شوهد في اوقات عدة مهزوبا لا يتحكم حتى في بنطاله !
في العالم الغربي الذي تعودنا أن نتهمه بالفساد و الانحلال الأخلاقي، تطيح شكوى نسائية بالتحرش بأقوى المناصب و تجبر صاحبها على التنحي و الاختفاء عن الانظار مداراة للفضيحة .
في عالمنا العربي يتنافس المسؤولين على امتلاك اكبر عدد من المحظيات يخترعون لهن وظائف وهمية لا وجود لها في الملاك الوظيفي و يقتصر عملهن على إرضاء التوحش الغريزي لديهم و لو بابتسامة ساحرة أو كلمة عذبة .
هناك في عالمهم للكلمة سطوة و للصوت قوة و للرأي مداه الذي يثقب طبلة اذن سيد البيت الأبيض فما بالك بمن هو أدنى مرتبة .
هنا ، لديك البراح قل فيه ما شئت و لا تنتظر صدى لما تقول فلا اذان نثقبها و لا عيون نفقئها.
” ام تحسب لن أكثرهم يسمعون أو يعقلون أنهم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا ” [ الفرقان 44 ]
هناك فرق !














