الرحمة المهداة

الرحمة المهداة

  • محمود السوكني

حلّت علينا منذ يومين ذكرى مولد سيد الأولين والأخرين فصار لزاماً أن يتم الإشارة إلى هذه الذكرى العطرة فكانت هذه الكلمات التي حتماً لن تفي الذكرى حقها من الترحيب والتهليل وتعداد مناقبها /              صار لقاء الأصدقاء من الأحداث النادرة ، ولم يعد هناك في زحمة العمل والانشغال بهموم الحياة ، متسع من الوقت لمنادمة ماتلقى من أحباب وقضاء بعض السويعات معهم .

أخذنا الزمن من خلاننا ورفاقنا وجملة أصحابنا ، سرقنا من الصحبة الجميلة ، أطاح بعيداً بكل أوقات البهجة التي كنا نقضيها ونحن نستذكر مراحل العمر من مدارج الطفولة حتى عهدنا بالشيب وعلل العصر .

لم نعد نلتقي إلا في الملمات والنوائب ، حتى الأفراح لم نعد نكثرت كثيرا لحضورها فالأعذار فيها متاحة “واللي يجي يهني !” وحدها  ذكرى سيد الكائنات لا تقبل عذراً ولا تنفع معها الحجج ، فهو اللقاء السنوي لكل الأحباب ، حيث يلتقون هناك في الزوايا الصوفية من الزاوية الكبيرة إلى أختها الصغيرة إلى المكنى ، وهي زوايا تضمها المدينة القديمة الساحرة التي يجاهد أبنائها على المحافظة قدر المستطاع على تاريخها بعد أن شوه البعض معالمها ، واضاعوا بريقها ! .

الكل يستعد لهذا اللقاء الحميمي بلباس يليق بعظمة المناسبة ، وسمو الذكرى ، وهل هناك ما هو أعظم من ذكرى ميلاد سيد البشر محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .

في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم تخشع القلوب وتقشعر الأبدان وتهيم النفوس مبتهجة فرحة بذكرى من أرسله الباري رحمة بالعالمين سيدي رسول الله الصادق الأمين الذي بعث بالرسالة الربانية ليطهر القلوب ويزيح عن النفوس ظلام الجهل والتخلف ويعلن ميلاد أعظم رسالة وآخر دين اصطفاه المولى سبحانه وتعالى للبشرية قاطبة .

تهيم الأنفس عشقاً ، وتتعطر المهج حباً وولها بمن كان يوم مولده بداية لميثاق أبدي يؤسس لعلاقة سرمدية بين الخالق والمخلوق ، بين العظيم ذو الجلال والعبد الخاشع المتبتل في محراب رحمته ورضوانه .

الوجوه يمؤها الحبور ، والألسن تلهج بالدعاء والقلوب ترفل في سعادة غامرة ، وهي تستمع بشوق المحبين للأذكار والأدعية تصدح بها المهج قبل الشفاه ، وتنطقها العقول قبل الألسن .

سيدي حبيب الله ، جئنا نستظل برداء محبتك العاطر ، ونلتمس بذكراك شفاعة وعدت بها ، ونستجدي فضلا بشرت به ، ونستعطف بسيرتك العطرة رحمة بعثت من أجلها .

يوم ذكرى ميلادك ، تتوحد القلوب وتلتقي على محبتك ، وتجتمع لسرد أفضالك وذكر مناقبك ، وترديد الأذكار التي تمجد سجاياك وأعمالك الجليلة .

يوم لا يعادله يوم آخر ، ولا يكافئه ولا يوازيه ولا يقارن به ، فهو يوم نحمد فيه الله عز وجل الذي بعثك بالحق لتؤسس لأعظم الرسالات وأجلها وأنفعها للعالمين جميعا .

و في هذا اليوم الخالد ، نلتقي الأحباب الذين اجتمعوا معنا على حبك . والتقوا معنا على نور هديك ، وتعاهدنا فيه على اتباع صراطك المستقيم الذي لن نحيد عنه ولن نرضى بغيره بديلا .

هو دين الحق بلا ريب ، وله توهب المهج وتهدر الأرواح ، وتقدم الأنفس طائعة مختارة لإعلاء كلمته وبسط منهجه القويم

سنجتمع كل عام بإذنه تعالى لنحيي أعظم ذكرى لأفضل البشر ، وسنردد دائما الأذكار والأدعية التي تخلد هذه المناسبة العظيمة. وسنتوارثها جيلاً بعد جيل ، لتظل أبداً ميثاق يجمعنا على محبة سيد الكائنات وخاتم الأنبياء والرسل شفيعنا وحبيبنا وقرة أعيننا ومبعث فخرنا ، الذي تلهج بذكراه كل حواسنا من أمرنا الباري بادئا بذاته العليا ، بالصلاة والسلام عليه ، عندما قال وقوله الحق في محكم كتابه العزيز “بسم الله الرحمن الرحيم .. إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما صدق الله العظيم” اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، كما سلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، في العالمين انك حميد مجيد .

اللهم آمين .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :