بقلم :: نيفين الهوني
حين كنت أسابق الزمن للدخول لأخر عرض في آخر سينما سيتم عرض فيلم أخضر يابس فيها كان جل ما يدور في رأسي هو الاستمتاع بمشاهدة الفيلم الذي سمعت عنه منذ حوالي عام بكل التفاصيل والمعلومات الايجابية التي أحاطت به والتي تتزاحم في رأسي وأنا أسأل اصحاب المحال التجارية عن سينما زاوية في وسط البلد في أم الدنيا مصر ، في الوقت الضائع بين بدء دخول المشاهدين و وبين الاستعداد لإطفاء الانوار وعرضه وصلت أخيرا بمساعدة الشعب الذي لا يتوانى عن تقديم المساعدة وإن كانت أكبر من استطاعته إلى المكان الفيلم بدأ منذ حوالي 3 دقائق دخلت بسرعة ومعي التذكرة التي بقيت معي ذكري لوجع نسوي ومجتمعي طرق بابي في غفلة مني وبقي مسيطرا على روحي لعدة أيام حتى بدأت في الكتابة من جديد يقول ملخص الفيلم الذي بدأ عرضه على غير العادي في مهرجان عالمي وهو مهرجان لوكارنو السينمائي ثم عرض في 45 مهرجان و32 دولة وحاز على العديد من الجوائز فعلى سبيل المثال لا الحصر الجائزة الكبرى لمهرجان فاماك للسينما العربية بفرنسا، والمشاركة في الدورة 41 من مهرجان ساو باولو السينمائي الدولي بالبرازيل في عرضه الأول بأمريكا اللاتينية، ويعد مهرجان ساوباولو السينمائي الدولي أقدم ثاني مهرجان بقارة أمريكا اللاتينية، ومهرجان ستوكهلم ومهرجان سنغافورة، ومهرجان ديمور أكبر مهرجان للسينما الفرانكفونية في العالم، وفي مهرجان سلا في المغرب وطنجة ومهرجان قرطاج السينمائي ، وحاز أيضا المخرج محمد حماد على جائزة أفضل مخرج بمهرجان دبي السينمائي الدولي كأول مخرج مصري يفوز بهذه الجائزة عن فيلم روائي طويل، ثم حاز على الجائزة الذهبية بمهرجان المكسيك السينمائي الدولي وحصلت بطلة الفيلم أيضا على عدة جوائز منها جائزة أفضل ممثلة في مهرجان أسوان، وأيضًا أفضل ممثلة في اختيار النقاد بمهرجان كان ، يقول الفيلم الروائي الطويل أن إيمان؛ فتاة مُحافظة ومُلتزمة، دائماً ما تضع نُصب عينيها التقاليد والأعراف الاجتماعية الراسخة. لكن حدثاً صادماً يجعلها تضرب عرض الحائط بقناعاتها السابقة كلها هكذا يقول الملخص لكن ماهي التفاصيل منذ بدء الفيلم ومشاعر التوجس والخيفة تسيطر على أحاسيسي دون أن أدري لما لكن توارد التفاصيل والمواقف والاحداث في لقطات الفيلم الذي ألفه وأخرجه وأنتجه المخرج محمد حماد هي التي فسرت لي لما كنت خائفة ووصوت ضربات قلبي أقوى من صوت عجلات القطار المتهالك على السكة المتأكلة طوال الفيلم بفعل العمر الذي يمضي ولا يُعطي
النفس أمارة بالصبر والعمر لا يحتمل التأجيل
وقد يظن البعض أن الفيلم فقط هو فيلم اجتماعي يعرض حالات فردية او حتى جمعية لطبقة كانت في المجتمعات العربية وبدأت في التلاشي الان (مصر نموذجا في الفيلم ) وهي الطبقة المتوسطة والتي نعتقد جميعنا اننا منها ونحاول بكل قوة مقاومة اضمحلالها من المجتمع فوجودها يعطي مساحةً للتوازن في المجتمعات المترنحة منذ سنوات عدة، رغم فشلنا المتعدد الطرق والوسائل والتفاصيل في الحد من تغول الطبقات الاعلى وانهيار الأدنى منها في دوامة ما يسمى التحول الاقتصادي للشعوب العربية .لكن الامر أكبر من ذلك وأكثر تعقيدا فالغوص في اعماق حياة هكذا طبقة هو بمثابة استخدام مشرط الجراح لإحداث جراحات لا تندمل بسهولة ولا مجال لتركها عرضة للتعفن
القطة السوداء في حياتنا
هي ليست نذير الشؤم الذي تعودنا هي ليست بوادر اليأس الذي نرفضه الان لكننا سندمنه لاحقا هي ليست عدم قدرتنا على مواجهة أنفسنا بالحقيقة ولا مواجهة المجتمع بأوجاعنا واحتياجاتنا صراحة ودون خوف أو خجل فما بين اللقطة الاولى للفيلم ودخول الطبيب الفجائي لحياة الفتاة عند مشارف الاربعين وخروج ذات الفتاة في الفيلم وأخريات في الحياة من عند ذات الطبيب الذي يجبرك العمر على زيارته للمرة الاولى بوجع جياش ولمرات آخر ببلادة مشاعر لا تعرف من أين استطعت الحصول عليها مرورا بزيارات المرضى الاخرين والجلوس على الكرسي المؤلم حد الاختناق أمام غرف الانعاش والعناية الفائقة في انتظار بادرة أمل أو خبر يفرحك من الطبيب فتمر تحت قدميك ومن بين الكراسي قطة سوداء ضخمة تصدمك دون كلام وتضع حدا لأحلامك الطموحة دون عبارات مواساة حتى، بين هذا وذاك هناك مساحات من العمر المتساقط أياما وشهورا وسنوات وعدد من بذور الخصوبة التي بقيت دون لقاح يزهر في حقول الحياة باقات من أمل و فرح .أخضر يابس فيلم يستحق المشاهدة ثم المواجهة فالنفس أمارة بالصبر والعمر لا يحتمل التأجيل