عرض وتقديم : فاطمة فوزي بن دردف
لوحة غلاف الكتاب للفنان العالمي (فرنسيس بيكون)، وظهر الكتاب يحمل صورة للكاتب حسن المغربي مدير تحرير مجلة رؤى الصادرة عن هيئة دعم وتشجيع الصحافة، وقطعة من مقدمة الناقد المغربي الكبير الدكتور فريد أمعضشو .
صدر كتاب جديد للناقد حسن أبوبكر المغربي بعنوان ” فتنة الأدب وغواية النقد “، وذلك عن منشورات دار سلمى الثقافية تطوان/ بالمملكة المغربية لصاحبها الأستاذ عبد الهادي بن يسف
يتناول كتاب “فتنة الأدب وغواية النقد” بالدراسة والتحليل مواضيع متنوعة حول الأدب والكتابة الأدبية التي تشمل المقالة، والقصة القصيرة والرواية والشعر، حيث سيلاحظ القارئ اهتمام الكاتب بنظريات التلقي في المنتجات الأدبية والفلسفية معا، و هو يجتهد على مدى الكتاب لإثبات أن الأدب هو ممارسة، وليس فكرة أو جوهرا، حيث يقول في معرض الحديث عن الكتابة الأدبية مثلا: ” إن الكتابة الأدبية تختلف، في طبيعتها، عن الكتابات الأخرى؛ فالأديب غير مطالَب بالتعليم والصناعة، وكذلك فإنه من سوء الفهم أن يُنظر إلى أعماله على أنها أعمال إصلاحية(…) إذ إن ما نبتغيه من الأديب هو الإحساس بالحياة وبتعقد الوجود البشري، وإنّ إحساسا كهذا يهذّبنا أكثر مما يفعل التنظير الأخلاقي الصريح“.
إن كتاب “فتنة الأدب وغواية النقد” هو في الأصل مجموعة بحوث ومقالات كتبت في فترات متباعدة بالصحف والمجلات العربية والمحلية، تدور في مجملها حول الأدب والكتابة الأدبية، تطرق من خلالها الكاتب إلى جملة من قضايا الأدب بالتحليل والمقاربة المنهجية، ففي مقال “الكتابة بين الأيديولوجيا والفن” تحدث الكاتب عن مسألة توظيف الأدب التي من شأن المنتج الأدبي أن ينقلها، وهذه مسألة معقدة، فالنقد الحديث يميل إلى تحرر الأدب من اشتراطات المذهبية والفكرية معا، ومن هنا آثار الكاتب قضية الالتزام في الأدب/ الفن، وعلاقته بالإيديولوجيا، مستشهدا بكبار الكتاب الغربيين أمثال: فرجينيا والف وسارتر ورولان بارت، وفي هذا السياق يقول الكاتب: ” يجب أن يكون الأدب بعيدا عن الانثيالات العاطفية، وواجبٌ على الأديب أن يتحصّن، بقدر المستطاع، ضد الانفعال؛ فليس المهم ما يقوله، ولكن كيف يقوله، أو كيف يعبر عنه؛ إذ إن الفن، بصفة عامة، ليس له وظيفة سوى إعادة الأشياء وترتبيها بطريقة أخرى”، كما تحدث في مقال آخر بعنوان: “القراءة ومتعة التلقي” عن مفهوم القراءة وتبيان مكامن متعتها، ووظائفها المتعددة، فإحدى المسائل الأساسية التي يطرحها النظر في الأدب، هي معرفة ما إذا كان وجود المنتج الأدبي هو فقط نتيجة منطقية ومباشرة لوجود الهيئة المسماة “مؤلف” أم هو، على العكس، نتيجة عمل يقوم به قارئ يكشف بطريقة ما الإطار الإبداعي للآثار الأدبية، وبتعبير آخر، هل المنتج الأدبي هو نتاج المؤلف أو نتاج القارئ، حيث أكد المؤلف أن القراءة النصوص الأدبية والفلسفية “لا تتوقف أو تنتهي عند دلالة بعينها، بل هي- بمعنى (إيكو) – “متاهة هرمسيّة” متعددة الغايات، تطلق العنان لسلسة من الإحالات المتناهية، تبدأ بدلالة قارة في شروط إنتاج المعنى المعبَّر عنه بـ”الكشف عن قصدية المؤلف”، وتنتهي- بتعبير (دريدا) – إلى لانهائية المعنى المتمظهر في آلية “التشتيت”، التي تنتج ما يعرف بالاختلاف والمغايرة والتشظي والانفتاح المضاعف…”، وفي مقال بعنوان ” الأدب بين المنهجية العلمية والإستطيقا الشعبية” تناول الكاتب النظريات النقدية في الأدب منذ العصر الكلاسيكي حتى العصر الحديث، كما عرّج على صلة الأدب بالحرية، وعلى تطبيق منهج العلم الصارم في الدراسات الأدبية والفنية، مؤكّداً أن إعمال ذلك من شأنه أنْ يقود إلى قتل الإبداع والجمال في هذا النطاق المميَّز فعلا، وأن الأدب يجب أن يتحرر من قبضة قواعد المنهج العلمي الدقيقة، ويثور عليها متمسّكاً بوجوب قراءته بعيون تراعي خصوصية الإبداع، وطبيعته الفنية المُفارقة، كما أصاب الكاتب حسن المغربي حين أفرد (محورا) للكتابة الإبداعية، حلل فيه مراحل الكتابة لدى بعض الأدباء، واستشهد على وجه الخصوص ببعض كتاب الأدب الغربي أمثال: إرنست هِمِنْغواي، هارييت بيتشر ستاو، إدغار بوروز، أناييس نن، وغيرهم.
أما في دائرة الأدب الكبرى، نجد في الكتاب مقالات رائعة عن الشعر العربي، في شقيه الإبداعي والنقدي؛ إذ أفرد إحداها لقضية التجديد في هذا الشعر، منذ بداياته البعيدة إلى العصر الحديث، مضامينَ وأشكالاً، وموقف المحافظين المنتصِرين للتراث/ القديم منه، وخصّ إحدى المقالات ” الشعر الحر بين التجربة وإنتاج الجمال” بالحديث عن الشعر الجديد الذي ظهر عقب الحرب العالمية الثانية على يد شعراء من العراق، وبين المكاسب الفنية لهذا الشعر من خلال تحليل مقاطع شعرية لجملة من رواده المشارقة، من مثل السياب، البياتي، وصلاح عبد الصبور وغيرهم. واتخذ الكاتب مادة أخرى، هي – في الأصل – كلمة نعْي، نشرت يوم وفاة الشاعر محمد الفيتوري في صحيفة العرب اللندنية، حيث اعترف الكاتب بإسهامات الفيتوري في تطوير الشعر العربي من خلال أشعاره المدافعة عن الزنوجة والقومية العربية وغيرها. وثمة في الكتاب دراسة عن تاريخ النقد الشعري لدى العرب إلى حدود القرن الخامس الهجري، تتبّع فيها مراحل تطور هذا النقد وبِيئاته، وكذا أبرز مميزاته في كل عصر أدبي، وأهم رموزه وغير ذلك.
أما في حلبة الأدب الروائي نجد في الكتاب دراسة عن تاريخ الرواية الغربية منذ نشأتها إلى العصر الحديث، تحدث فيها الكاتب بإسهاب عن تطور هذا الجنس الأدبي عبر العصور وذلك من خلال عرض أهم النماذج الأدبية بداية من الروايات الإغريقية حتى وقتنا الحالي، وفي الكتاب نجد مادة أخرى في المجال نفسه بعنوان: ” جماليات الترجمة في رواية تحولات الجحش الذهبي للدكتور علي فهمي خشيم ” تناول فيها الكاتب سيرة صاحب الرواية، وكثف متنها الحكائي، ورصد أهمّ خصائصها فكريا وجماليا، وأوضح مدى تأثيرها في كثير من آداب العالم، ثم توقف عند ترجماتها العربية التي جاءت، طبعا، متفاوتة في قيمتها ودقتها وإبداعيتها جميعا، منوّهاً – في هذا السياق – بترجمة الكاتب الليبي الراحل علي فهمي خشيم، وهي الأولى زمنيا مقارنة مع الأخرَيَيْن (الجزائرية والتونسية).
ونجد في الكتاب عدة مقالات حول المحاكاة الساخرة والأدب الغرائبي، وهي عبارة عن قراءات في كتب ظهرت مؤخرا بالمغرب العربي تتناول الأدب الساخر والكتابة الرحلية والصوفية لكتاب من تونس والمغرب أمثال: خالد التوزاني، عبد الستار العوني، أحمد الخصخوصي، وعلي البوجديدي.
وأخيرا، فإن هذا الكتاب “فتنة الأدب وغواية النقد” للأستاذ: حسن المغربي، يعد ( كما يقول مقدم الكتاب الدكتور: فريد أمعضشو) مؤلَّفا ذا قيمة أكيدة في مشهدنا الأدبي، سيُغْني – بلا ريب – المكتبة النقدية في ليبيا، وسيُفيد قارئه بما انطوى عليه من موادّ نقدية دَسِمة متنوعة ومتعددة، نظرية وتحليلية، في أجناس وأفانين أدبية كثيرة” . وفيما يلي محتويات الكتاب:
- الإهداء
- افتتاح
- تقديم : بقلم الكاتب المغربي الدكتور فريد محمد أمعضشو
- الكتابة بين الأيديولوجية والفن
- القراءة ومتعة التلقي
- الأدب بين المنهجية العلمية والإستطيقا الشعبية
- الكتابة الأدبية
- التجديد في الشعر العربي (مواقف ونماذج)
- الشعر الحر بين التجربة وإنتاج الجمال
- في وداع محمد الفيتوري(الشعر بين القضايا القومية والنزعة الأفريقانية)
- الرواية الغربية إشكالات ومفاهيم
- جماليات الترجمة في رواية تحولات الجحش الذهبي للدكتور علي فهمي خشيم
- قراءة في كتاب المحاكاة الساخرة تأليف: أحمد الخصخوصي وعبد الستار العوني
- أدب (الفنتازية) في الرحلات العربية
- قراءة في كتاب “السخرية في أدب علي الدوعاجي : تجلياتها ووظائفها” للباحث التونسي علي البوجديدي
- عرض كتاب: جماليات العجيب في الكتابات الصوفية للباحث المغربي د. خالد التوزاني.
- فهرس المحتويات
- سيرة الكاتب