حوار :: عثمان البوسيفي :: زهرة موسى
تعد مكتبة طرابلس العالمية انجازا ثقافيا ضخما ، حافظ على استمرارية وجوده تحت مختلف الضغوط ، وقدم للساحة الثقافية والعلمية الليبية الكثير من المطبوعات ، بمجرد ولوجك للمكتبة ستبهرك الأناقة الفائقة ، والترتيب المتقن لمحتوياتها من الكتب و المطبوعات ، وستقابلك مالكة المكتبة السيدة الأنيقة فاطمة احقيق بمنتهى الود ، ستلاحظ تلك العلاقة الحميمة بينها وبين الكتب والكتاب والمثقفين فنشاطها لا يختصر على الطباعة والنشر فقط ، فلقد أشرفت المكتبة على الكثير من المناشط الثقافية المختلفة ، وشاركت في عديد المحافل داخل وخارج الوطن ، عن هذه المكتبة العريقة دار حوار فريق فسانيا الذي قام بزيارة المكتبة .
الجامعة كانت تفتقر إلى المراجع و المعلومة العلمية
وعن نشأة المكتبة قالت أ حقيق ” منذ الصغر كانت هناك حميمية بيني وبين الكتاب ، ولكن قد يكون التدرج مهني لي مختلف حيث امتهنت عدة مهن ، فبعضها فرضتها الظروف السياسية و الاجتماعية مثل مهنة التدريس في بداية السبعينيات و هناك مهن نتيجة للرغبة، منها عملي في مجال الإعلام ثم انتقلت إلى جامعة طرابلس و عملت بالمكتبة المركزية بها ، وهناك ازدادت علاقتي بالكتاب .
و أصبحت أجد راحة كبيرة طوال ساعات التي أقضيها بالمكتبة ، كان ذلك في منتصف الثمانينات ، وهناك لامست حاجة الطالب للمراجع والكتب ، ذلك لأن الجامعة كانت تفتقر إلى المراجع و المعلومة العلمية التي يحتاجها الطالب ، فكانت بحوث الطلبة متشابهة نتيجة لقلة المراجع ، إلى جانب ذلك كانت مساحة المكتبة صغيرة جدا ، فكانت نتيجة لكل تلك المعاناة التي عشتها ، و عاشها محبو القراءة ، أن انبثقت في ذهني فكرة إنشاء مكتبة لبيع الكتاب ، خاصة بأنه في تلك الفترة كان هناك أناس لهم القدرة المادية على شراء الكتب ، و إن لم تكن بكميات كبيرة .
وكانت الفكرة أن نخفف العبء على أولئك الذين لا يستطيعون شراء الكتاب ، و من هذه الفكرة انطلقت فكرة إنشاء المكتبة حيث بدأنا في التجهيز لافتتاحها في العام 1991 ، و ثم افتتاحها في 20 من أبريل من العام 1992 .
ضعف حركة النشر بليبيا
تضيف أحقيق : بعد الافتتاح واجهتنا مشكلة أن 99 % من المراجع التي يحتاجها الطالب الليبي هي مؤلفات لغير الليبيين وعندما بحثنا في هذا الموضوع وجدنا أن المشكلة في حركة النشر وليست في التأليف الليبي خاصة في مجال العلمي ومن هذا المنطلق جاءت فكرة إنشاء دار النشر لإعطاء فرصة للكاتب الليبي في المجال العلمي و الثقافي لإبراز قدراته وإبداعاته وأن اعتمدت المكتبة في بداية تأسيسها وبنسبة 80 % إلى استهداف الكتاب العلمي ، و20 % للكتاب الثقافي ، فمن هنا كانت فكرة وجود دور نشر خاصة هي التي وسعت دائرة التنوع و التأليف المحلي ، خاصة في هذه الفترة فالآن رغم معاناتي إلا أنني قد فتحت مجال التأليف المحلي .
اتحاد ناشرين الليبيين فشل في ربط الناشرين الليبيين ببعضهم البعض
جهات داعمة
نفت احقيق وجود أي جهات دعمت للمكتبة ، مؤكدة أن عملها خاص ، ليس له أي علاقة بالدولة ، إلا من خلال عقد الإيجار فقط .
212 عنوان هي إصدارات المكتبة
تتحدث احقيق بفخر عن عدد إصدارتها التي تصل إلى حوالي 212عنوانا ، و تؤكد في الفترة الأخيرة ركزنا على الجانب الثقافي و الأدبي ، وكانت أول رواية طبعت بالمكتبة هي للكاتبة ” نادرة العويتي ” بعنوان “اعترافات أخرى “.
في بداية التسعينات ، وكذلك نشرنا ديوان لسعاد سالم ، ونشرنا كتب لفتحي بن شتوان ” ولا يحضرني عديد من الأسماء ، أغلبها محلية ، و بعض العناوين التقيت بمؤلفيها في معارض دولية مثل معرض “فرنك فورت ” ، و معرض لندن ، التقيت هناك بكاتبات أمريكيات من أصول عربية ، يكتبنا بالإنجليزية و قمت بترجمة كتبهن إلى العربية ، مثل ” دهاء النساء ” وكانت مؤلفة هذه الرواية سيدة أمريكية من أصول عربية وسعدت جدا لمعرفتها بأني ناشرة ، وقالت بأنها تتمنى أن تترجم إحدى كتبها إلى العربية فترجمت لها هذه الرواية إلى العربية ، وذلك نوع من استقطاب المهاجر العربي ، فكما ذكرت آنفا كانت معظم الكتب علمية ، ولكن هذه الفترة قمت بتغير الاتجاه إلى الأدبي والثقافي ، ولهذا قمت بطباعة رواية للسيدة المميزة عائشة الأصفر” النص الناقص ” و كذلك للشاعر الرائع عمر عبد الدائم .
إصدارات جديدة
أكدت احقيق أنها بصدد طباعة ” كتابات نسائية ” وهي دراسة انطباعية ” للكاتب الليبي يونس الفنادي، و كتاب الخلاصة للكاتب يوسف الشريف ، والجزء الثالث من دراسات في الطفولة ، و أيضا إصدار جاهز للكاتب إبراهيم عثمونة ، وكتاب تحت الدراسة في مجال الموسيقى العربية ، لفنان عربي وهو صاحب أكبر فرقة عربية فنية في لبنان ، يتحدث عن الموسيقى العربية منذ نشأتها وحتى الآن .
وعن دعم الأنشطة الثقافية
ذكرت ” قد يكون الدعم ليس بالحضور و قد يكون في الخفاء أو بالمشاركة في نشاط ، و كنشاط ثقافي في الحقيقة تقوم المكتبة كل عام بالاحتفال باليوم العالمي للكتاب ، و لكل احتفال موضوعه و فكرته و هدفه الخاص، و أيضا نحاول المشاركة في كل المناشط الثقافية ، خاصة عندما يكون هناك تنظيم مستمر و دعم للكتاب و آخرها معرض الكتاب المستعمل .
وفي سؤالنا عن مكانة الناشر الليبي عربيا و دوليا ؟
أجابت : ” مكانة الناشر الليبي ضعيفة للغاية وذلك نتاج لأوضاع البلاد ، وقد كانت مكانته في السابق أيضا ضعيفا نتاج لسياسة البلد ، ولكن الآن توجد الحرية ، فأنا حرة للمشاركة ، ولكن بالنسبة للظروف السياسية و الاقتصادية و الأمنية هي من تقيد الناشر وتحد من نشاطه .
و كذلك انطباع الآخرين علينا مهم جدا ، فأنا كنت عضو باتحاد ناشرين العرب ، و عندما يكون لدينا اجتماع في أي دولة من دول الخليج لا نمنح تأشيرة ، فدائما أتغيب قصرا عن اجتماع اتحاد الناشرين العرب و أتغيب عن المعارض ، رغم أنني أحاول وصول الكاتب الليبي عن طريقي ، و الآن أنا بدأت تحد جديد ، بعد أن رأيت إنتاج الكاتب و الأديب الليبي، قررت المشاركة في معرض مسقط للتعريف بالكاتب الليبي ، و أصريت على المشاركة للتعريف بالكاتب الليبي سواء من خلال الإعلان عنه أو من خلال اختيار شخصية نقدية ليبية لتذهب معي لتقديم فكرة عن الكاتب الليبي .
من خلال احتكاك المباشر بالمثقف والكاتب والأديب الليبي كيف تقيمي الأدب الليبي؟
الكاتب الليبي إذا كان بظروف أفضل مما عليه الآن سيكون في الصدارة ، و سيكون مميز ، سيكون كأي نجم من نجوم الكلمة ، و سينافس عربيا ، بما لديه من إنتاج مميز ورائع ولكنه غير منشور لأن حركة النشر ضعيفة ، لجملة أسباب منها سواء انعدام فتح المجال للطباعة ، وغلاء الورق والأسعار ، وهل تتناسب مع مستوى معيشة الفرد ، وخاصة أن البعض يحتج بأن الكتاب غالي الثمن ، فأنا أشتري الكتاب بعشرة دولار ، و مثلا في الإمارات يشترى أيضا بعشرة دولار ، فالمشكلة هي كم تساوي العشرة دولار في جيب المواطن الليبي ، بمقابل جيب الإماراتي .
ما مدى إقبال القراء على شراء الكتب في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة ؟
بصفة عامة للأسف فإن القارئ الليبي من حيث الكم ضعيف ، حتى في السابق عندما كانت الظروف متيسرة و الكتاب متوفر ، فما بالك الآن فلا يمكنك التقييم بسبب الظروف الراهنة ، وصحيح بأن القاريء الليبي أتته موجة من التحضر وصار لديه وعي بأهمية الكتاب.
و لكن الظرف الحالي لا يسمح بإمكانية تقييم ما إذا كان قارئا أو غير قارئ ، لأن ظروفه قاسية جدا ، و لأن الكتاب في ثقافتنا الليبية يأتي في آخر قائمة كمالياتنا .وأضافت : أذكر بأنني في إحدى الفترات قررت أن أشجع الأطفال على القراءة ، فقررنا بأنه عندما يشتري أي شخص كتب بقيمة 30 د.ل.
يحصل على خمس قصص أطفال مجانية ولكن ما حدث أن البعض راجع الإدارة لرد القصص وأعطاه بالمقابل خمسة دنانير ، فأجيبهم بأنه هذا تشجيعا للأطفال على حب القراءة ويجب أن تأخذها ، لكنه يجيبني سيقمون بتمزيقها ، و أرد عليهم دعهم يمزقونها ، كان ذلك في العام 1998 .
وفي نهاية المطاف كتبت إحدى الوسائل الإعلامية عنا بأن المكتبة لم تعد قادرة على تخزين الكتب فبدأت بتوزيعها ، فحزنت جدا عندما قرأت هذا الخبر ، وزارتني حينها الإعلامية جنينة السوكني رحمها الله ، فرأتني أكاد أبكي من ردود الناس حيال ما حدث ، فأجرت معي حوار صباحي في إحدى المحطات المسموعة ، ودعمتني و أخذت بيدي و حاولت أن تغير مفهوم الناس و نقلت لهم الصورة الصحيحة لما حدث لتظل المشكلة في المتلقي
ما مدى إقبال الكاتب والأديب الليبي على الإنتاج الأدبي والفكري ؟
هناك إنتاج كبير جدا ، وقد يكون الآن في هذه الفترة حاجز حركة النشر بسبب إمكانيات الناشر نفسه لكن بسبب جملة أسباب ذكرناها سابقاً ، الناشر لا يتلقى أي مخطوط إلا إذ كان ضروريا ، وبالنسبة إلي فأنا أميل في هذه الفترة إلى الجانب الأكاديمي ، لأن السؤال دائم عن بعض العناوين المهمة ، في مجال الجامعات مثل كتب الطب وغيرها من الكتب العلمية بالمقابل هناك زخم كبير للإنتاج في الإنتاج الثقافي والأدبي ، في هذه الفترة .
الميزانيات التي تصرف للجامعة لجلب الكتب ، تغطي حاجة ليبيا ومصر وتونس
من يحدد جودة المادة المطبوعة أدبيا؟
جودة المادة كنص ، النقاد هم من يحددون ذلك ، في الغالب لدينا بعض الشخصيات يطرح عليهم الموضوع قبل النشر ، سواء من حيث المادة و الموضوع أو من ناحية اللغة ” التصحيح اللغوي “، وكذلك حتى اسم الكاتب أحيانا له دور في تشجيع الناشر .
كيف تري مستقبل مكتبة ورقية ، في عصر تطور تكنولوجي وظهور مكتبات الكترونية حيث تسهل عملية الحصول على الكتاب؟
أكدت ” الانترنت و التقنية إذا كان في دول طغت عليها بالكامل و أصبحت جزء من حياته منذ الطفولة اعتاد عليها الناس مثل الدول الأوربية وهي سبب هذا التطور ، و مع هذا لا يزال الكتاب الورقي له مجاله ودوره و له محبيه ، فمقارنة بذلك نحن بليبيا لا تزال مدارسنا بالكتاب الورقي ، وكذلك جامعاتنا ، لايزال مستقبل الكتاب الورقي باق في ليبيا وإلى وقت طويل .
تعد مشكلة الناشر هي نفسها مشكلة المتلقي ، فهل هناك اعتمادات من الدولة على سعر الكتاب ؟
لا يوجد أي اعتماد للدولة على الكتاب ، بل الدولة الآن فتحت باب الاعتمادات لكل شيء حتى قائمة الكماليات ماعدا الكتاب والحقيقة لا أعلم الأسباب ولكن عندما تتوجهين إلى وزارة الاقتصاد ، لوضع اعتماد لأي سلعة كانت تقبل إلا الكتاب سيتم رفضه فورا .
هل عملتم توأمة مع دور نشر عربية ؟
يوجد تبادل منشورات بالنسبة إلى النشر المشترك هذا ما أحاول أن أدخله الآن مع دور نشر محترمة في لبنان أو مصر أو الأردن ، و كنت قد عرضت كتاب للكاتبة عائشة الأصفر لإحدى دور النشر اللبنانية ، ولكن واجهتني القيمة المادية التي سأدفعها .
هل هناك جسم يضمكم أنتم كناشرين ؟
يوجد اتحاد ناشرين الليبيين لكن نتيجة لما هو موجود من مواقف سياسية و اقتصادية ، يعد شبه فاشل فشل في أن يربط الناشرين الليبيين ببعض و فشل في أن يقدم شيئا ، و إن تحدثنا عن موضوع اعتماد الكتاب ستقول لك وزارة الثقافة بأنها هي من ستقيم معرضا و عليك كناشر أن تشتري منها !
من يقوم بدعم الناشر الليبي ، ويحل مشاكله إذن ؟
إذا أردنا أن نشارك في معرض يمكنهم أن يساعدونا في منح التأشيرة ، بالرغم من أنه يفقد القوة في فرض رأيه أو إمكانياته في أي مجال ، فأنا كعضو في اتحاد الناشرين العرب مطالبة بأن يكون لدي تأثير و دور في الناشر الليبي ، ووزارة الثقافة نفسها غير معترفة بي ، فأقمت الوزارة معرضا دوليا للكتاب ، فمن يجب أن يكون ضمن هذه اللجنة ، أليس عضوة اتحاد ناشرين العرب الذي يمثل ليبيا ، ورئيس اتحاد الليبيين فأنا ليس لدي أي معلومة عن هذا المعرض ، فهناك ثقافة سيئة جدا ، ثقافة نفسية وعقلية ، فيجب القضاء على هذه الثقافة .
هل من الممكن أن يصل الكتاب الليبي إلى العالمية عن طريقكم كناشرين ؟
نعم ، وهذا جزء من طموحي ، و أعتقد بأن معظم زملائي الناشرين يحملون نفس الطموح ، ولكن بيت القصيد يكمن في خطواتك لتحقيق هذا الحلم ، و أنا حقيقة أسعى ، و أحاول أن أصل ، رغم الظروف الراهنة إلا أنني أسعى : ويقال دائما إذا أردت أن تجتاز الظلام ضع عينيك على بؤرة الضوء و أمشي و في النهاية ستصل إلى النور ، وهذا ما أحاول فعله .
لماذا مشاركات اتحاد الناشرين الليبيين في المعارض الدولية ضعيفة ؟
هناك بعض المشاركات الضعيفة ، مع احترامي لرئيس اتحاد الناشرين ، فإن شاركت في معرض دولي عليك أن تختار عناوين جديدة ، ولكن ما حدث أني في إحدى المرات في معرض تونس و شارك فيه اتحاد ناشرين الليبيين ، وحينما دخلت لمعرضهم وجدت أقدم المطبوعات ، وأنا كناشرة لم أجد أي من إصداراتي بالمعرض ، فهذا نوع من الضعف .
استرسلت ” وستكون لنا مشاركة في معرض بمصر في نهاية يناير 2018 ، وستكون إصدارتنا بدار أطلس وهي من أهم دور النشر المصرية ، وهذا مكسب للمكتبة ، كما سأشارك في نهاية فبراير القادم بجناح في معرض مسقط .
هل نظمت المكتبة لمعارض محلية ؟
إذا تحدثنا منذ تأسيسها ، وحتى العام 2011 فإن المكتبة تعد من أكثر المكاتب التي نظمت لمعارض تخصصية للجامعات ، كانت تنظم لمعرض كل نهاية عام ، كما نظمت لأكبر معرض لدعم كلية الطب و الصيدلة ، ونظمت أيضا لأكبر عرض لمنشورات كلية اللغات ، حينما كانت الكلية برئاسة الدكتورة روحية كاره رحمها الله ،وكان ذلك في بداية إنشاء الكلية ، وما بعد 2011 تعد مشاركات قزمية ، داخل مدينة طرابلس وكذلك شاركنا في معرض في مدينة بني وليد و الخمس ، و مصراتة ، و هي مشاركات صغيرة مقارنة بما سبق بسبب الأوضاع الأمنية بالدرجة الأولى وثانيا الأوضاع الاقتصادية لأن العائد لا يغطي تكليف النقل و المصروفات أثناء المعرض ، وهذا يبعث فينا نوع من التردد في إنشاء معرض.
الكتاب المزور يغزو السوق الليبي !
أشارت : في ظل ما يحدث من عبث ظهرت مؤخرا ظاهرة الكتاب المزور التي غزت الأسواق الليبية بشكل كبير ، ففي المنطقة الشرقية تصل نسبة تداول الكتاب المزور إلى 99.9 % .
والكتاب المزور هو الكتاب المصورة عن النسخ الأصلية ، حيث يتم بيعه بسعر أقل من سعره الحقيقي ، وثم جلب هذه الكتب من دولة مصر ولهذا فهي تنتشر بشكل كبير في المنطقة الشرقية .
أضافت : ” السوق الليبي به نوع من الفوضى ، أنا سأتحدث عن الكتاب المزور ، فمن المهم جدا أن نتطرق لهذا الموضوع ، لأن السوق الليبي مغطى به الآن ، سواء أن كان كتابا علميا أو روايات ، مثلا هناك روايات انتشرت مؤخرا ” كرواية حبيبي داعشي “، فهذه الروايات هي مصورة عن الرواية الأصلية ، وتم جلبها عن طريق مصر ، ويتم عرضه بسعر أقل مقابل للنسخة الأصلية ، و أيضا انتشرت كتب علمية و دراسية مطلوبة جدا مثل كتب ” أكسفورد ” .
وحاليا تعد الكتب الموردة في المنطقة الشرقية بنسبة 99.9 % غير أصلية وهذه من الأشياء التي يجب أن أحاربها كعضوة اتحاد الناشرين العرب ، وكذلك على رئيس اتحاد الناشرين الليبيين محاربتها ، ولكن هذا يتم في ظل وجود دولة لها وسائلها القانونية ولكن في ظل هذه الفوضى لن تستطيع محاربتها ، وما يجعلها تنتشر بهذه السرعة هو سعر الرواية أو الكتاب .
ما دور الرقابة على المطبوعات ؟
أكدت ” الرقابة على المطبوعة كإدارة موجودة ، ولكن كتحكم في منافذ الدولة غير موجودة ، ونحن الآن في هذه المرحلة غير قادرين على حل المشكلات و أشياء قد تضرنا أكثر من الكتاب المزور فما بالك بالكتاب ،و لهذا انتشر بشكل رهيب ، وهذا الأمر مخيف ، فأنا الآن أنهيت طباعة الكتاب الطبي ، فهو كتاب مهم ، و أتوقع أن يتم تصويره ، سعره الحالي 75د.ل ، وربما يتم تصويره وبيعه ب 45 د.ل ،ونحن في خوف دائم من الكتاب المورد.
أحيانا الدولة نفسها تدعم الكتاب المزور !
أضافت ” منذ عامين قامت جامعة الطب بإحدى المدن بتنظيم معرض و أنا شاركت بهذا المعرض وكان بجانبي ،شخص مصري جلبته الجامعة ، وهو مشهور ببيعه للكتاب المزور العلمية للطالب ، لأنها رخيصة ، وكان هناك كتاب في الصيدلة اسمه “PNF” سعره 62د.ل ، لأني جلبته من مصدره الأصلي ، وهو سيبيعه ب25 د.ل ، ونفس الكتب التي يبيعه نفسها يبيعها بسعر أرخص ، لأنه قام بتصويرها و طباعتها بمصر ، ولكن هو دعمته الدولة وجلبته للمشاركة في المعرض ، فالجامعة هي الدولة.
إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية على ما هي عليه الآن فهل ستقفل المكاتب أبوابها؟
أضافت ” نعم إذا استمر الوضع على ما عليه الآن حتما ستغلق المكاتب ودور النشر أبوابها لأن دار النشر لن تستطع الطباعة بهذه الكيفية ، والمتلقي لن يكون بوسعه أن يشتري الكتاب ، لذلك علينا زرع فكرة أهمية وجود كتاب ، ليكون رديف للأكل تماما ، لأن كل ما طور الإنسان من نفسه ، كلما قلت مشاكله الاقتصادية .
مشاكل تورقك كناشرة ؟
الطالب الجامعي و مشكلة الشيت ، هذه الظاهرة أثرت على الطلبة ، فكيف لطالب بكلية الطب أن يمتحن في شيت عدد صفحاته 10 ، هذه تعتبر كارثة ، فعندما كنا ندرس في جامعة قاريونس في أول يوم دراسي كان يجب أن تبحث عن 4 أو 5 مراجع ، فكيف تخرج طالب من تخصص معين ، بشيت بعشر ورقات فهذه كارثة كبيرة ، فأولا إمكانياته المادية تسمح لطالب بشراء 3 أو 4 مراجع ، في حال لم يتم توفرها في مكتبة الجامعة ، في حين أن الجامعة تحصل على دعم ، والآن عندما أصبحت لدي خبرة في أسعار الكتاب ، فإن الميزانيات التي تصرف للجامعة لجلب الكتب تغطي حاجة ليبيا ومصر وتونس .
ولكن في أرض الواقع تجد ربع الكتب موجودة في الجامعة ، ويأتون إلى شراء الكتب، وذلك دليل على تلاعب ، ولحل هذه الإشكالية على الدولة فتح اعتمادات للقطاع الخاص لجلب الكتب ، حتى تحل مشكلة التلاعب و الفساد أيضا .
كم تحتاج كمبلغ سنويا لتغطية اعتمادات جلب الكتب لدور النشر بليبيا ؟
في وجهة نظري إذا تم توفير مليون دولار ، سنويا للكتاب العلمي ، سيغطي كل الجامعات في الكتاب المورد ، ولكن في حال دعم الكتاب المحلي ، و أنا أرى بأنه أصبحت هناك قدرات جيدة جدا في نص المادة للكتاب المحلي ، و أنا أشجع ذلك ، وكل طباعتنا هنا محلية ، فمثلا الكتاب الرائع لعمر عبد الدائم ” قبضة من حلم ” الغلاف من المنطقة الشرقية ، و الطباعة من الغرب ، وهو من الجنوب.
تابعت ” أتذكر بأنني في بدايتي ، شاركت في معرض بتونس وتعرفت هناك على ناشرة جديدة ، وكنا نلتقي كل عام في المعرض ، وأجدها متطورة كل عام أكثر مما سبق ،وبدأت أسأل نفسي ما الفرق بيني و بينها ؟ فبعدها بعام شاركت بجناح بمعرض تونس ، ورأيت نوعية الناس ، والأسرة كيف تهتم بجلب أطفالها ليختاروا كتب ، وهناك عرفت بأن الفرق يكمن في البيئة المحيطة فقط ، فأحيانا البيئة هي التي تدعم بشكل كبير ، والإمكانيات ، وردود أفعال الناس ، كلها تساعد في التقدم وإنجاز أكثر .
بخصوص مصادرة الكتب هل تم مصادرة أي إصدارات لكم ؟
في السابق أي ما قبل 2011 ، مصلحة الرقابة و المطبوعات لن تهتم بكونك قد أخذت موافقة على إصدارات ، فقد يأخذ الموافقة على كتاب معين ولأي سبب كان سيتم مصادرة الكتاب ، ولأنك تملك الموافقة ستعفى من العقوبة ، وكنت سنويا أشارك بمعرض ” فرنك فورت ” الدولي للكتاب ، وكنت قد أخدت جزء من جناح كبير هو جناح اتحاد الناشرين العرب ، فكان هناك دار العبيكان للنشر ” سعودية ” فأخذ كتاب و اطلعت عليه واستهواني ، هو كتاب ” لعائض القرني ” ” لا تحزن ” كان جميل واستهواني و تحدتث مع الأستاذ محمد العبيكان ، وطلبت منه مجموعة ، فوافق وقال بأنه سيرسلها عن طريق مصر ، لأنه من الصعب أن يبعثها عن طريق السعودية .
و أخذت الموافقة على الكتاب وبدأت ببيعه ،لمدة عام تقريبا ، وفي نهاية ذلك العام ، حدث القمة العربية ، التي تشاجر فيها ” معمر القذافي ، مع ملك السعودية ” ، فبعد مضي أسبوع أو عشرة أيام ، كنا نغلق المكتبة الساعة العاشرة مساء وجاءوا ، فتفاجأت يومها بعدد من الرجال دخلوا المكتبة في السابعة مساء وبدأوا يتساءلوا عن كتاب ” لا تحزن” ، فخرج لهم زوجي ، وقال لهم تفضلوا و ارتشفوا معنا القهوة ، فلا نريد أن نزعج رواد المكتبة ، فنحن لن نغلق الآن يمكنكم أخذ ما تريدون بعد أن يرحل المترددين على المكتبة ، ولكنهم أبوا إلا أن يصادروا الكتب على مرأى و مسمع الناس ، و أحدثوا بلبلة ، ولم يتوقفوا عند ذلك بل وجدوا مجموعة من الكتب الالكترونية للأطفال عبارة عن سيد يهات ، ولم يتم معاقبتي لأني قد أخذت موافقة .
و لكن الآن نحن أكثر حرية بكثير من قبل بغض النظر عن بعض تحركات المشبوهة من بعض الشخصيات ، ولكن ستنتهي ، وهناك نظرية في علم الاجتماع تقول على قدر التحدي تكون الاستجابة ونحن الآن في تحد كبير و ستكون الاستجابة رائعة ، وليبيا الجديدة ستكون قمة بإذن الله .
هناك دول مرت بحروب أكثر من ليبيا ، وهناك دول فقيرة ولكن هم يقرؤون فما هو السبب في عزوف الليبيين عن القراءة؟
هي مسألة التنشئة ، فجيلي ومن قبلي يقرؤون وحتى ديننا الإسلامي يحث على القراءة ، نحن أمة اقرأ ولا نقرأ ، لأن كل شيء موروث لم يتم توظيف القراءة في حياتنا اليومية ، لذلك حتى مناهجنا التعليمية ليست توظيف بل حفظ
ختاما : آمل من كل ليبي و ليبية أن يكتشفوا طعم القراءة حتى تصبح عادة يومية تعود بالنفع عليهما وعلى المجتمع.