مٌنتَهـى العَبـثْ ..

مٌنتَهـى العَبـثْ ..

 

   بقلم :: وفــاء دوزان

تنْويــه ..

عزيزي القارئ هذه المقالة نتجت من مخاض اليائس أي أنها ولدت من رحم الاكتئاب وتحمل ملامح السوداوية ، إن كنت على قدر عال من السعادة لا تقرأها ها أنا ذا أحذرك وإن كنت أقل من ذلك استمتع بقراءتها وكٌن على يقين بأنك أفضل من غيرك بكثير ..

يمر اليوم تلو الآخر و لربما يكون هذا الوقت أثمن مما مضى ، يوم آخر نطويه من رزمة الأشهر لننصدم بنهاية العام نجلس .. نتأمل .. نفكر و لاشيء .. لا شيء يُذكر .

ها هو عام وافٍ من الأفكار التي لا تتماشى مع عقولنا ، عام وافٍ كان فيه العقل شاحبا والصراخ كاتما والليل جاحدا والاهتمام جاثما ، عام وافٍ من نسيان كل ما هو مجد وتذكر كل ما هو سيئ ، سيئ جداً .

عام وافٍ والذاكرة متعبة مرهقة ومصابة بألف علة ، عام وافٍ وكل ما خشيناه كان وما رجوناه لم يكن ، عام وافٍ من المسافات الطويلة ومحو علامات الوصول ، عام وافٍ ونحن بعيدون عن النجوى والشوق والهوى والصبوة والشغف والوجد والود والخلة والغرام والهيام والوصب والاستكانة عام وافٍ ونحن قريبون من العطش والظمأ واللوعة والاشمئزاز والاستهجان والكره والعوف والمجافاة والمقت والبغض والحقد والكره ، عام وافٍ ونحن نتبع الحميات العاطفية ..

عام وافٍ ونحن مستثنون من كل ما هو جميل وفي ذات الوقت نترأس قائمة كل ما هو قبيح ، عام وافٍ ونحن نمتشق البنادق لكي نحارب ذواتنا ،عام وافٍ وأعماقنا تقود الحروب الداخلية عام وافٍ دون سلام ، عام وافٍ من الملابس التي لا تتناسب مع أجسادنا عام وافٍ من القمصان الفضفاضة و الأحذية الضيقة ، عام وافٍ من الأطعمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، عام وافٍ من السير دون تحرك عام وافٍ من الهزائم المتكررة دون أي انتصار .

عام وافٍ ونحن مهترؤون كأطفال حديثي الولادة يتهاوون بين ذراعي أمهاتهم ، عام وافٍ من النحيب عند الاستماع للموسيقى الحزينة التي تتماشى تماماً مع أوجاعنا ، عام من الضحك حدَ القهقرى عند الاستماع للتصريحات السياسية التي تسببت بآلامنا ، عام وافٍ و نحن نؤمن بالخطابات السياسية ونكفر بالموسيقا ، عام وافٍ من القصائد المليئة بالمآسي التي تذكرنا بالفراق والخسارة ،عام وافٍ من الركود في العلم والتعلم عام من الاضمحلال الثقافي والتفكك المعرفي .

عام وافٍ من عام ناقص هو ذات العام الوافيٍ منا ومن عزلتنا مابين المجاميع عام من تكرار الغد واليوم والأمس ، عام وافٍ من الأرق الذي لا يكتفي بأن يختم نهارنا بالاشتياق بل يدمينا بالحرمان ليغنينا عن النوم ، عام وافٍ من الصباحات المظلمة والليالي القاتمة ، عام وافٍ من الرسائل التي لم تلقى ردا، عام من المكالمات التي لم يٌجب عليها ، عام وافٍ ونحن نعتاد الغياب كعادة سيئة ليس أكثر.

عام وافٍ أُصبنا من خلاله بغيبوبة التجاهل من ثم بالموت حتى صارت نبضاتنا بلا صوت ، عام وافٍ من العمى نتاج التلوث البصري ، عام وافٍ من الحسنات التي لم تتفوق على السيئات إنه عام من الخطايا التي لا تغتفر ، عام وافٍ من قراءة الكتب التي لا تعترف بالوسطية في مفرداتها إما شيقة ناضجة أو شقية سطحية ، عام انتهت مع بدايته صلاحية بعض الأصدقاء ولا عزاء للعشرة ، عام وافٍ ونحن نبحث عن السميع مابين أصوات المآذن وأحاديث الأئمة بينما هو أقرب إلينا من حبل الوريد .

لا بأس .. ما كان علينا أن نكلف أنفسنا كل هذا العناء والمشقة ، كان علينا مواجهة كل هذا العبث لكي نستطيع التخلص منه .

عزيزي القارئ  لا تحمل نفسك ما لا طاقة لها كٌن على ما يرام حتى تٌرام أفكاري كل عام ، إنه عام وافٍ ومضى ولن يشبه العام الذي يليه أشياء كثيرة تتغير من حولنا فتغيرنا ..

ألا يكفينا عبثاً ..؟! الآن علينا أنا وأنت أن نعي ونعلم في  قرارة أنفسنا بأنه لم يبق شيء  من ذاك العام سوى فتات ذكرى تستحق النسيان ، كذلك علينا أن نتخلص من كل الأفكار التي تؤذينا عقلياً وجسدياً ونفسياً حينها فقط لن نعود مشككين في استيعاب نزوة اليأس والعبث ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :