بقلم :: إبراهيم فرج
لا شك أن ما يعانيه المواطن من الأمور الحياتية اليومية وما يحدث في بلادنا جراء تلك المعاناة من انعدام السيولة إلى غلاء المعيشة إلى عدم توفر الوقود ومشتاقاته ..إلى ما يسمع من أخبار الشارع من انعدام للأمن وأخبار مؤلمة و الكثير الكثير ما يثقل كاهل رب الأسرة … منذ خروجه إلى حين عودته لبيته فيخرج على أمل ويعود خائب الأمل وتكرر تلك المعاناة يومياً .ً يعود رب الأسرة وهو محمل بهموم كقيمة مضافة إلى مسؤولياته الاجتماعية . تراه يعود وقد تكدر صفو حياته وينعكس ذلك كله على سلوكه … يجتمع رب الأسرة مع أسرته على مائدة الطعام إن وجدت ويبدأ مكرهاً على سرد يومياته وما حدث ويحدث وهو غير منتبه يبدأ في التذمر والسب والشتم على المعيشة الضنكه تعبيراً عن امتعاضه وهو غير مدرك لتأثير ذلك على محيط الأسرة فهو يفرغ ما في جعبته أمام أولاده وبناته وزوجته ومنهم المدرك وغير المدرك … وبما أن تلك المعاناة قد طال أمدها وتكررت لسنوات وهو على هذا المنوال .. والنتيجة
نتساءل نحن ما سبب اندثار الوطنية في شوارعنا وما سبب السلبية التي نعيشها وما هي أسباب تمرد الشباب على واقعهم وما سبب اضمحلال حب الوطن .. ولماذا أصبح الموت هو الرغبة الأقرب من الحياة … لا شك أن تفاوت الإدراك لدى البشر أمر واقع وإذا ما انتبهنا قليلاً نجد أن سبع سنوات تعتبر زمنا ومرحلة في العمر فذلك الطفل ذو العشرة أعوام وهو يعايش سبع سنوات لم ير فيها شيئا يسر وهو يتلقى كل ما هو سلبي من البيت إلى الشارع إلى المدرسة … فعقله قد تشبع بالسلبية وإن الأذية قد لحقت به وبتفكيره بسبب ما تلقاه فلا تكاد تجد من لديه أمل في تغيير الحال .. فقد تدمر لديه كل ما هو إيجابي وأن إرادته قد أصابها الإحباط فهو يرى أباه كل يوم يشتكي ويلعن ويسب فيما آل إليه وضع البلاد وكبر على ذلك فكيف نرتجي من ذلك الشاب أن يكون طاقة إيجابية في المجتمع إلا من رحم ربك … ولذا فإن جل ما نعانيه من انفلات واستهتار بالحياة ما هو إلا نتاج طبيعي لما تغذت به عقول هؤلاء وعلى موائدنا نعم فعندما نلتقي على موائدنا لا نتحدث إلا عن الأوضاع وما تسببه من سدة الحكم من ضياع للأمن الحياتي للمواطن .. وربما الكثير يلتمس العذر في ذلك لولي الأمر في البيت ولكن يبقى ذلك أحد الأسباب المهمة التي تسببت في كل مانراه الآن … وبنظرة فاحصة لأوضاعنا كم من الظواهر السلبية التي كنا نمقتها وننأى عنها ونعتبر أنه من المستحيل أن تحدث أصبحت اليوم معاشة في واقعنا وتمر أمامنا مرور الكرام … فهل نحن أبرياء مما يحدث؟ في اعتقادي أننا قد شاركنا في جرم أبنائنا وشاركنا في ضياع هوية الوطن والانتماء للوطن بما زرعناه في أذهان أبنائنا … نعم إن الحياة أصبحت صعبة بالواقع المحاط بنا ولكن نحن من زاد في صعوبتها من حيث لا ندري … إن الأبناء وهم يعايشون هذا الواقع المرير قد تأثروا به وأصبح ما يدور في خلدهم هو ما نقلناه لهم من حيث لا ندري فيخرج الابن إلى الشارع لينتقم لنفسه من نفسه فبدلاً من أن يكون طاقة للبناء نجده وقد انحرف عن مساره ليكون طاقة هدم وتخريب … وقد استفحل الأمر دون أن ندري .. فهل ياترى باستطاعتنا استدراك الأمر لننقذ ما تبقى من هذه الطاقة وتحويلها إلى إيجابية تخدم الوطن …. ربما لو تغير الحديث حول موائدنا وكان حديثنا هو زرع حب الوطن وأن نجعل حديثنا هو بناء الإنسان وليس الامتعاض من الواقع … يجب علينا أن نزرع في أبنائنا أن ما يحدث الآن ماهي إلا مرحلة وستمر وأن التغيير للأفضل يأتي من خلالهم …. كم أتمنى أن تكون موائدنا ليست لملء البطون بل لإنضاج العقول … فهل ستتغير موائدنا؟ كلنا أمل في ذلك.