كتب :: أ.أحمد محمد بازاما. جالو. ليبيا
مدينة جالو الواقعة جنوب شرق مدينة بنغازي بمسافة 400 كم وعلى خطي (33-21) شرقاً (02-29) شمالاً والبالغ عدد سكانها 32 ألف وفق الاحصائية المسجلة لعام 2014م حيث تشتهر بزراعة النخيل والمحاصيل الزراعية المتنوعة نظراً لطبيعتها الصحراوية. وهي مركزاً استراتيجياً وحيوياً لما تتمتع به من ثروات طبيعية متمثلة بالموارد الطبيعية الغير المتجددة (النفط والغاز) والذى يمثل العصب والعمود الفقري للاقتصاد الليبي حيث يشكل ما يقارب من 65% من الانتاج لهذه الثروة. تعد مشكلة التلوث البيئي الناجمة من انبعاثات الغازات والمخلفات النفطية بمنطقة جالو منذ أمد (اكتشاف البترول والتنقيب عنه) في العقد الستين من القرن الماضي. ونظراً لعدم وجود رقابة حقيقية واصدار لوائح وتشريعات صارمة للاتباع التدابير والاسس والاشتراطات العالمية للحد من التلوث البيئي،،،بجانب الافتقار لسجلات واحصاءات دقيقة ومراكز صحية متطورة للكشف ومتابعة الحالات المصابة بالعديد من الامراض المتنوعة. ان المؤشرات الواضحة للعيان من انتشار العديد من الامراض كالسرطانات والتنفسية والمعوية المختلفة وحالات العقم والاجهاضات وتشوهات الاجنة بين المواطنين بالمنطقة تعزى للادخنة المتصاعدة المحملة بغازات سامة كثاني اكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين وثاني اكسيد النتروجين واول وثاني اكسيد الكربون من الحقول المجاورة للمنطقة بجانب المخلفات النفطية ( كالزئبق- النيكل- الرصاص..الخ) . ان عدم اتباع الطرق المثلى في حقن الابار النفط واتباع الطرق التقليدية والتى نجم عنها تكون بحيرات من المياه والبرك المصاحبة لعمليات الفصل وهي محملة بالمعادن الثقيلة والتي لها تأثير مباشر على المياه الجوفية للمنطقة وبالتالي تلوثها وتلوث التربة والمزروعات والكائنات الحية الدقيقة المتواجدة بالتربة بشكل طبيعي والتي تلعب دوراً مهماً في السلسلة الغذائية بجانب خصوبة التربة. ان ذلك كله يؤدي لعدم التوزان المنظومة البيئة ويؤثر بشكل عام على صحة الانسان والحيوان والنبات والدورات الطبيعية كالماء والكربون. نفوق للحيوانات وآثار جسيمة على منظومة المياه على المدى البعيد: أوضح المهندس محمد علي المجبري ان ما سببه التلوث البيئي الناجم من الادخنة المتصاعدة من الحقول النفطية المجاورة بجانب المخلفات الناجمة عنها والتي توجد بها كميات كبيرة المواد المشعة والمعادن الثقيلة وخاصة في البحيرات والبرك المتكونة اثناء عمليات استخراج النفط،،،أدى ذلك كله لنفوق العديد من الحيوانات والتي كانت زاخرة بالمنطقة حتى أمد قريب. وبدوره أعزى المهندس سالم السكران (المياه) إن قرب مناسيب المياه في المنطقة والذي تغذيها الواقعة في جنوبها وتخلص الحقول النفطية من العوادم والمخلفات اثناء استخراج النفط في اتجاه الجنوب هذا بالتأكيد ينجم عنه مخاطر الحقيقية ومن المؤسف بأن معظم الشركات النفطية لا تتبع المعايير الدولية فيما عدا شركة فنترسهال المحافظة على البيئة مقارنة مع الشركات الاخرى العاملة داخل نطاق منطقة الواحات بشكل عام ومدينة جالو بوجه خاص. حيث تزود مناطق الواحات بالمياه العذبة من مناطق تمثل الحدود الشمالية لحوض السرير و هي المنطقة الواقعة جنوب و جنوب غرب مناطق الواحات حيث العديد من حقول النفط التي تمثل خطراً حقيقيا على المياه الجوفية الواقعة تحتها، و ذلك من خلال طرحها للمياه المصاحبة و غيرها من الملوثات على سطح الأرض، حيث احتمال حركتها عمودياً باتجاه مصادر المياه الجوفية العذبة بالواحات وأفقياً في اتجاه المناطق السكانية حيث الاستخدامات الزراعية و المنزلية والصناعية لهذه المياه. مساحات كبيرة تزيد عن الألف و خمسمائة هكتار من مناطق الواحات تغطى بنواتج عمليات فصل الزيت، حيث تنتشر شمال و جنوب و غرب و وسط تلك المناطق مما يزيد من احتمال تلوث المياه الجوفية, ومن العوامل المؤثرة سلباً في هذا الاتجاه هي طبيعة التربة ذات النفاذية العالية، وانخفاض مناسيب الأرض بمناطق الواحات مقارنة بما حولها، وعدم تحديد أماكن مناسبة لطرح المياه المصاحبة وقرب مناسيب المياه من سطح الأرض بهذه المناطق، و التركيزات العالية للأملاح و المعادن الثقيلة للمياه المصاحبة المنتجة بالحقول النفطية داخل وقرب مناطق الواحات من ناحية الشمال. يضاف على ما تقدم تركز عمليات استخراج المياه الجوفية بالمناطق السكانية مما يؤدي إلى انخفاض أشد لمناسيبها الأمر الذي يعجل في توجيه المياه الجوفية الملوثة من حقول النفط العديدة جنوب منطقة الواحات نحوها وذلك وفق اتجاه تدفق المياه الجوفية الطبيعي السائد شمالاً. كما أن محدودية مشاريع الاستفادة من المياه المصاحبة في المحافظة على ضغوط المكامن بالحقن على الرغم من الحاجة إلى ذلك في العديد من الحقول وإمكانية التخلص منها بهذه الطريقة، وقدم فواصل المياه المصاحبة و أعطالها المتكررة و عدم استيعابها لكميات النفط المنتجة، وقدم وكثرة أعطال وحدات المعالجة للمياه المفصولة، وعدم و جود مبطنات (عوازل صناعية أو طبيعية) لأحواض طرح المياه المصاحبة لمنع رشحها إلى المياه الجوفية، وعدم و جود تشريعات مناسبة (غياب العقوبات و المواصفات بها) مع غياب آليات تنفيذها على أرض الواقع وغياب وسائل الضغط على الشركات لتطبيق الالتزامات البيئية فاقم من حجم المشكلة خلال العقود الأربعة الماضية. وسائل الاعلام غير منصفة والتغير المناخي أثر على صحة الانسان بالمدينة يلوم المواطن محمد صالح المجبري بشدة وسائل الإعلام، التي يقول إنها مقصرة في نقل معاناة أبناء مدينته التي تضررت بسبب انتشار آبار النفط، وإهمال الشركات لشروط السلامة الصحية والبيئية في غياب أي رقابة على أدائها. أشارت الناشطة الحقوقية (نسرين عامر) رئيس منظمة حقوقيين بلا قيود إنها لاحظت التغير المناخى الواضح بمنطقة الواحات بوجه عام ومدينة جالو بوجه خاص وذلك عند قيامها بمشروع حول تأثير المخلفات والنفايات الناجمة من التلوث البيئي من الحقول النفطية المجاورة للمدينة،،فحسب الدراسة والمؤشرات يعانى العديد من سكان تلك المنطقة من امراض جلدية وسرطانية وارتفاع معدل العقم بجانب الامراض التنفسية ومن المؤسف جدا لا تراعي الشركات النفطية العاملة للمعايير الدولية للمحافظة على البيئة واهمال وتقصير من الدولة وخاصة المؤسسة الوطنية للنفط. مناشدات ودعاوى أحمد أطوير رئيس المجلس المحلي السابق لمدينة جالو يملك قائمة طويلة من المراسلات والمناشدات التي تقدم بها للمسؤولين وخاصة المؤسسة الوطنية للنفط وتم عقد مؤتمر حول البيئة في حقل جالو (59) دون نتائج تذكر ،، فهنالك العديد من الشكاوى المقدمة ضد بعض الشركات العاملة في التنقيب عن النفط المجاورة للمدينة. مسرداً ان جالو تعاني من مشاكل كثيرة في بنيتها التحتية وفي الخدمات العامة وتفتقر لأبسط مقومات الحياة برغم من الثروة الطبيعية المأهولة بها،،فمن حق الاجيال القادمة العيش في رخاء وأمان وسعادة وأملنا كبير في الدستور الليبي المرتقب.