هي شوراع سبها ذاتها ، التي شهدت احتدام النزاعات و حين ينجلي غبار المعارك يظهر وجه أبنائها الآخر الساعي للصلح و السلام و المدنية .. هذا ما جسده ِ اختتام منتدى تمكين المرأة و الشباب في الأيام الماضية ، ضمن ورشة تدريبية أقامها مشروع سفراء السلام في دورته الثالثة تحت عنوان ( شركاء في الوطن شركاء في السلم ) . وقد استهدفت هذه الورشة الناشطين المدنيين من نساء و شباب و أصحاب مبادرات في مجال المصالحة و السلم المجتمعي .
واستمر هذا الملتقى السلمي طيلة ثلاثة أيام بقاعة عيادة السكر /حي القرضة في مدينة سبها . وأدلى السيد ” (عادل الفيتوري المدرب بمشروع سفراء السلام ) بتصريح لفسانيا عن هذا العمل قائلاً ” هدفنا من خلال إقامة الورشة هو التواصل مع الناشطين السلميين هنا وتوسيع دائرة المشاركة في جهود السلام ، و إمداد النشطاء بالمهارات و الثقة اللازمة لأداء مهامهم من خلال إكسابهم آليات إدارة الخلافات داخل مناطقهم ، وكيفية الاقتراب من ساحة الصراع وتقييمه و تصميم تدخلات الصراع بطريقة منهجية ، بحيث تدعم هذه المعرفة مجهوداتهم و تثري خبراتهم في المستقبل وتساعدهم في إيجاد حلول و تدخّلات جيدة وصحيحة قادرة على معالجة التحديات في الواقع .
كما تهدف هذه الورشة إلى توحيد جهود المشاركين الذين جاؤوا من مناطق و مكونات ومؤسسات مختلفة ، للعمل على أهداف موحدة، و اكتساب آليات منهجية يرسمون بها خارطة طريق لفض النزاع، والأهم هو القدرة على خلق شراكات أكبر تساعدهم في بناء الاستقرار داخل المجتمع، وصولا إلى السلم الحقيقي .
وعن تقييم السيد المدرب عادل الفيتوري ” لفعاليات الورشة قال : إننا كمدربين نقيس نجاح التدريب من خلال تفاعل المشاركين ، وتبادل الخبرات بينهم ، و مدى قدرتهم على دراسة التحديات وفهم الآليات التي تلقوها خلال تدريبات هذه الورشة .
و مخرجات التدريب عادةً هي المقياس الأفضل للنجاح ،وقد شهدنا خلال الورشة اتفاق المشاركين على توحيد مبادراتهم و العمل المشترك من أجل هدف واحد ، و لعل النجاح الأجمل ، هو اجتماع المشاركين هنا من كافة أطياف المدينة مما يساهم في تكوين قنوات للتواصل و خفض منسوب التوتر في حالة وجود الخلافات، وهذا سيساعدهم تدريجياً على إدارة النزاعات التي تتطلب بعض الوقت لحلها .
ولابد من الدعم و التشجيع المستمر لعمل هؤلاء النشطاء ليتمكنوا من الاستمرار و الثأثير في المجتمع . هذا و قد دعا محاورنا في مجمل حديثه الإعلام لمساندة جهود نشطاء السلام قائلاً ” أتمنى من الجميع و خاصة الإعلام أن يكون رافدا فعالاً لعملية السلم و تحقيق الاستقرار ، لأن الإعلام شريك أساسي في نشر ثقافة السلم، و ما أرجوه أن يقوم الإعلام بدوره في تدعيم الاستقرار داخل المجتمع، من خلال التوعية و تقريب وجهات النظر ونشر ثقافة حقوق الإنسان ، و روح المدنية . –
و أردف المدرب عادل الفيتوري متفائلاً : رغم الجرح العميق في وطننا و خلافاتنا الكبيرة ، إلا أن ذلك لن يقف في وجه المصالحة لأن هناك أرضية توحّدنا ، و وحدة وطنية تجمعنا ، و معالجة هذه الخلافات و رأب الصدوع يحتاج لجهود الجميع إعلاماً و أعياناً و حكماء ، فنحن نحتاج تضامن المجتمع ككل للوصول إلى الاستقرار .
و انتقلت فسانيا بعدها لمحاورة السيدة ” جازية مصطفى عيسى ” مديرة البرامج بمنتدى تمكين المرأة و الشباب / مديرة مشروع سفراء السلام “، وقد كان هذا المشروع مبادرة أطلقها منتدى تمكين المرأة و الشباب ، في العام 2015 .
تقول السيدة جازية / جالت هذه البادرة أكثر من 39 مدينة و قرية في ليبيا ، و المرحلة الحالية هي المرحلة الثالثة ، وقد سبقتها مرحلتان ، المرحلة الأولى كانت بتاجوراء و غدامس ، أما المرحلة الثانية استهدفت فيها المنطقة الجنوبية من الجفرة إلى غات ، حيث نظمنا لملتقى في مدينة سبها أثمر عن نواة لمجموعات السلم المجتمعي في العام 2016 . إن الورشة الحالية تضمنت العمل على ورشتين: الأولى للنساء و ناشطات السلام في منطقة الساحل الغربي من منطقة رأس اجدير إلى الزاوية ، وكان مقرها بزوارة و الورشة الثانية أقيمت في مدينة الزاوية المركز. – . وتابعت محدثتنا :” إن الورشة الحالية المقامة بمدينة سبها هي الثالثة ، و لقد استقطبنا لحضورها النساء و الشباب و الأعيان ، و كانت رائعة جداً بشهادة المشاركين الذين صرحوا بكمّ الاستفادة من هذا العمل ، حيث كانوا يحتاجون للتعرف على آليات إدارة الحوار و قد اكتسبوها عبر المشاركة في هذه الورشة. و كان التفاعل و الحضور ثريان وفي المستوى المطلوب. وعن الأهداف التي حققتها الورشة الثالثة تحت شعار “شركاء في الوطن شركاء في السلم ” تقول السيدة جازية : من خلال هذه الورشة و تدريباتها قمنا بكسر الجمود ، وبناء الثقة بين المشاركين ، ومد جسور تواصل بينهم و بين مجالس الأعيان و حكماء المصالحة ، كما كونّا نواة لفريق سلم مجتمعي ، سينطلق في عمله عبر متابعتنا ودعمنا ، فنحن كمسؤولين سنقدم له الدعم اللازم في المجالين اللوجيستي و الفني .
وعن روح العمل الجماعي ذكرت محاورتنا أنه تم ” طرح هذا السؤال خلال ورشة سفراء السلام على المشاركين للتقصي عن مدى ثقتهم في قدراتهم على العمل ضمن فريق واحد ، وأبدى الجميع استعداده للتعاون، والعمل ضمن الفريق .
و أعرب المشاركون عن ازدياد ثقتهم في قدراتهم على المضي قدماً كنشطاء سلام في المجتمع بعد هذه الورشة بمباركة المدربين و المسؤولين عن الورشة التي تعتبر خطوة عملية اتجاه المساهمة في بناء الاستقرار ، و تخفيف التوترات ، و نشر الوعي السلمي . –
وعن الكيفية التي تم بها اختيار المشاركين في الورشة نوهت السيدة جازية قائلة : ” تم اختيار المشاركين حسب معايير معينة ، ففي الورشة السابقة تم تدريب مجموعة من النساء و كونت منهن نواة لفريق سلم مجتمعي ، و بعضهن انطلق بنشاط مستقل كالأستاذة عائشة البكوش التي نجحت في تكوين فريقها الخاص، و لقد عقدت هذه الورشة كمتابعة ودعم لها ولفريقها ، و لتشجيع
و عن آلية تنسيق الورشة الثالثة لمشروع سفراء السلام أفادت الأستاذة ” عائشة البكوش ” رئيسة جمعية بشائر الفجر للأعمال الخيرية ، ومنسقة الورشة ” بمايلي :” تواصل منتدى دعم و تمكين المرأة و الشباب مع جمعيتنا بخصوص إقامة الورشة ، و تم الإعداد و التنسيق لها و إقامتها بمدينة سبها تحت اسم (شركاء في الوطن شركاء في السلم ) .
و قد كانت الورشة ممتازة و المشاركون جلهم من الشخصيات الرائعة ، شخصيات تسعى للسلام ، شخصيات تسعى لبث روح التسامح في المجتمع ، كم أنا متفائله بهذا الفريق الذي سينجح في زرع فكرة التسامح و الاستقرار السلمي في المجتمع . –
و لفسانيا أدلت السيدة ” مريم حسين سليمان ” مديرة جمعية الرائدات للتطوير و التنمية ” برأيها عن المشاركة في هذه الورشة قائلة :” تعتبر فرصة المشاركة في مشروع سفراء السلام فرصة تاريخية ، بالنسبة لي لأن هذه الورشة أضافت لي كمّا هائلا من المعلومات ، عن المصالحة و نشر السلام داخل مجتمعنا ، وكانت أيضا ملتقى للتعرف على أشخاص رائعين من مدينتنا ، و جسدت فرصة حقيقية لتكوين فريق عمل يفيد المجتمع ويساهم في حراكه نحو السلام . وأوضح السيد ” أحمد قليوان , من فريق الدعم النفسي و الاجتماعي بسبها ” إن هذا العمل يعتبر فرصة ذهبية بالنسبة له ، فقد كان يبحث منذ فترة عن جهة أتحصل من خلالها على الخبرة و الأدوات التي يمكنه استخدامها في إحداث السلام ، في الحقيقة كانت الورشة غنية بمايريد ، كما أن المحاضرين كانوا على درجة عالية من الخبرة ،وقدموا الكثير من المعلومات و الاستفادة للحضور . وقال قليوان في الختام : أتمنى التوفيق للجميع ، و أتمنى أن يعمل هذا الفريق الذي أسس من المشاركين في الورشة على أرض الواقع. – وأظهرت السيدة ” خديجة علي ،ناشطة مدنية بسبها ” رضاها عن فعاليات الورشة حيث قالت : ” أنا مسرورة جدا بالمشاركة في هذه الورشة التدريبية فهي مشاركتي الأولى بهذا الخصوص ،ولقد أضافت لي الكثير حول كيفية تحليل النزاعات ، و المفاوضة و الوساطة . و أثرت القاعدة المعرفية لديّ .
و أوضحت السيدة ” تومية فرج محمد بوطقة ” الناشطة المدنية في سبها” ما تعلمته من خلال المشاركة في ورشة سفراء السلام حيث قالت : بالرغم من مشاركتي في العديد من الورش المشابهة إلا أن هذه الورشة كانت فريدة و مميزة ، فلقد اكتسبت العديد من الخبرات و الآليات الجديدة في كيفية فض النزاعات و تحليلها حيث تعلمت الأسس التي تجعلني مفاوضة جيدة ، و كيف أستطيع الحفاظ على حيادي حين أكون في دور الوسيط . و أتمنى للجميع التوفيق والنجاح . ومن الأطياف المشاركة في الورشة أعرب السيد ” عادل عمر اكديوش ” رئيس قسم الجغرافيا و عضو هيئة التدريس في جامعة سبها ” قائلاً : ” إن الورشة كانت إضافة كبيرة بالنسبة إليّ، لتعريفي بآليات وأساسيات العمل في مجال المصالحة و نشر السلم ، والمنهجية المتبعة في تحليل الوضع و معرفة الأطراف و كيفية التفاوض و الدخول كوسيط ، فكل الشكر و التقدير للقائمين على الورشة . و أتمنى أن نعمل كفريق واحد وأن نلتزم بميثاق عمل ، لنساهم في بناء السلم المجتمعي الحقيقي .