أعتـــرف

أعتـــرف

جميلة فضل

الإهداء  : ربّما اعترافي هذا يخفّف ما بنفسي من آلام صامتة جثمت على صدري  تدمي أنينه منذ سنين

أعترف أنّني أحببتك .. أشتاق إليك كلّ لحظة وأداري فيها دموعي حتّى لا يراني النّاس .. خشية تعليق  الفضوليّين .. أنتظر مكالماتك بلهفة .. أنتظر دخولك عليّ وصبري يكاد ينفد .. فيم غيابك ؟.. صورتك .. صوتك .. إنّي أكاد أجنّ .. وعيناي مرتشقتان  بالباب الرّئيسيّ علّك تأتي .. طال انتظاري حتّى نفد صبري .. أخرج راكضة نحو الباب الرئيسيّ .. أفتّش بنظري في الشّارع .. أتصفّح وجوه المارّة .. كل الرجال من بعيد أو من قريب .. كرهت معاكسة الأشقياء .. أرجع إلى الداخل .. يجترّني حزن أمرّ من علقم الانتظار .. يا من تعلّقت بك روحي .. ان نسيتني .. فنار قلبي لفقدانك متأجّجة ملأت كياني .. ملامح حزني وهذا الدخان كشفوا سرّي .. افعل من أجلي أيّ شيئ يمحو تذبذبي ويطفئ ناري .. لأستقبلك بالأحضان وأنا أنتظرك كلّما يهدهد النّسيم جبيني  عشيّة  كل يوم من هذا الربيع .. أذكرك دائما لأنّني أعيش معك بكلّ جوارحي مهما طالت المسافات

2

كان من الممكن أن أكتب أحلامي لو تركوا لي أوراقا بيضاء وأقلاما ملونة لو لم يسرقوا أبجديتي خبؤوها في الظلمة لو سمحوا لي أن أتعمق في معاني الكلمات لو أطلقوا عنان فرسي الجميلة لكنت أسرجتها بنطاق من حرير الحروف أجول بها العالم .. هم لم يسمحوا لي أن أخرج من حدود دائرة مرسومة اسمها المقرر والتقاليد والأعراف قالوا أن القصص والشعر تعلم قلة الأدب والفتاة لا تجوب الشارع بعنق مشرئب .. خطوط خجلي مرسومة على عنقي ولن أتطلع أبدا إلى الأفق وتعودت أن أعيش على هذا النسق فقط لو منحوني قليلا من الحرية لتعلمت التحليق بين النصوص وصرت أكتب أحلامي

3

ربيعي العشرين

نظرت في ساعتي الصغيرة .. الساعة الواحدة بعد الزوال .. لقد هتف لي بالأمس  وواعدني أن نلتقي في هذا المطعم المطل على البحر ككل يوم سبت  وفي .. مثل هذه الساعة .. كان يأتي قبل موعدنا لينتظرني .. وعند وصولي يستقبلني  وكأنّني أميرة .. ترى ما الذي أخّره ؟.. هل نسي موعدنا وهو الذي لم ينس طوال سنين .. لعلّه لا  يزال منشغلا بين أكوام أوراق مكتبه ؟.. هكذا سألت نفسي وأنا أهذي في صمت .. تحركت عقارب الساعة الحائطيّة للمطعم بسرعة جنونيّة في هذه الدقائق الحرجة تضاعف قلقي .. ارتشقت عيناي بالمدخل الرئيسي تفتّش في وجوه الرجال ..  لم أذكر كم مضى على حالي تلك .. تنبّهت إلى نفسي وأنا أتفرّس في الوجوه فأصابني خجل وتّر أعصابي  وتاهت نظراتي في كل الجهات .. لمحت جهاز الهاتف  .. لم لا أطلبه في الهاتف ؟.. ركضت نحو الهاتف  أستأذن مسؤولا هنا .. أدرت أرقام مكتبه ليصرخ رنينه عشرات المرّات ولا من مجيب .. ماذا جرى ؟.. ارتعشت ركبتاي وكدت أقع على الأرض .. رجعت مترنّحة أجرّ أذيال خيبة  تحمل جسدا قد أثلجت أطرافه رغم حرارة الانتظار .. رجعت إلى حيث كنت .. جلست .. أدرت وجهي إلى الحائط أهدّئ من روع ركبتيّ المرتجفتين .. ومرّت الدقائق وكأنّها ساعات بعد ان كانت تتسابق وأجنحة المروحة الكبيرة .. يدي على خـدّي وعيناي عالقتان بالسّقف وفي أعماقي الخرساء تعصف رياح الحيرة لعدم مجيئه واحتمالات مخيفة جالت بخاطري غير أنّي لم أمنع عيني من التطلّع إلى ساعتي مرّة أخرى بعد أن تعبت من عدّ المئات من مربّعات مزركشة .. أصابني فزع .. السّاعة الثانية .. أطلقت زفرات يائسة .. نهضت واقفة بعد جلوسي الذي طال .. وبينما كنت أهمّ  بحمل حقيبتي .. سمعت صوتا أعرفه .. هامسا يناديني باسمي .. التفتّ .. فإذا به حبيبي … وجهه يتصبّب عرقا وبيده علبة كبيرة مزيّنة بشرائط ورديّة .. ضمّني إلى صدره ليهمس في أذني .. كل عام وإلى مأة  عام وأنت حبيبتي .. اليوم عيد ميلادك يا عزيزتي وهديّتي لك  فستان سهرة لأسهر مع أجمل زهرة أتمّـت هذا اليوم ربيعها العشرين ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :