- صافيناز المحجوب
هل فكرت يومًا في إعادة ترميم كأس تهشّم بعد سقوطه على أرض صلبة ؟ ليست كل الأشياء المكسورة قابلة لإعادة الإصلاح وهكذا هي علاقاتنا ببعضنا البعض موقف واحد قد يحدث انكسارات نفسية وتصدعات في جدار المخ ينشأ عنها تغيرات لا إرادية فتجد نفسك وقد تغيرت مشاعرك اتجاه ذاك الشخص وتبدل شعورك نحوه فلا الاعتذار يجدي نفعا ولا الرسائل تصلح ما انكسر .
الشباب اليوم يحتاجون إلة من يوجه قوتهم واندفاعهم نحو المسار الصحيح فالبعض يجد الرئيس الفلاني مَثَله وقدوته وآخر يجد السياسي الفلاني أو الأستاذ أو المعلم وقد يكون رئيس منظمة أو مؤسسة فيقلده في كل أفعاله ويسير على نفس نهجه وهذا أمر جيد إذا كانت القدوة المتّبعة مثالا جديرا بالاتباع ولكن الصدمة تحدث عندما يصدر عن تلك القدوة قول أو فعل شائن فتجد أن نظرة الشباب أصابتها الغشاوة وأعاد التفكير وقد هزت الصدمة داخله ويصاب بتخبط في مشاعره وقد يدخل في حالة نفسية سيئة .
أحد الشباب وجد قدوته في متطوع وناشط ميداني منذ بداية الحروب في ليبيا وهو يعمل معه من أجل ليبيا وكل ذلك دون طلب جزاء أو شكورا أو انتظار ثمن تطوعه وفجأة اختفى مَثَلُه ولم يعد هناك تواصل رغم محاولاته الكثيرة للوصول إليه وبعد فترة يكتشف أنه سافر للخارج وأنه حصل على بعثة وأنه نسي التطوع ونسي حتى الفريق الذي كان يعمل معه بكل صدق حزن الشباب بعد اكتشافة أن مَثَله الذي طالما تمنى أن يكون مَثَلُه ما هو إلا شخص متسلق لبس رداء التطوع والطيبة من أجل الوصول إلى مبتغاه .
الحياة تعطينا دروسا وكل درس بثمن ذلك الشاب المصدوم اليوم لم يعد له قدوة إلا رسوله الكريم لاقتناعه بأن الإنسان لا بد أن يتغير يوما وأن يظهر وجهه الآخر المخبأ داخليا فالطمع والانتهازية وحتى تغيير المبادئ لم يعد أمرا مستغربا إلا من رحم ربي لذلك صُنْ قلبك ونفسك عن الصدمات فلا تتعلق بالأشخاص فنحن في زمن الجري والتكالب وراء المال والمناصب وتكاد المثالية في صفات الأشخاص تندثر .
إن كثرة سقوط الأشخاص في نظر الشباب جعلتهم ينفلتون من تحكم القيادات ونرى ذلك واضحا في تكوين الشباب لتجمعات ومنظمات وجمعيات يعملون داخلها مع بعضهم البعض ابتداء من الرئيس وانتهاء بأعضائها وهذا الأمر وإن كان يدل على قدرة الشباب على قيادة أنفسهم وخوض معترك الحياة متعاضدين مع بعضهم إلا أن الجانب الآخر الخفي هو محاولة الشباب الاستغناء عمن هم أكبر منهم وأكثر منهم خبرة لسبب أو أسباب كثيرة وهذا الأمر سيتسبب في انجراف الشباب إلى مخاطر قد ينظرون إليها على أنها مسار صحيح في حين أنها فخ من أفخاخ الحياة التي لا يفطن بها إلا ذو خبرة ومن جرّب أمواج الحياة المتقلبة .
الدولة اليوم يشغلها ما هو أكبر ولكن الشباب أيضا قنبلة دون مؤقت انفجار ولا نعلم إن ظل الإهمال لهم بهذه الطريقة كيف ستكون طريقة تفكيرهم غدا ومن سيتخذون لهم قدوة في كل أفعالهم. الشباب اليوم يتخبطون ولا ألومهم فليس هناك أدنى اهتمام لا أندية ولا ملتقيات ولا مؤسسات يمارسون فيها هواياتهم الشباب اليوم إما على أعتاب الأبواب جالسون أو علة الهواتف هائمون. نسأل الله أن يكون الغد أفضل من اليوم.