- المستشار القانوني :: ناجي بلقاسم
تعتبر المسؤولية التقصيرية أهم مصادر الالتزام اللاإرادية من خلالها يعتبر الشخص مسؤولا عن الضرر الذي سببه للمضرور ويلتزم بالتعويض عن هذا الضرر ، حيث تختلف المسؤولية عن الجنائية في الضرر ففي المسؤولية التقصيرية الضرر قد وقع على الفرد أما الجنائية الضرر قد أصاب المجتمع . وتختلف المسؤولية العقدية عن المسؤولية التقصيرية حيث أن كل منهما يهدف إلى جبر الضرر الناتج عن عدم تنفيذ التزام معين ، ولكن المسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بالتزام عقدي أما المسؤولية التقصيرية فهي جزاء الإخلال بالتزام قانوني يتمثل بعدم الإضرار بالغير . أيضا في مدى التعويض ففي المسؤولية العقدية لا يكون التعويض إلا عن الأضرار المتوقعة إلا إذا كان هناك غش أو خطأ عمدي أو خطأ جسيم ، أما المسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن كل الضرر . إذا تعدد المسؤولون في المسؤولية العقدية فلا يفترض التضامن بينهم إلا إذا كان هناك اتفاق أو نص قانوني ، أما إذا تعدد المسؤولون في المسؤولية التقصيرية فإنهم يكونون متضامنين بنص القانون . من حيث تقادم المسؤولية العقدية بمُضيّ خمس سنوات ، أما المسؤولية التقصيرية فتتقادم بثلاث سنوات من وقت علم المضرور بالضرر أو بخمس عشرة سنة من وقت وقوع الفعل . ـ أرْكَانُ المَسْؤُولِيّةِ التّقْصِيرِيّة : الرّكْنُ الأوّلُ – الفِعْلُ المُنْشِئُ للْمَسْؤُولِيّة : الفعل ربما يكون عملا شخصيا أو فعل الغير أو عن طريق أشياء .
1ـ المسؤولية عن الأعمال الشخصية : وهي القاعدة العامة للمسؤولية يجب الرجوع إليها في الحالات التي لا يوجد فيها تنظيم خاص للمسؤولية ويتم إثبات ذلك عن طريق شهادة الشهود أو القرائن وعلى المضرور إثبات كافة عناصر دعواه من خطأ وضرر وعلاقة سببية .
2ـ المسؤولية عن فعل الغير : ويختلف هذا النوع من المسؤولية عن الفعل الشخصي في أن المضرور لا يطالب بإثبات الخطأ في جانب الغير خلافا للقاعدة العامة وهي نوعان : ـ مسؤولية المكلف بالرقابة عن فعل الخاضع للرقابة ، مثل : القاصر ـ عديمي التمييز . ـ مسؤولية المتبوع عن عمل التابع متى أحدث ضررا بعمل غير مشروع متى وقع منه في حال تأديته لوظيفته أو بسببها ، مثل : سائق تابع للشركة التي يعمل بها ـ الطبيب الذي يخطئ في علاج المريض إذا كان الطبيب يعمل في مستشفى عام .
3ـ المسؤولية الناشئة عن الأشياء : وتتمثل الأشياء في الحيوانات والجماد وأيضا البناء ، مثال أن يكون مالك البناء مسؤولا عما يحدثه انهدام البناء من ضرر ولو كان الانهدام جزئياً مالم يثبت أن الحادث لا يرجع إلى إهمال في الصيانة أو عيب في البناء .
الرّكْنُ الثّانِي – الضّرَرُ : لا يكفي لتحقيق المسؤولية وجود الفعل المنشئ للمسؤولية وحده فلابد من وجود الركن الثاني وهو الضرر، والمضرور هو من يقع على عاتقه إثبات حصول الضرر تطبيقا للقاعدة العامة المتعلقة بتحميل المدعي عبْء إثبات ما يدّعيه . والضرر ربما يكون ماديا يصيب الشخص في مصلحة مالية كإتلاف مال أو حرق منزل أو تلف سيارة نتيجة حادث أو عجز شخص عن العمل ، وإما يكون أدبيا يؤثر في مصلحة غير مالية للشخص مثل الآلام الجسمانية كالإصابة بجروح على إثر حادث أو آلام نفسية نتيجة تشوه بعد حادث أو بسببه . ـ ويشترط في الضرر أن يكون محققاً وأن يتضمن المساس بمصلحة مشروعة وأن يكون مباشراً ، إذا توافرت شروط المسؤولية التقصيرية يكون المسؤول ملزما بتعويض المضرور ، ويتم تحديد مبلغ التعويض إما بالاتفاق بين المسؤول والمضرور وهذا يسمى صلحاً ، وإذا تعذر ذلك يلتجئ المضرور للقضاء لتحديد مبلغ التعويض . الرّكْنُ الثّالِثُ – العَلَاقَةُ السّبَبِيّة : ويقصد بها هنا رابطة السببية بين الفعل المنشئ والضرر أي هل الضرر كان نتيجة الفعل ، وتقدير ذلك متروك لقاضي الموضوع بحسب ظروف الدعوى وملابساتها . فإذا تعددت الأسباب أو أسباب الضرر يعتبر عبْءُ إثبات رابطة السببية ليس ثقيلا ففي حالة المسؤولية عن الفعل الشخصي تكون رابطة السببية واضحة لا تحتاج إلى جهد ، أما في حالة تعدد الأضرار يكون التعويض في الضرر المباشر أي الذي يكون نتيجة طبيعية للخطأ أو الفعل المنشئ ، وقد تنعدم الأسباب بين الفعل المنشئ والضرر نظراً لقيام سبب أجنبي مثال : القوة القاهرة أو فعل الغير أو فعل المضرور نفسه يكون في هذه الحالة غير ملزم بالتعويض .