- شعر :: المهدي الحمروني
بعيدةً عنّي
أنا أبعَدُ عن الشعر
كالرمال العظيمة عن أعالي البحار
ومثل ألّا يجد رضيعٌ تفسيرًا للتشبت بنهد أمه
هكذا ينساق الحدسُ إليك بلا تبرير
غير أن الكلام يستدرج بكِ نفَساً أنقى
يا إلهي
اللغة تغرق منّي دونكِ
ألهميني كيف أستنفر لانتشالها
لوّحي بمددٍ منقذ
لإغاثة المَحيا
لأستحضر صرخةً للقدوم
دعي القصيدة تشعر بالدفء قليلا
سيلزمني خلوةٌ للتعبد
فتجلّي من غفوة الصباح
كبكارة الزهر في البياض
واسفري لعابدك بتفردٍ حميم
ردي حضانة النهد على لوعة اليتم
أتوق لألوهية الأنوثة في نحرك
لأهتدي إلى سكينة مايتضوّر في الخفق
دعي النص يهبط بسلام
ليدخل في ملكوتك آمنًا مطمئنا
في لحظة قداسةٍ ووحي
إمنحي التنزّل خلوةً ناسكة
واصطفيني لمقامك سادن دهشةٍ في حضورك اللاهب
لا تسأليني من أنتِ الآن
ولا من أنا
أنا محوٌ مطلقٌ من البدء
في الخليقة
كلحظة الصفر
كوهمٍ ..
مقطوعٍ من شجر المفاز
كل ماحولي شرنقةٌ من الوأد
فادني لتعميدي بسمٍ يُحمِّد ظهورك
ويعبِّد ما لايحصى من نعوتك
ياربة القصيدة الغائبة
رُدّي الصورة دون حُجُبٍ
لأتّخذ مايصلني بالسماء
أريد أن أبرأ بها من تيهي إلى سر الوجود
أن أعتكف إليها عن شرودي من الحقيقة
أيتها الضوّاعة بالضوء الآمن
لاحاجة لك بالابتسام
لكي لا أعشَ من بهرة شروقك
رويدًا رويدا
على جفني الألوف لسرمدية العتمة
كم قضاءً من صلواتٍ
وكم كفّارةً من صوم؟
تفي لعفوكِ عن ضلالة الجهل بك؟
أودّ أن أتقرّب بكِ إلى سدرة الرب
فآويني لخاصرة اللهفة الفتون
عن الريح والعواصف
والشتاء
واليباب
والشوق
جئت جميلةٌ ومقمرة
أكبر مما ينبغي لخيال الشعر
ومهيبة
أعظم مما تناظر الباصرة
ومتواضعة
أعمق من ربكة الحياء
لمن ستدعين الإلهام؟
سيكون مُناطاً بك تنزيل ما أكبت
أن تتحدّي النص المنكفئ على نفسه
أن تكوني مليكةً هنا
فثمة شاعرٍ مبعوثٍ لك
ككتابٍ سماويٍّ مرسلٍ لتبليغك
ليتكِ تتعمقين في معنى حاجتي لتجلّيك
وما تحفرين في بصمة قصيدي
أدنني لنبوّتك
كمُريدٍ عاكفٍ لمحرابك
لأدنو من صياغة تقرّبي وولائي