- علي إسبيق
حقيقة مأساوية أفصحت عنها الحرب ، وأنطقت بلسانها كل شيء ، وهذا ليس عيبا لطاما وحدت منابع المياه ومواكن الكلأ عديد القبائل وامتزج على هامشها عدة أعراق وانصهرت الأمم ، رغم أننا نحاول أن ننفي حقيقة أننا شعوب ثلاثة ، بل أربعة وربما خمسة وعشرة ، نتعامل مع هذه الأرض وكأننا مرتحلون عنها غدا ، الكل ( يكحف في النار لخبزته ) لم نعد نبحث عن الحقيقة في كل نزاعاتنا بل نبحث عن انتصار ، كل لرايته وحزبه ، شعوب متغرقة اتحدت حول أحواض النفط ، لتتنازعه بينها ، دون أن تمتزج بشكل جدي وحقيقي ، يقدر فيه الاختلاف ، ويراعى فيه خصوصية كل طرف ، حرب اليوم ليست من أجل الهوية بل من أجل فرضها ولايمكن لأحد فرضها إلا عن طريق النفط ، وفي الحقيقة وفي ظل عدم سيطرة مؤسسة وحدوية حقيقية على أقطار شاسعة متناثرة من أرض أعطاها الله كل شيء إلا العقل ، فسيستمر النفط في توحيدنا وفي نزاعنا ، سنظل نقتل بعضنا ، ونتهم بعضنا ، حتى نجد ما نتفق عليه بعيدا عن النفط ، شيء حقيقي ، يوحدنا بجدية ، يحفظ خصوصية تنوعنا ، يرفع علما يرتمي في أحضانه الكل ، ويقف على مسافة واحدة منهم ، دون أن يرتهن هذا الشيء بيد الأقوى بل بيد الأحق والأقدر على إدارته بشكل سليم وعادل وإلا فالوحدة المزعومة رهنٌ لكارثة تصيب هذا النفط.