- عاشور صالح عبدالعزيز
يقصد بالمشهد اللُغوي هو كل اللغة أو اللغات والرموز والرسومات التي تحيط بنا في حياتنا اليومية من لافتات على واجهات المحال التجارية، أو المؤسسات (العامة والخاصة)، مثل الجامعات والمساجد والمباني الحكومية والشركات وغيرها، وكل الكتابات والرسومات التي نراها في الشوارع، وما تحمله من دلالات رمزية—ثقافية كانت أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. بمعنى آخر، المشهد اللُغوي هو الحضور والتمثيل اللُغوي في الفضاء العام. ينقسم المشهد اللُغوي إلى قسمين أساسيين: (رسمي أو حكومي، وغير رسمي أو غير الحكومي). وبكلمات أخرى (من الأعلى للقاعدة –رسمي، ومن القاعدة للأعلى – غير رسمي). (باكوس) وهو من اللُغويين الرواد في هذا المجال، وفي مقالة في العام في (2006 – ص 52)، يقول إن العلامات الإرشادية واللافتات هي ما يمكن تصنيفه بأنه رسمي أو من الأعلى للقاعدة. كما يشير إليه البعض بالمعلومات التي تأتي من الحكومة إلى الشعب أو الجمهور، مثل تلك التي تستعمل في المؤسسات مثل المباني الحكومية والوزارات والبلديات والمجالس المحلية والجامعات وملاك العقارات.. إلخ. وهي وصفية إرشادية في طبيعتها، حيث أن الهدف الرئيس من ورائها هو ضبط سلوك معين أو إعطاء إرشادات وأوامر محددة. وهذا يتم عن طريق استخدام لغة محددة ومعترف بها رسمياً من قبل الحكومة مثل أسماء الشوارع والعلامات الإرشادية المرورية. النوع الآخر من أقسام المشهد اللُغوي هو غير الرسمي أو ذلك الذي يكون من القاعدة إلى الأعلى (قمة الهرم) كما يقول (لاندري وبوريس 1997، ص 27)، ويتميز بالتنوع الكبير جداً في اللغة وفقاً للاستراتيجيات والأذواق الفردية، ويتم تعليقها عن طريق الجمهور أو العامة مثل أسماء المحال التجارية، الجرافيت (الكتابة والرسم على الجدران)، إعلانات لمناسبات وأحداث في مكان أو منطقة معينة أو إعلان عن خدمات تقدم في مكان ما. وهذا التنوع يرجع في أغلبه إلى التنوع اللغوي في المجتمع، والذي قد لا يكون معترفاً به على المستوى الرسمي، كما أن العامة غير ملزمين بالالتزام بالقواعد اللغوية كالجهات الرسمية في الدولة. أما فيما يتعلق بوظائف تلك اللافتات والإشارات واللغة التي نراها من حولنا، فإنها تستخدم بطرق مختلفة ولأغراض متنوعة. اللغة التي نراها في الشوارع والأماكن العامة والخاصة إما أن تكون لأغراض إخبارية أو رمزية. فمثلاً اللوحات الإرشادية داخل المدارس وإشارات المرور على الطرقات تهدف بالأساس إلى إعطاء معلومات محددة. بينما الأمور التي تتعلق بتعليم القيم والمبادئ المجتمعية أو تعليم التنوع الثقافي والعرقي في مجتمع معين، فتهدف إلى إيصال رسائل رمزية ترتبط في أغلبها بالثقافة. وتعتبر الديكورات في المباني أو على واجهاتها مثل النقوش الإسلامية في المساجد من أهم أمثلة الرموز الإسلامية والتي قد ترتبط في كثير من الأحيان بالثقافات المحلية في أماكن تواجد تلك المساجد أو غيرها من أماكن العبادة. أما فيما يتعلق بتغيير الوضعية القانونية للغة معينة في المجتمع فيكون إخباريا رمزيا في نفس الوقت. هذا ما يتعلق بمفهوم المشهد اللغوي بشكل عام ومختصر. السؤال الذي يطرح نفسه إذا في هذا السياق هو، ماهي سمات المشهد اللغوي الليبي؟ هذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله تعالى في المقالة القادمة. دمتم في رعاية الله وحفظه. يتبع.