- د :: سالم الهمالي
لعل الغالبية ممن سيقرؤون هذه القصة لا يعرفون اين تقع (برجوج)، تلك البقعة الطيبة في الصحراء الليبية الواسعة حيث تعلّم التلميذ محمد حسن حامد بشير الزيداني اول حروف اللغة وارقام الحساب بالصف الأول الابتدائي. ولد سنة (١٩٩٥) بمستشفى ٢ مارس بمدينة سبها، تنقَّل بعدها بين مدارس المدينة وقريته (تمسة) ومكان عمل والده مهندسا بمشروع برجوج الزراعي.تميز منذ بواكير ايامه المدرسية، متفوقا علما وخلقًا، محرزًا البطولات المحلية في رياضة (التكواندو) بالاضافة الى المركز الاول في سنواته الدراسية.
هذا التفوق تعزز خلال سنواته الدراسية في ماليزيا، حيث انهى الدراسة الجامعية بتفوق عالٍ جدًا، ابهر اساتذته الجامعيين ومكنه من الحصول على فرصة عمل باحدى الشركات الانجليزية الكبرى العاملة بدولة ماليزيا. إلا ان ذلك لم يتحقق لرفض السلطات منحه إقامة عمل.هذا الرفض لَم يوهن عزيمته، بل أوقدها بشعاع من نور، عاقدا العزم على الوصول الى اعلى المراتب في العالم. عاد الى ماليزيا على حسابه الخاص لاستكمال درجة الماجستير فِي الهندسة الإنشائية بعد ان اكمل البكالوريوس في الهندسة المدنية بالترتيب الاول على مستوى الجامعة.
عمل مدربا لرياضة التكواندو بالنوادي الماليزية ليساعده في تحصيل ما يعينه للمعيشة وتخفيف اعباء تكاليف الدراسة على أهله.وضع نصب عينيه الدراسة والبحث في اكبر الجامعات في العالم، بل حدد العشر الأشهر، والدراسة فيها تحتاج باحث متكامل، نبوغ علمي وسعة افق معرفي وأدراك لمؤهلات القيادة بالعمل التطوعي والقيادي والمجتمعي. صفات القيادة تحتاج مراس وتجربة عملية بإختياره في رئاسة اتحاد الطلبة في جامعته، والعمل التطوعي تعلمه بالعمل في مراكز رعاية المسنين.
يقول: تعلمت من تجارب نجاح القادة (مهاتير محمد، لي كوان يو)، اللذان إستطاعوا تطوير مجتمعاتهم بشكل كبير عبر قيادة رشيدة، حققت تفوق علمي واجتماعي على جميع المستويات.اليوم يبدأ محمد مرحلة جديدة في لندن، حيث التحق بجامعة الامبيريال كوليدج، كباحث وطالب لدرجة الدكتوراه في قسم الهندسة الإنشائية، بعد تحصله على منحة دراسية على حساب الجامعة، تمنح فقط لخمسين من (٢٠٠٠) مترشح على مستوى العالم. منحة كاملة، تشمل تكاليف الدراسة ومنحة معيشة شهرية لثلاث سنوات ونصف.للتأهل لهذه المنحة لا يكفي النبوغ العلمي فقط، بل تحتاج الى سيرة تبرز المقدرة على الإنجاز بنشر ابحاث علمية في ارقى المجلات البحثية العلمية على مستوى العالم، بالاضافة إلى المهارات الاخرى التي ذكرتها أعلاه.اختار الامبيريال كوليدج لأنها الخامسة على مستوى العالم في تخصصه، بالإضافة إلى انها الأقرب الى البرنامج الذي ينوي مواصلة ابحاثه العلمية في مجاله.
كما يجدر الاشارة الى انه تحصل ايضا على عرض مماثل من جامعة اوكسفورد البريطانية وإلينوي وكانساس الامريكيتان.ليس من السهولة الحصول على فرصة تعليمية في الامبيريال كوليدج حتى وانت قادر على دفع تكاليف الدراسة، ولو كنت بريطاني، ولا شك ان الفوز بهذه المنحة هو نجاح وتوفيق من عند الله سبحانه اولا، ثم نبوغ علمي يستحق الإعجاب والإشادة.امام محمد مستقبل واعد بإذن الله تعالى، وامام الشباب الليبي أيضًا، عندما تتوفر العزيمة والاصرار على التوفق والنجاح.الف الف مبروك محمد، ولوالديك، ولكل الشعب الليبي .