- حاورها :: سالم الحريك
بالرغم من الغربة والابتعاد عن الدولة الأم وهي سوريا إلا أنها ليست مغتربة عن الوطن فالتواجد داخل الوطن ربما لايكون مرتبطاً بحدود جغرافية. تصطحب معها حباً ليس فقط لسوريا وإنما للامتداد الثقافي العربي وتنسج في كتاباتها القادمة حلماً عربيا قد يصدر في رواية تحت عنوان ( الأمم العربية المتحدة ) ذلك الاهتمام والميول العربي لا يمكن تفسيره بشكل أدبي قبل كل شيء إلا لتأثرها بشاعريْن عربيين كبيرين هما نزار قباني ومحمود درويش. مع مشاعر الوطن والأدب والغربة. حوارنا مع الكاتبة السورية الشابة “بيان موصللي” بداية من هي بيان موصللي وكيف تقدمين نفسك للقراء الكرام؟
بيان موصللي هي فتاة مغتربة منذ صغرها عن بلادها تراقب كل شيء يحصل من حولها منذ صغرها لأنها كانت لا تجيد اللغة العربية. بيان موصللي من مواليد الواحد والعشرين من شهر يناير سنة 1999 من مدينة حلب سوريا و غادرتها وأنا في عمر الأربع سنوات إلى ألمانيا لم أوعى على اللغة العربية بشكل كامل وعلى المجتمع فكان أبي و أمي يحدثاني عن العادات، الدين و المجتمع. كنت ف كل إجازة لي أسافر إلى سوريا إلى أسرتي ووطني فتعلمت حب بلادي على الرغم أنني لم أوعى لها كثيراً لكن قلبي أحب بلاد الشام. في السنة الثامنة من عمري نزلت كي أستقر في سوريا بسبب الظروف التي حصلت هنا مع أمي وهي خسارة جنينها الصغير. عُدت إلى سوريا غير مجيدة للغة العربية بإتقان و قررنا الاستقرار في بلادنا مع أسرتنا. دخلت مدرسة خاصة لسنتين لأنني لم أجد اللغة العربية رغم ذلك لم أتعلمها لأنها لم تكن مدرسة خاصة لتعلم اللغة فقط. كانت طفولتي هادئة جدا لا أتكلم كثيراً أتأمل من حولي فقط حتى أتقنت اللغة في سنتي الثالثة في سوريا عندما انتقلت لمدرسة عامة حكومية و أصبحت أتكلم مع من حولي و أفهمهم. أثارت فضولي السياسة و الحروب الجارية في الوطن العربي ومنها الحرب على غزة في فلسطين، كانت الأخبار على التلفاز مليئة بالأحداث عن فلسطين فكتبت أول خاطرة لي وأنا في التاسعة من عمري. و بدأت بالرسم الخيالي أيضا في ذات العام، كانت رسوماتي عبارة عن خيال الذي أراه من حولي السياسة و الحروب. بدأت الحرب في سوريا و بدأت أخسر من حولي رحل لي الكثير من الأرواح الطاهرة بتلك الحرب فقررت أسرتي المغادرة إلى ألمانيا من جديد بعد خمس سنوات قضيتها في سوريا. وعدت إلى ألمانيا لأستقر هنا حتى ترحل الحرب عن بلادي. فأكلمت دراستي هنا ولم أتوقف عن الكتابة أو الرسم. و بعد سنين من الدراسة و الاعتياد على مجتمع جديد دخلت مهنة أحلامي وهي التعويضات أو التركيبات السنية لأنها كانت تصفني بشكل أو بآخر. الانحياز للهدوء و العمل و التفكير بذات الوقت و من ثم قررت أن أُخرج حروفي للمجتمع و أن أوضح رأيي في الكثير الذي رأيته و صدر لي كتاب صفنة.
كيف كانت بداياتك مع الأدب والقراءة؟ وبأي اللغات تقرئين؟ وما أكثر المجالات التي قرأتِ فيها؟ وأي الكُتَّاب أو المفكرين الذين تأثرتِ بهم بشكل أو بآخر؟
أبي محب للقراءة منذ صغره وكنت أراقبه عندما ينعزل عن الجميع و يجلس في الحديقة ويقرأ. أثارني الفضول لأتعلم القراءة فمسكت بأحد الأيام كتاب نزار قباني الذي وجدته عنده و حاولت القراءة لأفهم ذلك الحب الذي أراه بأبي عندما يقرأ. حاولت في أول مره لي القراءة فلم أفهم معنى الكثير فساعدني أبي على ذلك ومع مرور الوقت أصبحت أقرأ و أفهم معنى تلك الحروف من نزار قباني و محمود درويش التي كانت عبارة عن معنى الحب وفي بعض الأحيان سياسة غامضة مخبأة خلف السطور لحب الوطن. حتى جذبتني حروفهم، عن معنى كلمة وطن أو حب فأصبحت أشتم الورق البني العتيق بمكتبة أبي و أحب تلك التفاصيل الصغيرة التي تخص الكاتب. علمني محمود درويش معنى الوطن ومعنى المجتمع. و نزار قباني علمني الحب و حب تلك التفاصيل الصغيرة التي لا يراها أحد. أما القراءة أحب القراءة في اللغة العربية و الألمانية. في العربية تجذبني الحروف و أسلوب الشرح وفي الألمانية أهوى الكتب التي تتحدث عن سياسة المجتمع وعلم النفس.
أفهم من ذلك أن بداياتك كانت مع من يسميه البعض بالقصيدة الغربية المعاصرة أو الشعر النثري المعاصر. إلى أي مدى يعجبك هذا النوع من الشعر على وجه التحديد نزار قباني ودرويش؟
أجل يعجبني كثيرا لأن تلك الحروف كلها صادقة عن واقع عاشوه واصفين إياه بأبسط الحروف. لم أشعر بالكذب و النفاق من سطورهم فنزار قباني محب للحب يعرف جيدا كيف يصف الذي حوله أو بداخله وهذا الشيء خلق بي أن أصف بدقة الذي بداخلي و أهوى تلك المشاعر التي يتجاهلها الجميع. محمود درويش عاشق لبلاده عاشق لوصفها بأجمل السطور، كان يرى نفاق الجميع إن كانت أحزابا أو دولا فتعلمت منه حب بلادي وعشق تفاصيلها الصغيرة تلك السياسة التي لا يفهمها أحد. باختصار حروفهم صنعت شخصيتي هذه.
إلى أي مدى تساهم الغربة في زيادة عاطفة الكاتب أو الشاعر فيما يعبر عنه من قضايا وأحداث من خلال كتاباته. هل كانت الغربة عاملاً رئيسياً في صناعة عواطفك ومشاعرك تجاه الكتابة لوصف كل ما تريدين وصفه؟
أجل لها عامل كبير لأنني أشعر أنني عربية أكثر من أنني أجنبية على رغم السنين التي قضيتها هنا فكنت أشعر باختلاف الأفكار بين العربي و الأجنبي و لا أشعر أن هناك أجنبيا يتفهم أفكاري تلك أنا كفتاة بين مجتمع كبير كنت في صغري هادئة جدا لا أتحدث كثيرا. فلم يبق لي سوى الكتابة لأعبر عن الذي أراه من حولي أو حتى بداخلي.
حدثينا عن سياق بداياتك مع عالم الكتابة، كيف كانت؟ وكيف تطور الأمر إلى أن صدرت أولى أعمالك عن دار ببلومانيا للنشر والتوزيع؟
أول حروف لي كانت عبارة عن خواطر لغزة عندما رأيت الحرب على التلفاز و كان أبي هو أول مدقق لي في سن التاسعة رغم أخطائي الإملائية التي لا تعد ولا تحصى لكنها كانت أول تجربة لي و استمر حبي للتعبير من حينها إلى أن أصبحت في الصف السادس وكان هناك مرتان في الأسبوع لحصة التعبير كانت الآنسة تعطينا عنوانا ويجب علينا تطبيق العنوان على موضوع التعبير. فرغم صمتي و هدوئي إلا أنني تجرأت و وقفت أمام الجميع و حدثت صفي عن موضوعي و استمر الحال على هذا إلى أن أصبحت في الصف الثامن و غادرت سوريا. لجأتُ حينها إلى مواقع التواصل الاجتماعي و بدأت كتابة الخواطر و نشرها. من ثم قررت أن أنشر أول حروفي مع ببلومانيا للنشر و التوزيع،كي أوصل رسالتي للمجتمع و أفكاري.
حدثينا والقراء الكرام ولو قليلا عن أول أعمالك “صفنة”. كيف قررتِ البدء بالنشر الفعلي وكيف كان تعاملك مع دار النشر؟
اخترت عنوان صفنة لأنها كلمة معبرة عن الحرب الداخلية التي يخوضها الإنسان مع نفسه بشكل يومي وهي عبارة عن أفكار عدة بمواضيع مختلفه عن بعضها البعض. والتي تبقى في أغلب الأحيان بلا حلول أو رأي آخر في تلك المواضيع. حاولت وصف المشاعر و المواقف الصامتة في قلوب الجميع و أن أعطي حلولا أو مثالا بسيطا عن نفسي للقراء. دلّني صديق لي على دار ببلومانيا للنشر و التوزيع و أخبرني عن حسن تعاملهم و تشجيعهم للمواهب الجديدة فكانت أسرتي العامل الأول بتشجيعي على نشر أول أعمالي فقررت ذلك و توكلت على الله و الحمد لله كانت تجربة لن أندم عليها أبداً.
عندما تصفحت الكتاب وجدت بأنه مقالات ذات طابع نثري تتضمن أفكارا عدة بين الوطن والدين والإنسان والقيم المختلفة. لماذا تم تضمين الكتاب على أنه رواية؟هل تم ذلك بواسطة دار النشر أم أنك من أردتِ تضمين الكتاب كنوع روائي؟
تم ذلك من قبل الدار وليس مني ولكنني أعمل الآن على روايتي الأولى.
هل لنا بنبذة أو إطلالة سريعة على الرواية التي تعملين على كتابتها الآن؟. هل تبلورت الفكرة النهائية للعمل أم لم يتم ذلك حتى الآن؟
الأمم العربية المتحدة رواية من الخيال أتحدث فيها عن حلم الشعب العربي أجمع وهي أن تتحد الدول العربية أجمع شاملة لقصة حب و صداقة وكيف يمكننا أن نحقق هذا الحلم. أتت فكرة الرواية من تأثري بنزار قباني و محمود درويش وبدأت بها منذ فترة قصيرة وأحاول من خلالها التعبير عن كل مواطن عربي.
هل ستواصلين التعامل مع نفس الدار لنشر العمل؟
نعم إن شاء الله.
ما نظرتك للترجمة وهل ستعملين على ترجمة أعمالك إلى لغات أخرى؟
وأي اللغات التي تودين الترجمة لها أولا الإنجليزية أم الألمانية ربما؟ سأعمل على ترجمة كتاب “صفنة” إلى اللغة الألمانية و الإنجليزية. و إن شاء الله كتاب الأمم العربية المتحدة أيضاً بعد انتهاء الرواية.
ماذا عن سوريا؟ تسكن بداخلك من خلال الذاكرة فقط أو ربما ستقيمين بها مستقبلاً ما إن تستقر الأمور؟
تسكن بداخلي و أنا لها وأنتظر أن تنتهي الحرب فأنا أعطيت وطني وعدا وهو أن أعود و أعيد بناءه.
إلى أين تريد أن تصل بيان موصللي في عالم الكتابة؟وهل سنشهد تنوعا في كتاباتك الأدبية والفكرية من خلال تنوع قراءاتك في الشعر والأدب والسياسة و غيرها؟
مؤمنة بأن كل إنسان له رسالة يوصلها للمجتمع، بأي وسيلة كانت. هدفي هو التوعية و أن لا ينسى العرب بعضهم البعض رغم كل الظروف التي تحصل يكفي أن يكون هناك ضمير و إيمان بالله فقط. أنا كإنسانة أحب التنوع فمن المؤكد أن يصبح هناك تنوع إن شاء الله بأعمالي. و أظن إن شاء الله بعد روايتي الأولى في المستقبل القريب عن الأمم العربية المتحدة، ستكون هناك أعمال في الشعر بإذن الله تعالى.
هل من إضافة وكلمة أخيرة في نهاية الحوار؟
أجل. أولاً أشكرك على جهودك أستاذ سالم. ثانياً وهي نصيحة للقراء ليس من الضروري أن تصبح سيئا كي ترضي الجميع و تقتل ضميرك مثلهم. كن مختلفا عن الجميع و أفضل منهم، تكلم كما تحب أن يكلمك أحد و افعل كما تحب أن يفعل لك. تخيل الأمر على ذاتك قبل أن تعمل به فإنك لا تريد سوى أفضل الأمور لنفسك فتمناها و قدمها لغيرك.