- تقرير :: أحمد تواتي
ها هو شهر الصيام والموائد والألفة الذي سن ليغمر صحة الصائمين ببركات فوائده ،و تتنوع في أيام رمضان الأغذية التي لها دور مهم جدا في إعطاء الجسم الطاقة و القدرة على تحمل الصيام لساعات طويلة ، و المطبخ الليبي يتميز بتنوع أكلاته بشكل كبير ، حيث يضم مجموعة كبيرة من الأطباق الشعبية و التراثية التي تختلف من منطقة إلى أخرى، و في الشهر الكريم يتم التركيز على تنوع المائدة بوجود وجبات رئيسية و أطباق للشوربة و لا تخلو المائدة من المعجنات و الحلويات ، فهل ما يتناوله الليبيون خلال شهر رمضان المبارك صحي و مفيد؟ هذا ما سنتناوله خلال هذا التقرير .
شوق المليار مسلم لموائد الصحة
قال : مناع إبراهيم حداد مدير مجموعة المساعدات والصحة “منظمة فزان ليبيا ” : مع اقتراب شهر رمضان المبارك يصوم حوالي مليار مسلم حول العالم عن الأكل والشرب من الفجر حتى الغروب، لكن على الرغم من المصاعب المرتبطة بذلك فإن عديد المسلمين يتطلعون إلى رمضان بشوق لارتباطه بعادات وجلسات خاصة مع العائلة، ولا يخفى علينا اكتظاظ الناس في الأسواق من أجل التبضع للشهر الكريم من جميع نواحي المدن . أضاف : بقدوم الشهر الفضيل سيتغير النظام الغذائي الذي اعتدناه طيلة 11 شهراً، ويقتصر على عدد أقل من الوجبات في اليوم، والنقطة الجوهرية كيف يمكن خلق توازن غذائي للصائمين حتى يتجنبوا مضاعفات النظام الغذائي غير المتوازن؟. أشار : أن اتباع نظام غذائي غير متوازن يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خلال رمضان، ومع ذلك فأن عديد المسلمين يعوضون الصوم عن الطعام والمشروبات لساعات طويلة في فترة الإفطار عن طريق الإكثار من الأكل.
وصفة لبيوت الداء في أجساد الصائمين
وتابع حداد : المشكلة ليست في الصيام نفسه، لكن الناس يجهدون بطونهم بالكثير من الأطعمة الدهنية بعد الإفطار كل ليلة، فنجد غرف انتظار الأطباء مزدحمة في شهر الصيام خصوصا” ممن يشتكون آلاما شديدة في المعدة أو ارتفاع ضغط الدم أو الإسهال، بعد أوقات الوجبات في الليل، وقبيل شروق الشمس حيث يتم غالبا” استهلاك الوجبات غير الصحية التي لا تغطي احتياجات الجسم في ساعات الصيام.
وأوضح : من منظوري الشخصي، هنالك عدة نصائح لخلق نظام غذائي متوازن خلال شهر رمضان، وهذه النصائح تختلف من شخص لآخر طبقاً لبنيته الجسدية وحالته الصحية فينبغي تناول كمية وفيرة من الماء” بالإضافة لاستهلاك الأطعمة الغنية بالسوائل كالفواكه و الخضراوات و الشوربة، التي تعتبر من العوامل الهامة جداً في المائدة اليومية و ذلك لتعويض ما يفقده الجسم من رطوبة خلال ساعات الصيام الطويلة.
وذكر : الأطعمة الغنية بالألياف” تزود الجسم بالطاقة و النشاط لفترة طويلة، و تعطي إحساسا” بالشبع و الامتلاء لفترات أطول أيضاً، و من أهم الأمثلة عنها : الحبوب الكاملة مثل النخالة و الشوفان و البرغل، بالإضافة للفواكه المجففة و المكسرات الخام غير المملحة، السوائل التي ينصح بتناولها على الإفطار “الماء، الحليب، عصير الفواكه، والكوكتيلات الصحية” ، مما يساعد في تعويض السوائل التي يفقدها الجسم، دون الحصول على كميات فائضة من السعرات الحرارية أو السكريات الإضافية. فالمشروبات التي تعتمد على الحليب و الفواكه، تزود الجسم بالسكريات الطبيعية و المواد الغذائية التي يحتاجها الجسم بعد فترات الصيام الطويلة.
ثلاث أثلاث و بركات السحور
أعرب : ومن المهم عدم تفويت وجبة السحور لما لها من فوائد في تخزين وإنتاج الطاقة للقيام بالأعمال في اليوم التالي ، وتطبيقاً لقول رسولنا الكريم : ( تسحروا فإن في السحور بركة )، وتجنب الحلويات بعد وجبة الإفطار، والتقليل من استهلاك الأطعمة الغنية بالدهون ليلا” ، و تناول السوائل و التمر و السلطة والشوربة و الفواكه. ويُفضّل إعطاء فترة زمنية لراحة الجهاز الهضمي، و تأجيل الوجبة الأساسية قليلاً مثلاً القيام لأداء صلاة المغرب، و العودة مجدداً لتناول الوجبة الأساسية ( وجبة أساسية واحدة فقط). مما يساعد المعدة على العمل بالتدريج، دون حدوث أي مشاكل في الهضم.
وأردف ” أما إن كنت من الأفراد الذين لا يحبون ترك فاصل زمني أثناء تناول الطعام، لا بأس في ذلك، إنما ينصح في هذه الحالة مراعاة حجم الوجبة المتناولة كالتالي : (ثلث لطعامك و ثلث لشرابك و ثلث لنفسك).
بين “عند تناول وجبة الإفطار، من الضروري اختيار أطعمة متوازنة. غنية بكافة المواد التي يحتاجها الجسم، من منتجات الألبان و بروتينات (لحم، دجاج، أسماك، بيض، بقوليات، حليب، لبن)، كربوهيدرات (خبز أسمر، شوفان، برغل، أرز أسمر). بالإضافة للخضراوات و الفواكه، وممارسة الرياضة الخفيفة مثل المشي اليومي المنتظم.
حامض حلو ومالح .. مفتاح العطش!
أضاف : هناك عدة نصائح مهمة للصائم حول نوعية الأطعمة التي يجب أن ينتبه لها الأطعمة الحامضة: من الضروري أن نأخذ في الحسبان أن المعدة الفارغة أو الأطعمة الغنية بالحمضيات، تسبب حموضة المعدة و الحرقة في الصدر. لتجنب هذه المشكلة، نحن بحاجة لتناول بعض الطعام (غير الحامض) كل بضعة ساعات. لذلك خلال فترة الصيام الطويلة، فإن احتمال الإصابة بحموضة المعدة تزداد في حال عدم اختيار الأطعمة الصحيحة.
وأشار إلى أنه : يحرض الملح على العطش لذلك ينصح بتجنب الأطعمة المالحة ، كما أنه يجب التقليل من تناول الأطعمة الغنية بالدسم و الدهون و الكريما ، أو تناول الحلويات بعد الإفطار الغنية بالسكاكر، لا تؤدي فقط لزيادة الوزن بعد شهر رمضان، إنما ترهق الجسم! و تسبب اضطرابات هضمية مزعجة، تنعكس على كافة مجريات اليوم. نوه ” أخيراً الاعتدال في كل شيء خير. أسأل الله تعالى أن يتقبل منا و منكم، و يبارك لنا في شهر رمضان المبارك. و كل عام و أنتم بألف خير.
لقيمات الصلب و تنافس الموائد !
أفادت : خديجة عصمان علي زايد “استشارية نفسية وتربوية” من العادات والتقاليد المتبعة في المناسبات الاجتماعية هو التنافس في إعداد الكثير من الأكلات والتنوع فيها من قبل الأسر، وهذه العادة لازمت شهر رمضان والتي لا نقول في مجملها بأنها سيئة ، ولكن قد يبالغ الكثيرون في إعداد واقتناء المواد الغذائية وحتى تخزينها أكثر من باقي أشهر السنة.
أضافت : ويمكن تفسير هذه العادة نفسيا من خلال الجوع ، فمرحلة الصيام الطويلة تستدعي حاجة ملحة لإعداد أصناف عديدة من الطعام والشراب والتي تكون أحيانا” ضارة بالصحة أو غير مفيدة لجسم الصائم ،، فمثلا “اكثرة المقالي والحلويات والمشروبات الغازية والمصنعة تضر بالصحة وخصوصاً بعد مرحلة الصيام، حيث يكون الجسم في أضعف حالته، و احتياجه لايتعدى الأكل الصحي المنظم.
أكدت : على أن هذا الشهر مخصص للعبادة أولا” ومكافأة الإفطار للصائم وحصوله على الأجر بعد صيامه، لهذا نرجو أن نضع نصب أعيننا أن نتناول الأكل الصحي والمغذي في أصناف قليلة من الطعام وعدم المغالاة فيه امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه. وحديث المصطفى “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فتكون غاية الأكل والشرب الصحة والعيش وليس التباهي والمباهاة.
مايقوله الأطباء عن مائدة الصحة
أعرب ” أحمد أبوعزوم دكتور باطنة “بالنسبة للعادات الغذائية أولاً يتمثل جزء من ثلاثة أجزاء من أجل النمط الصحي المثالي باستثناء النظام الغذائي السليم ، ويشمل ممارسة الرياضة و شرب الماء بشكل كافٍ على فترات متقطعة هذه ثلاثة أجزاء لا تتجزأ من تشكيل النمط الصحي المثالي. بالنسبة للنظام الغذائي نحن مشكلتنا للأسف أن نعتمد في الغالب على الكربوهيدرات و النشويات في غذائنا والتي تتمثل في الخبز و الأرز و الكسكسي و المكرونة وغيرها.
أفاد ” أن النمط الصحي للحياة الغذائية لكي يكون مثاليا” لابد أن تتناول كمية و نوع الطعام حسب نسب محددة ، وفي في العادة يكون 50 إلى 55 % من مجمل الأكل كربوهيدرات. و 30 إلى 35 % بروتينات، 10 و 15 % دهون .
تابع ” في الأيام العادية دون الصيام نتناول 3 وجبات رئيسية وهي الإفطار و الغذاء و العشاء ، وهذا يضمن لحد ما تنوعا في الأكل ، ويساعد على التوازن في الأكل ، فمثلا إذا تناولنا كمية من النشويات لابأس بها في فترة الغذاء ، يفضل في العشاء أن نأكل وجبة بروتينية مثل شوربة الخضار و شوربة العدس ، و كذلك الأكلات الشعبية القديمة حيث كانت أمهاتنا يطهين “دشيشة وهرويشة سميد و بازين الشعير والفول والفاصوليا و البيض المطبوخ واللحوم البيضاء و الخضراوات بجميع أنواعها” وأحيانا” البطاطا الغنية بالنشويات والتي تعتبر من الكربوهيدرات ، ، وإذا تمت المحافظة على تنويعات الأكل السابقة الذكر ستكون أقرب للغذاء الصحي المثالي. واسترسل أبوعزوم ” بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة و نقص السيولة قد يتعذر تناول الفواكه و الخضراوات بشكل منتظم ، ورغم ذلك فالأشياء البروتينية ” مثل شوربة الحساء و الدشيشة مثل الهرويشة ” هذه الأشياء تعطي فائدة للجسم وفي نفس الوقت تحمي الشخص من عسر الهضم و اضطرابات المعدة و ليس لها أي تأثير جانبي وهي أكلات آمنة جداً .
معدة الصائم قبل وبعد التراويح
أكد على أنه ” في شهر رمضان يجب التركيز على نمط الأكل الصحي ولابد من تغيير ثلاث عادات غير صحية : أولا – بمجرد الأذان و دخول وقت الفطور بعض الأشخاص و بعض العائلات يتناولون الطعام بكمية كبيرة جداً على دفعة واحدة !
وفي هذه الحالة يسبب الطعام ضغطا على المعدة وينتج عنه عسر هضم يقود للتخمة ، وسيدخل أفراد العائلة في مشاكل “لها أول وليس لها آخر و كل ذلك بسب كثرة تناول الطعام.
و أفاد ” من حكمة الله سبحانه وتعالى أن الصيام يخفف مشاكل و اضطرابات المعدة و الأمعاء ، فالصيام صحي جدا ، و حتى تكتمل فائدته للجسم يجب الحفاظ على نظام غدائي صحي و مريح للمعدة ، بحيث يتم الفطور على بضع تمرات و كأس حليب و من ثم كأس عصير ، و بعدها يسمح للجسم بأخذ قسط من الراحة و بعد نصف ساعة أو حوالي 40 دقيقه يتناول الفرد وجبة خفيفة كما في عادة بعض العائلات التي تتناول وجبة العشاء بعد صلاة العشاء أو التراويح ، و من الأفضل للأشخاص الذين يتناولون وجبة دسمة بعد الإفطار مباشرة أن يتم تقسيمها إلى وجبتين ، جزء قبل التراويح و الثاني بعد الصلاة .
وتابع ” أن الصيام لساعات طويلة تتجاوز 14 ساعة يجعل المعدة في وضع راحة لفترة طويلة ، لذا لا يجب بتاتا تناول كميات كبيرة من الطعام، لأن ذلك يربك عمل المعدة ويسبب سوء هضم المواد الغذائية ، و تتردد علينا كأطباء باطنية عديد الحالات المتشابهة في رمضان والتي تعاني من هذه الحالة. من ضمن النصائح التي نقدمها للصائمين هي تناول وجبة رئيسية بروتينية مثل الشوربة و الحساء لأنها تسهل عملية الهضم ومفيدة و مغذية و مشبعة ولا تسبب أي مشاكل أو اضطرابات في المعدة و الأمعاء و بها أيضاً كمية كبيرة جداً من الفيتامينات و المعادن و الأملاح المفيدة. و تابع “كذلك ننصح بعدم الإكثار من النشويات و الكربوهيدرات الموجودة في الأطعمة مثل ” البراك و المبطن ” و غيرها من الأطباق التي تحضر في هذا الشهر الفضيل ، لأن التركيز على النشويات بشكل غير طبيعي ينتج عنه عدم هضم بعض الأجزاء بشكل جيد ، مما يسبب عسر الهضم و بمجرد أن يتخلص الجسم منها حتى تبدأ بالشعور بالجوع ، وحتى السحور يفضل في العادة أن يكون كربوهيدرات معقدة ذات ألياف مثل ” القصب و البسيسة فهي أطعمة مغذية مفيدة جداً ، أيضا يجب اعتماد أمر مهم في الغذاء و هو تعجيل الإفطار و التأخير في السحور وهذا وفق ما أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم، فكل ما تم تأخير السحور أفضل.
ختم ” إن العادات الخاطئة مثل تناول النشويات بكثرة وتناول الأطعمة بكمية كبيرة وفي أوقات متقاربة جداً ، تعتبر من الأخطاء الشائعة ، فلهذا يجب التركيز و الحفاظ على الوضع الصحي المثالي و شرب الماء بشكل معتدل و عدم الإكثار منه في فترات متقاربة ، على أن يتم شرب حوالي لتر ونصف اللتر بين الفطور والسحور ، و كما أنصح الأشخاص الذين يركزون على الأكل النشوي الدسم أن يمارسوا الرياضة وأداء صلاة التراويح التي تعتبر نوعا من الرياضة و ويمكن ممارسة رياضة المشي فالحركة فيها بركة.